وجهت الولاياتالمتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا فجر اليوم (السبت)، ضربات إلى مواقع عسكرية عدة تابعة للنظام السوري في دمشق وريفها وفي حمص، وسط البلاد، رداً على هجوم بالسلاح الكيماوي شنه النظام على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، وأدى إلى سقوط أكثر من 60 قتيلاً وإصابة المئات بحالات اختناق في الأسبوع الماضي. وقالت وسائل إعلام سورية رسمية ومقربة من النظام، أن القصف الغربي المشترك استهدف «مركز البحوث العلمية ومطار المزة واللواء 41 للقوات الخاصة»، فيما أفادت أنباء باستهداف مواقع أخرى منها «مقار للفرقة الرابعة والحرس الجمهوري ومركز الجميرة العلمي في ريف دمشق». وأضافت المصادر نفسها أن الضربات استهدفت «اللواء 105 للحرس الجمهوري وقاعدة دفاع جوي في جبل قاسيون». وذكرت أن الضربات استهدفت أيضاً منطقة الكسوة في ريف دمشق، حيث أفادت أنباء أخيراً، بإنشاء إيران قاعدة عسكرية لها في هذه المنطقة. اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن الضربات الغربية التي شنّتها الدول الثلاث ضد مراكز ومقرات عسكرية فجر اليوم (السبت)، رداً على هجوم كيماوي اتهمت فيه دمشق بتنفيذه في دوما، «لن تزيد سورية والشعب السوري إلا تصميماً على الاستمرار في محاربة وسحق الإرهاب في كل شبر من تراب الوطن». وقالت «وكالة الأنباء السورية» (سانا) الرسمية اليوم، ان الدفاعات الجوية السورية تصدت لما وصفته ب «العدوان الأميركي - الفرنسي - البريطاني على سورية». وأضافت أن «العدوان الثلاثي استهدف مركز البحوث في برزة»، لافتة إلى أن «الدفاعات الجوية تصدت لعدد من الصواريخ استهدفت مستودعات للجيش العربي السوري في حمص». وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال اليوم في كلمة تلفزيونية: «أمرت منذ فترة وجيزة القوات المسلحة الأميركية بتوجيه ضربات دقيقة لأهداف مرتبطة بقدرات الديكتاتور السوري بشار الأسد في مجال الأسلحة الكيماوية». واعتبر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد ان «الضربة ستقلل من قدرة النظام السوري على إنتاج أسلحة كيماوية لفترة طويلة (...) ضرباتنا ستؤدي إلى استمرار تدهور قدرات سورية على استكشاف وتطوير واستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية». ودان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «بأقصى درجات الحزم الهجوم على سورية، حيث يساعد عسكريون روس الحكومة الشرعية في مكافحة الارهاب». وأعلن أن بلاده دعت الى اجتماع عاجل لمجلس الامن، للبحث في «الاعمال العدوانية للولايات المتحدة وحلفائها» في سورية. واعتبر بوتين أن الغربيين أظهروا «ازدراء وقحا» ب «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» التي من المفترض أن تبدأ اليوم تحقيقها في مدينة دوما، بتنفيذهم «عملية عسكرية من دون انتظار نتائج التحقيق». وكتبت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على حساب الوزارة على موقع «فايسبوك»: «تم توجيه ضربة الى عاصمة دولة تتمتع بالسيادة حاولت لسنوات طويلة الصمود وسط عدوان ارهابي»، وأضافت ان الضربات الغربية تأتي «بينما كانت لدى سورية فرصة لتتمتع بمستقبل سلمي». واعتبر السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنتونوف أن الضربات تشكل «إهانة للرئيس الروسي»، وستكون لها عواقب. وقال السفير في بيان «حذرنا من أن