اعتزلت مديرة مكتب قناة «العربية» في القاهرة رندة أبو العزم باكراً العمل في المصارف بعد تخرجها في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بسبب الروتين الذي يكتنف هذه المهنة لتلتحق ب «أم بي سي» عام 1995 مراسلة للقناة في القاهرة ثم مديرة للأخبار. ومع انطلاق قناة «العربية» عام 2003 تبوأت منصب مديرة مكتبها ومراسلتها الرئيسة في القاهرة. «في مكتب القاهرة نقسم العمل في ما بيننا، وغالباً ما أذكر الفريق بأننا حلقة وصل إذا انفصلت واحدة سيتعرض الجميع إلى السقوط، لأن العمل بروح الفريق يخلق التميز. من هنا فإن كلمة «إجازة» تكاد تكون ملغية من قاموسنا، خصوصاً مع تدفق الأخبار واشتعال الأحداث بين ساعة وأخرى في مصر، ما يشعرني يومياً وكأنني أمام امتحان يستلزم مذاكرة جيدة». بهذه الكلمات تجيب أبو العزم عند سؤالها عن آلية عمل مكتب أحد أكثر العواصم العربية أحداثاً. وعن توليها إدارة مكتب القاهرة على رغم تفضيل بعضهم إسناد مثل هذه المناصب إلى الرجال، تقول: «تعمل مجموعة «أم بي سي» منذ إنشائها بعقلية متفتحة قوامها جودة أداء الإعلامي أياً كان جنسه مانحة الأفضلية للأفضل خصوصاً رؤسائي ورفقاء الدرب نبيل الخطيب ونخلة الحاج». وتعتبر أبو العزم أن هجرة عدد من الكوادر الإعلامية المصرية إلى الفضائيات العربية تعود إلى إعطاء الإعلام غير الحكومي مساحات واسعة للتعبير عن الرأي من دون قيود أو محظورات فضلاً عن أن «مصر لها باع طويل في المجال الإعلامي ما يشجع أي فضائية عربية كبيرة على الاستعانة بالكوادر المصرية». وهل العنصر البشري أم المادي أم اسم المؤسسة هو أساس المحتوى الإعلامي، تجيب: «أداء المحطة هو الأساس لأنه يوجد أكثر من 400 قناة يستطيع المشاهد أن يختار منها ما يشاء وينتقل من محطة إلى أخرى في ثوان. لكن ما يميز محطة عن أخرى وما يدفع المشاهد إلى اختيار هذه القناة أو تلك هو أداء القناة وصدقيتها. لم نعد في عصر الستينات عندما كان يُقدم للمتلقي خطاب إعلامي واحد من محطة أو اثنتين ليس أمامه سواهما. كما أن الأموال وحدها لا تصنع محطة ناجحة لها قاعدة جماهيرية وأداء احترافي. المال عامل مساعد إذ توجد محطات عدة لديها موازنة ومع ذلك فإن أداءها ضعيف وباهت». وترى أبو العزم أن القنوات الإخبارية العربية أحدثت تأثيراً واضحاً في الساحة العربية ثم في الساحة العالمية، معلنة عن تواجد إعلام عربي رائد. وتشرح قائلة: «كانت قناة «سي أن أن» الأميركية لفترة طويلة مصدر المعلومات للمنطقة العربية، لكن المشاهد العربي سئم من عرض الأخبار والملفات المتعلقة بمنطقتنا من منظور أميركي بحت غير متعاطف مع قضايا المواطن العربي. لكن انطلاق القنوات الإخبارية العربية شكل وعياً كبيراً لدى المشاهد العربي حول ما يجري في منطقته وخارجها حتى إنه أضحى ملماً بمفردات الإعلام وتقنياته». وتضيف: «تطور الإعلام العربي أحدث تغييراً على المستويات كافة، ففي عام 1995 عندما كنت أطلب من مسؤول تسجيل 30 ثانية معه من اجل تقرير لدقيقتين ونصف كان يندهش جداً، لكن الآن أضحت الغالبية تفهم معنى «التقرير التلفزيوني». كما أن القنوات الأميركية والعالمية تتخذ من القنوات الإخبارية العربية مصدراً لما يحدث في المنطقة وتنقل عنها. ويكفي أن يعطي الرئيس الأميركي باراك أوباما أول حوار على مستوى العالم بعد توليه الرئاسة لقناة تلفزيونية عربية هي «العربية»، وكذلك هيلاري كلينتون أثناء زيارتها لشرم الشيخ ووزير خارجية بريطانيا ديفيد ميليباند. أضيفي الى هذا ان «سي أن أن» نقلت عن قناة «العربية» فعاليات قضية هشام طلعت مصطفى. فلو كانت قناة «العربية» مغمورة أو غير مؤثرة في المشاهد العربي لما اهتم القادة وصناع القرار حول العالم بإجراء حوارات معها». وعن مبدأ الشفافية في الإعلام العربي، تقول: «تعكس أي قناة بالطبع رؤية ما تؤمن به لكن هذا لا يعني تجاهل أو إبراز طرف على حساب آخر إذ يجب أن تكون كل الأطراف ممثلة بالتساوي والحكم النهائي للمشاهد، وهذا ما تتبناه «العربية». فعندما شن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هجوماً على «العربية» أذاعته القناة من دون أي تجاهل. وفي حرب غزة كانت كل الأطراف حاضرة على شاشة «العربية» سواء حماس أو فتح أو الجانب المصري، ما دفع المواطن المصري إلى متابعتها وليس النخب السياسية فقط لأنه لمس أنها ليست موجهة ضد بلده. وكذلك في حادث الحسين تهافت المواطنون على تسجيل شهادتهم مع العربية». وتشير أبو العزم إلى أن الشفافية تعني التأكد من الخبر بنسبة 100 في المئة قبل إذاعته ما يولد صدقية لدى المشاهد تجاه القناة. وتشير الى أن التلفزيون المصري الرسمي يجب أن يخلق حلقة وصل بينه وبين المشاهد المصري كونه الأكثر انتشاراً في مصر، وتقول: «أحترم في التلفزيون المصري اعترافه بوجود خلل أو نقص يضرب قطاعات عدة فيه، وبالفعل بدأوا في تخطي ذلك ولو على مستوى الشكل. لكن هناك حاجة إلى السماح بإنشاء قنوات إخبارية خاصة تتمتع بهامش حرية كبير وتنافس القنوات الإخبارية العربية حتى لا نستعيض عنها بمزيد من برامج الحوار».