انعكس القلق من أزمة الديون الأوروبية والعجز الأميركي والتضخم في الصين سلباً على أسواق المال والعملات الرئيسية. وتراجعت مؤشرات البورصات الدولية بدءاً من آسيا عبوراً بأوروبا حتى الولاياتالمتحدة التي بدأت تداولها متراجعة في بداية الأسبوع وليوم التداول الثاني. وما زاد الضغط على الأسواق توقعات بحاجة أوروبا الى مضاعفة حجم صندوق الإنقاذ الى المثلين أي نحو 1.5 تريليون يورو للتعامل مع الديون اليونانية وحتى الإيطالية مع بدء اقتناع المركزي الأوروبي بالحاجة الى تأمين تغطية جزئية لليونان والسماح بعجزها عن السداد في بعض سنداتها السيادية. وأكد الرئيس باراك أوباما أمس أنه لن يوقع على أي حل «مرحلي أو موقت» لمسألة الدين الأميركي، مشدداً على ضرورة الوصول الى اتفاق «شامل وطويل الأمد»، يحد من نسب الصرف وينهي في الوقت نفسه العفو الضريبي على الأغنياء بدءاً من عام 2013. وأشار أوباما، في مؤتمره الصحافي الثاني في أقل من أسبوعين في شأن الدين، أنه سيجتمع يومياً مع الجمهوريين طوال هذا الأسبوع تمهيداً للوصول الى اتفاق شامل. وقال: «لن أقبل بحل موقت عمره ثلاثة أو ستة شهور... الولاياتالمتحدة لا تدير أعمالها بجداول مرحلية». وكان أوباما والمشرعون الجمهوريون والديموقراطيون واصلوا اجتماعاتهم، التي استهدفت تضييق الفجوة بينهم، للوصول الى «صفقة كبرى» تقود الى رفع سقف الدين وتفادي انهيار كامل في الثاني من آب (أغسطس) المقبل. ولا تزال الهوة واسعة لتباين الموقف حول حجم الصفقة ومسألة زيادة الضرائب على الأثرياء من أفراد وشركات مقابل اقتطاع إنفاق الموازنة على بعض البرامج الاجتماعية. وعقد أوباما اجتماعاً، مع قيادتي الحزب الجمهوري المعارض والديموقراطي في الكونغرس استغرق 75 دقيقة ليل الأحد - الاثنين وآخر ليل أمس للبحث في أفق مشروع رفع سقف الدين العام الى نحو 14.3 تريليون دولار. وسيعني الفشل في التوصل الى اتفاق قبل الثاني من آب عجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها الى القطاع الخاص والى مستثمرين محليين وأجانب، وبالتالي الدخول في أزمة اقتصادية ضخمة قد تصل تداعياتها الى السوق العالمية. وتبددت أجواء التفاؤل، التي سادت محادثات الأسبوع الماضي مع تراجع زعيم الجمهوريين في مجلس النواب جون باينر عن السعي الى «صفقة كبرى» تقضي بخفض ما قيمته أربعة تريليونات دولار وفرض إصلاحات ضريبية تشمل إنهاء العفو الضريبي عن الأثرياء، الذي كان بدأه الرئيس السابق جورج بوش واستكمله أوباما بسبب الأزمة الاقتصادية. وجاء تحفظ باينر عن مسألة الضرائب كونها تمس القاعدة اليمينية المتشددة ومواجهته معارضة شرسة في أركان الجمهوريين خصوصاً بعد صدور تقرير البطالة الجمعة الماضي الذي سجل ارتفاع نسبة العاطلين من العمل الى 9.2 في المئة. ويرى الكثير من الجمهوريين أن زيادة الضرائب ستؤخر فرص إيجاد الوظائف وتحسين سوق العمل، ولن يحفز الشركات الضخمة على استعادة الثقة بالاقتصاد. غير أن أركان إدارة الرئيس أوباما يرون في زيادة الضرائب على الطبقة الثرية أمراً ضرورياً لزيادة الدخل العام بهدف حل مسألة العجز في المدى الأبعد. وكان هذا التنازل من الجمهوريين، سيُجبر أوباما على تقديم تنازلات مقابلة لخفض بعض البرامج الاجتماعية مثل الطبابة والضمان الاجتماعي، ما كان سيثير حفيظة القاعدة الليبرالية.