تل أبيب- يو بي أي- كشف كتاب صدر في الولاياتالمتحدة أخيراً عن أن المنتج الهوليوودي ورجل الأعمال الإسرائيلي أرنون ميلتشين عمل في تجارة السلاح وعميلا للمخابرات الإسرائيلية واشترى عتادا لصالح المشروع النووي الإسرائيلي. وصدر الكتاب وهو عبارة عن سيرة حياة ميلتشين تحت عنوان "سري: حياة أرنون ميلتشين، عميل سري أصبح ثريا هوليووديا" وهو من تأليف الصحافيان مائير دورون وجوزيف غلمان. وذكر الموقع الالكتروني لصحيفة "هآرتس" أن الكتاب يوثق سيرة حياة ميلتشين المولود في مدينة حولون في وسط إسرائيل، وحتى إقامته علاقات صداقة مع رؤساء حكومات إسرائيل ورؤساء أميركيين وكبار نجوم هوليوود. ونشرت في الماضي معلومات بشأن خدمات قدمها ميلتشين لجهاز الأمن الإسرائيلي، لكنه كان ينفيها أو لا يعقب عليها، وهذه المرة الأولى التي يعترف فيها بصورة غير مباشرة بصحة المعلومات بشأن تعاونه مع المخابرات الإسرائيلية. ورغم أن المؤلفين يقولان إن هذه سيرة حياة غير رسمية لكن ميلتشين وافق على لقائهما والإجابة عن أسئلتهما وتصحيح أخطاء في المعلومات بشأن شخصيته. وكان أحد المصادر الهامة التي استند إليه المؤلفان، أن الرئيس الإسرائيلي الحالي شيمون بيرس، وهو صديق قريب من ميلتشين هو من جنده، ويقتبس الكتاب بيرس يقول "أنا الذي جندته للعمل في صالح جهاز الأمن". وحدث ذلك خلال سنوات الستينيات، عندما كان بيرس يتولى منصب نائب وزير الدفاع الإسرائيلي وعندما تولى منصب وزير الدفاع في سنوات السبعين. وقالت "هآرتس" إن بيرس جنّد ميلتشين كعميل مشتريات ل"مكتب العلاقات العلمية" وهو وحدة سرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية مهمتها شراء عتاد وتقنيات ومواد لصالح إنتاج السلاح النووي الإسرائيلي، لكن بسبب التعتيم الإسرائيلي على البرنامج النووي، فإن الصحيفة نسبت هذه المعلومات إلى تقارير أجنبية. وترأس هذه الوحدة السرية منذ تأسيسها في منتصف سنوات الخمسين ضابط الأمن في وزارة الدفاع بنيامين بلومبرغ، الذي أقيل في العام 1978 على بقرار من وزير الدفاع حينذاك عيزر وايزمان في أعقاب انتخابات العام 1977 التي صعد فيها حزب الليكود إلى الحكم للمرة الأولى. وبرر وايزمان إقالة بلومبرغ بأن "مكتب العلاقات العلمية" كان ضالعا في عمليات تحويل أموال غير قانونية إلى جهات عديدة وبينها حزب العمل الإسرائيلي. واستعان بلومبرغ بميلتشين ورجال أعمال إسرائيليين آخرين من أجل إقامة شركات وهمية في أنحاء العالم وفتح حسابات مصرفية سرية لتمويل صفقات لصالح المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا وبعد ذلك لصالح صناعات أمنية إسرائيلية أخرى. وكان اساس نشاط ميلتشين شركة "الأخوان ميلتشين" التي مثلت شركات دولية في المجال الكيمياوي في فلسطين منذ فترة الانتداب البريطاني. وإلى جانب، تشغيل رجال أعمال كعملاء عين "مكتب العلاقات العلمية" ملحقين علميين في السفارات الإسرائيلية في أنحاء العالم. وبعد إقالة بلومبرغ تم تعيين ضابط المخابرات الإسرائيلي رافي ايتان، الذي اصبح وزيرا لشؤون المتقاعدين قبل سنوات، وقد استمر ايتان بالاستعانة بخدمات بلومبرغ. ووفقا ل"هآرتس" فإن ميلتشين وبلومبرغ كانا ضالعين في علاقات سرية مع مسؤولين كبار في النظام العنصري في جنوب أفريقيا، ووثقا العلاقات في المجال النووي بين إسرائيل وجنوب أفريقيا. وفي سياق هذه العلاقات المتميزة، اشترت إسرائيل اليورانيوم الطبيعي وعتاد آخر من جنوب أفريقيا لصالح مفاعل ديمونا وتم استخدام أراضي جنوب أفريقيا لإجراء تجارب على صواريخ طويلة المدى من طراز "يريحو" الإسرائيلي الذي بإمكانه حمل رؤوس حربية نووية، وفي المقابل زودت إسرائيل جنوب أفريقيا بخبرات لتطوير برامجها الصاروخية والنووية خلال فترة نظام الأبرتهايد. وعمل ميلتشين طوال سنوات بشكل سري ومن دون كشف هويته لكن في منتصف سنوات الثمانين كشفت الجمارك الأميركية محاولة تهريب عتاد يمكن استخدامه بصورة مزدوجة، للأبحاث الطبية ولصناعة السلاح النووي، وقامت بعملية التهريب هذه شركة "ميلكو" التي يملكها ميلتشين. وقد تم اعتقال مدير عام الشركة ريتشارد سميث وإطلاق سراحه وهروبه إلى أوروبا لاحقا وتم الإعلان عنه كمجرم هارب من العدالة وتناقلت تقارير أنباء عن أنه يختبيء في إسرائيل، وفي العام 2001 تم اعتقاله في اسبانيا وترحيله إلى الولاياتالمتحدة لمحاكمته وأدين وسجن وأطلق سراحه في العام 2005. وفتح مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركية (أف بي آي) تحقيقا ضد ميلتشين لكن لم يتم تقديم لائحة اتهام ضده أبدا. ووفقا للكتاب، فإنه بعد تفجر قضية شركة "ميلكو" وعملية التهريب اتصل ميلتشين مع بيرس، الذي أصبح حينذاك رئيسا للحكومة، وطلب مساعدته والتوسط لدى إدارة الرئيس الأميركي رونالد ريغان. ونقل الكتاب عن ميلتشين قوله إنه لم يأخذ المال أبدا لقاء خدماته وأن نشاطه كان من أجل دولة إسرائيل. ويشار إلى أن لميلتشين أعمال في إسرائيل وهو شريك في ملكية القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلية مع رجل الأعمال اليهودي الأميركي ورئيس "الكونغرس اليهودي العالمي" رون لاودر ورجل الأعمال الإسرائيلي يوسي مايمان. وأنتج ميلتشين حتى اليوم أكثر من 100 فيلم في هوليوود بينها فيلم "امرأة جميلة" من بطولة جوليا روبرتس وريتشارد غير و"السيد والسيدة سميث" من بطولة براد بيت وأنجلينا جولي و"أسرار أل. ايه." وعمل مع كبار المخرجين مثل سيرجيو ليوني ومارتن سكورسيزي.