أخذت معضلة سقف الدين الأميركي منعطفاً محورياً أمس، بعد لقاء في البيت الأبيض بين الرئيس باراك أوباما وقيادتي الحزبين في الكونغرس، أعطى الطرفان فيه مؤشرات الى الخروج من المأزق ومن خلال وضع الادارة خطة لخفض الانفاق بنسبة أربعة تريليونات دولار في العشرة أعوام المقبلة، وتلميح المعارضة الجمهورية بقبول انهاء العفو الضريبي عن الأثرياء والشركات الضخمة. وفي اجتماع تجاوز الساعتين، بحث أوباما وقيادتي الحزبين الجمهوري والديموقراطي، في أفق مشروع رفع سقف الدين المتوقع (معدل 14.3 تريليون دولار) اذ أن الفشل في اقرار ذلك قبل الثاني من آب (أغسطس) المقبل سيعني عجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها للقطاع الخاص والى مستثمرين محليين وأجانب، وبالتالي الدخول في أزمة اقتصادية ضخمة قد تصل تداعياتها الى السوق العالمية. وكشف مسؤولون أميركيون لصحيفة «واشنطن بوست» أن أوباما عرض في اجتماع امس تنازلات جديدة تشمل خفض الانفاق في قطاعات عدة بينها الضمان الصحي وطبابة الشيخوخة، ما قد يمهد الى ضبط انفاق ما مجموعه 4 تريليونات دولار في السنوات العشر المقبلة. ومن المتوقع أن تُساعد هذه النسبة في اجتذاب الجمهوريين، الذين أبدوا بدورهم استعداداً لقبول بعض المراجعات الضريبية على الأثرياء وانهاء العفو الضريبي الذي منحه الرئيس السابق جورح بوش الى طبقة النخبة والشركات الضخمة. وكانت نسبة العجز وصلت الى 4.36 تريليون دولار مع بوش بسبب أعباء حربي العراق وأفغانستان، وزاد عليها ثقل الأزمة الاقتصادية في 2008، وبعد وصول أوباما اضيفت اليها 3.9 تريليون دولار معظمها لضخ اموال في الاقتصاد وانقاذ شركات ومصارف كانت على حافة الهاوية. ويسعى أوباما الى الخروج بصفقة كبيرة لسقف الدين خلال أيام وتفادي أزمة اقتصادية ضخمة. ويتطلب الأمر موافقة الكونغرس على رفع سقف الدين، المنقسم ببين جمهوريين يعارضون زيادة الضرائب على الأثرياء، وديموقراطيون لا يحبذون خفوضات ضخمة في البرامج الاجتماعية. ويحاول أوباما التموضع في موقع الوسط لجذب دعم من الحزبين، والخروج بمكسب سياسي واقتصادي سيساعده في انتخابات 2012. غير أن بعض الجمهوريين يتطلعون الى صفقة أصغر ترفع سقف الدين من دون أن تعطي أوباما زخماً سياسياً كبيراً.