تصرفات مثل هذه ستكون لها عواقب»، مضيفا «تم تجاهل تحذيراتنا». وندد المرشد الايراني آيه الله علي خامنئي بشدة الضربات، واصفاً الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي ب «المجرمين». وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية كتب على حسابه على تطبيق «تيلغرام» اليوم: «نفذت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من دون ان تنتظر حتى موقفاً من منظمة حظر الاسلحة الكيميائية هذا العمل العسكري ضد سورية، وهي مسؤولة عن التداعيات الاقليمية لهذه المغامرة». وحمل «الحرس الثوري الإيراني»الولاياتالمتحدة المسؤولية عن تداعيات الأحداث المقبلة في المنطقة، وقال مساعد قائد الحرس يد الله جواني، في تصريحات الى وكالة «فارس»: «بعد هذا الهجوم سيصبح الموقف أكثر تعقيداً وستتحمل أميركا بالتأكيد الكلفة». وأضاف أن «أميركا ستكون مسؤولة عن تداعيات الأحداث المقبلة في المنطقة كلها، والتي لن تكون أبداً في مصلحتها». كذلك، دان «حزب الله» اللبناني الذي يقاتل الى جانب الجيش النظامي السوري، في بيان «العدوان الثلاثي على سورية الشقيقة». واعتبره «انتهاكا صارخا للسيادة السورية وكرامة الشعب السوري وسائر شعوب المنطقة»، مؤكدا أن «الذرائع والمبررات التي استند إليها أهل العدوان الثلاثي الجديد، واهية لا تستقيم أمام العقل والمنطق». وأكد «حزب الله» اللبناني أن حرب واشنطن ضد سورية لن تحقق أهدافها. وقال الحزب في بيان إن «الحرب التي تخوضها أميركا ضد سورية وضد شعوب المنطقة وحركات المقاومة والتحرر لن تحقق أهدافها». ودان «بأقصى شدة العدوان الثلاثي الأميركي -البريطاني – الفرنسي الغادر على سورية». من جهتها، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اليوم، أنها أجازت لقواتها المسلحة توجيه ضربات منسقة للنظام السوري، وقالت في بيان: «أذنت هذا المساء للقوات المسلحة البريطانية بالقيام بضربات منسقة وهادفة لتقليل قدرات الأسلحة الكيماوية للنظام السوري وردع استخدامها. نحن نقوم بهذا بالتوازي مع حلفائنا الأميركيين والفرنسيين». وأضافت قائلة: «سعينا لاستخدام كل قناة ديبلوماسية ممكنة لتحقيق هذا (إنهاء استخدام الأسلحة الكيماوية)، ولكن جهودنا تم إحباطها مراراً وتكراراً، لذا لا توجد بدائل عملية لاستخدام القوة». وأوضحت أن الضربة «لا تتعلق بتغيير النظام، إنها ضربة محدودة وموجهة لا تزيد من التوترات، وسترسل إشارة واضحة إلى أي شخص آخر يعتقد بإمكانه استخدام الأسلحة الكيماوية والإفلات من العقاب». ودعا وزير الدفاع البريطاني جافين وليامسون روسيا الى «ممارسة نفوذها» على دمشق لإنهاء الصراع الدائر، مؤكداً إن الضربات الصاروخية كان لها تأثير كبير في ما يمكن أن تفعله حكومة الأسد في المستقبل. وأكدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في بيان أن حكومتها «تدعم» الضربات ضد النظام السوري، معتبرة انها «تدخل عسكري ضروري ومناسب». وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في ليما، حيث يشارك في قمة الاميركيتين، إنه «يدعم قرار الدول الثلاث اتخاذ اجراءات لاضعاف قدرة النظام (السوري) على شن هجمات بأسلحة كيماوية على مواطنيه». وفي فرنسا، قال الرئيس إيمانويل ماكرون اليوم، إنه أمر بتدخل عسكري في سورية جنباً إلى جنب مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا في هجوم على ترسانة الأسلحة الكيماوية للنظام. