أثار خبر تعرض مجموعة من الشبان بالضرب لنحو 50 ناشطاً خلال اعتصامهم امام مبنى السفارة السورية في منطقة الحمرا في بيروت تضامناً مع الشعب السوري، المخاوفَ من تطويق الحريات العامة في ظل تكرار حوادث الاعتداء على معتصمين في أكثر من مناسبة. وكان عدد من الناشطين اعتصموا عند الثامنة والنصف مساء أول من أمس أمام السفارة وأضاؤوا الشموع، ولم يكن أمامها سوى مجموعة من الحرس، عندما بدأ المتضامنون بالهتاف تأييداً للشعب السوري. ولم تمض دقائق حتى وصل عشرات الشبان حاملين العصي والسكاكين والأحزمة الجلدية وأسلاك المطاط وهتفوا «بالروح بالدم نفديك يا بشار»، رداً على هتاف المعتصمين «حريّة حريّة، ومن حماه لبيروت شعب واحد ما بيموت». وبعد قليل، انضمت الى مؤيدي النظام السوري مجموعة أخرى من نحو خمسين شخصاً قال ناشطون انهم أتوا من مركز حزبي مجاور تردد أنه للحزب السوري القومي الاجتماعي، وانضم اليهم آخرون من السفارة وجهات أخرى، قبل أن يبدأوا ضرب المعتصمين. وقال ناشطون ان دورية تابعة لقوى الامن الداخلي وصلت الى المكان متأخرة، غير انها لم تعتقل ايّاً من المهاجمين، وان كانت ساعدت في وقت لاحق في «تحرير» ناشطين احتجزهم المهاجمون في الطرق المجاورة. ووفق شهود، اكتفت قوّة من الجيش اللبناني وصلت الى المكان بتفريق بين الناشطين والمعتدين. وعلى رغم تفرق المعتصمين قاصدين المستشفيات المجاورة لنقل الجرحى في صفوفهم، لحق بهم عدد من «مؤيدي النظام» الى الطرق المجاورة. وتعرض ناشطون للضرب حتى بعد لجوء بعضهم الى محلات ومطاعم مجاورة. وأكد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في بيان أمس، أنه «بمعزل عن الشعارات أو العناوين أو الهتافات، من الضروري ان يبقى حق التظاهر السلمي ضمن الاصول القانونية المرعية الإجراء محفوظاً، وان تبقى مساحة حرية التعبير عن الرأي مصانة، لأنها تتلازم مع تعددية لبنان وتنوعه». وأضاف: «إن تحويل بعض شوارع أو أحياء أو مناطق بيروت الى مربعات امنية لا يفيد أحداً، فالعاصمة لكل اللبنانيين، وتحتضن كل الاتجاهات والتيارات السياسية والفكرية المتنوعة، كما ان احترام وسائل الاعلام خلال تأدية مهماتها ودورها في تغطية الاحداث السياسية يفترض ان يكون من المسلَّمات». ورأى أنه «قد يكون مفيداً لبعض الشخصيات الوزارية ان تتذكر هذا المبدأ، فالحريات الاعلامية توازي بأهميتها الحريات السياسية والعامة والشخصية، والحفاظ عليها وصونها مسؤولية القوى السياسية مجتمعة». ورأت مصادر متابعة ان جنبلاط قصد بالشخصيات الوزارية الوزير نقولا فتوش الذي توقف في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس عند ما وصفه بالتحريض الذي يمارسه بعض وسائل الاعلام اللبنانية على سورية، منتقداً «هذا السلوك غير المسؤول الذي يتسبب بالإساءة الى العلاقة مع دولة شقيقة»، وداعياً الى الالتزام بقانون الاعلام المرئي والمسموع. ودان عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري في تصريح أمس، «الاعتداء على متظاهرين سلميين من قبل حراس السفارة السورية وعناصر حزبية مسلحة»، معتبراً انه «يشكل سابقة خطيرة ويتنافى مع تقاليد العاصمة بيروت». وحمّل «القوى الامنية مسؤولية ما حصل»، وطالب وزارة الخارجية باستدعاء السفير السوري وتنبيهه الى خطورة تكرار مثل هذه الممارسات». وطالب «اتحاد «الشباب الديموقراطي» في بيان «القضاء والأجهزة الأمنية بتوقيف المعتدين».