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن العملية العسكرية «لا تهدف إلى إسقاط نظام الأسد بل إلى منعه من ارتكاب جرائم جديدة، وهو تحرك متناسب ودقيق ولا يستهدف حلفاء الأسد أو المدنيين». وأوضح لو دريان في مؤتمر صحافي مع وزيرة الدفاع الفرنسية أن «هذه العملية مشروعة ومحدودة الأهداف وهي التخلص من الترسانة الكيماوية السورية لمنع النظام من ارتكاب مجازر كيماوية جديدة، خصوصاً ان الحكومة قالت إنها تخلصت من مخزونها الكيماوي». وكان «حلف شمال الأطلسي» (ناتو)، أيّد أيضاً الضربات في بيان اليوم، قائلاً إنه سيقلل من قدرة النظام على مهاجمة شعب سورية بالأسلحة الكيماوية». وأعلنت الصين معارضتها «استخدام القوة» عقب الغارات الجوية الغربية على سورية، داعية إلى العودة «إلى إطار القانون الدولي». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونينغ في بيان «نعارض بشكل ثابت استخدام القوة في العلاقات الدولية، وندعو إلى احترام سيادة واستقلال وسلامة أراضي جميع الدول». الجيش السوري وكانت القيادة العامة للجيش السوري اعلنت أن دفاعاتها الجوية «أسقطت معظم الصواريخ التي أطلقها طيران العدوان الثلاثي» فجر اليوم على أهداف في دمشق وخارجها. وقالت في بيان: «عدوان ثلاثي غادر نفذته الولاياتالمتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا عبر إطلاق حوالى 110 صواريخ باتجاه أهداف سورية في دمشق وخارجها (...) منظومات دفاعنا الجوي تصدت بكفاءة عالية لصواريخ العدوان وأسقطت معظمها، في حين تمكن بعضها من إصابة أحد مباني مركز البحوث في برزة الذي يضم مركزاً تعليمياً ومخابر علمية، ولم تقع إصابات». وبينت القيادة العامة للجيش السوري أنه «تم حرف مسار الصواريخ التي استهدفت موقعاً عسكرياً قرب حمص وأدى انفجار أحدها إلى إصابة ثلاثة مدنيين بجروح». أما وزارة الدفاع الروسية، فأكدت أن «أكثر من 100 صاروخ مجنح للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وصواريخ جو - أرض استهدف منشآت عسكرية ومدنية في سورية من ناقلات بحرية أميركية وعبر الجو». وأضافت بأن «الدفاعات الجوية السورية تصدت لجزء كبير من الصواريخ قبل وصوله إلى أهدافها. وبأنه تم استهداف المنشآت السورية من قبل سفينتين أميركيتين من البحر الأحمر وطائرات تكتيكية فوق البحر المتوسط وقاذفات (بي-1 بي) من منطقة التنف». المعارضة السورية ووصف القيادي البارز في فصيل «جيش الاسلام» محمد علوش الضربات الغربية في سورية ب «المهزلة» مع استمرار بقاء الرئيس بشار الأسد في منصبه. وكتب في تغريدة أن «معاقبة أداة الجريمة وبقاء المجرم مهزلة». وحمّل رئيس «هيئة التفاوض السورية» المعارضة، نصر الحريري «المجتمع الدولي المسؤولية عن أي تصعيد انتقامي قد يقدم عليه النظام وحلفاؤه تجاه المدنيين في سورية». وقال الحريري في تغريدة على حسابه في موقع «تويتر»: «يتحمل المجتمع الدولي بشكل مباشر مسؤولية أي تصعيد انتقامي قد يقدم النظام وحلفاؤه عليه تجاه المدنيين في سورية رداً على ما تعرض له اليوم». وأضاف في تغريدة أخرى أن «الشعب السوري بحاجة إلى مقاربة دولية استراتيجية شاملة ودائمة تنقذه من وحشية النظام السوري، وتضمن وقف قتل السوريين وردع النظام عن استخدام السلاحين الكيماوي والتقليدي، وتؤدي إلى حل سياسي انتقالي يضمن خروج المعتقلين وعودة المهجرين وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات». وقال إن «نظام بشار الأسد المجرم والديكتاتوري تعهد منذ البداية حرق سورية إذا لم تقبل به رئيساً دموياً إلى الأبد، وها هو اليوم يستمر في تحقيق ما تعهده مبكراً». وكتب عضو الوفد المفاوض هادي البحرة على «تويتر»: «نوعية ضربات اليوم أرسلت رسالة واحدة للأسد، لا يمكنك الاستمرار في قتل الأطفال السوريين بالأسلحة الكيماوية، استخدم فقط الأسلحة التقليدية». الموقف الروسي ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حليف النظام السوري وداعمه الرئيس، معتبرا ان العمليات العسكرية الغربية تشكل «انتهاكاً لميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي وتمت بدون تفويض من مجلس الأمن، ما يعتبر انتهاكاً لميثاق الأممالمتحدة وقواعد ومبادئ القانون الدولي، وهو عمل من أعمال العدوان ضد دولة ذات سيادة في طليعة مكافحة الإرهاب». وأكد بوتين أن «تصرفات الولاياتالمتحدة تؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في سورية، وتثير موجة جديدة من اللاجئين وزيادة معاناة السكان المدنيين. سبعة أعوام تعذب الشعب السوري وهذا يثير موجة جديدة من اللاجئين من هذا البلد والمنطقة ككل». وكانت وزارة وزارة الخارجية الروسية اعلنت أن دمشق «قُصفت في اللحظة التي حصلت فيها البلاد على فرصة لمستقبل سلمي»، وحمّلت «وسائل الإعلام الغربية المسؤولية لان القصف على سورية تم استناداً إلى بياناتها». وفي انقرة، قالت وزارة الخارجية التركية إن الضربات الغربية كانت «رداً في محله» على الهجوم الكيماوي في دوما. ونقلت وكالة انباء «الأناضول» عن الوزارة قولها في بيان: «رحّبت الخارجية التركية بالعملية العسكرية التي ترجمت مشاعر الضمير الإنساني بأسره في مواجهة الهجوم الكيماوي على مدينة دوما، والمُشتبه بقوة في تنفيذه من قبل النظام»، مؤكدة أن «الهجمات العشوائية ضد المدنيين بأسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة الكيماوية، تُشكّل جريمة ضد الإنسانية». وشدّدت على أن «النظام يمارس الظلم على شعبه بالأسلحة التقليدية والكيماوية منذ أكثر من سبعة أعوام، ولديه سجّل ثابت في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، معتبرة أنه «ليس هناك شك في هذا الصدد لدى ضمير المجتمع الدولي». ولفتت إلى أنها «تولي أهمية بالغة لضمان معاقبة مثل هذه الجرائم وتأسيس آلية لمحاسبة المسؤولين، وذلك من أجل الحيلولة دون تكرار حوادث مشابهة». واعتبر العراق ان الضربات الليلية على سورية «فرصة جديدة لتمدد الارهاب الذي هزم في العراق وتراجع في سورية». وجاء في بيان وزارة الخارجية العراقية عن الناطق باسمها أحمد محجوب قوله، ان «الخارجية تعتبر هذا التصرف أمرا خطرا جداً لما له من تداعيات على المواطنين الابرياء». وأكد الاردن ان الحل السياسي هو السبيل الوحيد لضمان أمن ووحدة سورية، وقال وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية محمد المومني في تصريحات اوردتها «وكالة الانباء الاردنية» أن «هذه الأزمة وإذ تدخل عامها الثامن، فإن الحل السياسي لها هو السبيل والمخرج الوحيد وبما يضمن استقرار سورية، ووحدة أراضيها وأمن شعبها». وجدد على «موقف الأردن الثابت والداعي والداعم لحل الازمة السورية سياسيا»، موضحاً أن «الحل السياسي يحفظ وحدة الشعب السوري الشقيق، ويعيد الأمن والاستقرار لسورية»، محذرا من أن «استمرار العنف فيها يؤدي إلى المزيد من العنف».