سجّل سعر الروبل في مقابل الدولار واليورو أضخم تراجع منذ العام 2014، نتيجة تشديد واشنطن عقوبات على موسكو، شملت «أوليغارشيين» بارزين وشركات وشخصيات سياسية. وسعت السلطات المالية والنقدية الروسية إلى تهدئة مخاوف المستثمرين، مع تهاوٍ في مؤشرات سوق المال، وألغت وزارة المال مزاداً لبيع سندات روسية. وطالب خبراء بفصل السياسة عن الأعمال، وأكد الكرملين أنه لن يتخذ قرارات متسرعة في شأن الردّ على العقوبات الأميركية، فيما أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أن بلاده ستفرض في غضون أيام عقوبات على «أوليغارشيين» روس «تنسجم» مع اللائحة الأميركية. وخسر الروبل نحو 6.9 في المئة من قيمته، وهذا أكبر تراجع في يوم واحد منذ كانون الثاني (ديسمبر) 2014. وارتفع الدولار بنحو 4 روبلات ليصل إلى 62.37 روبل، فيما تجاوز سعر اليورو 78 روبلاً، للمرة الأولى منذ 6 نيسان (أبريل) 2014. كما واصلت سوق المال الروسية تهاويها، لليوم الثاني على التوالي، فتقلّصت بنسبة 11.4 في المئة، في أفدح خسارة منذ آذار (مارس) 2014، موعد ضمّ موسكو شبه جزيرة القرم. واضطرت وزارة المال الروسية، للمرة الأولى منذ نحو سنتين ونصف السنة، إلى إلغاء طرح سندات خزينة في مزاد علني كان مقرراً اليوم، وبررت قرارها ب «ظروف غير مواتية للسوق». وأقر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بصعوبة المرحلة، معتبراً أن الوضع في البورصة «سلبي جداً». واستدرك عازياً الأوضاع الصعبة «جزئياً إلى ردود فعل نفسية»، مؤكداً أن بوتين والحكومة «يعملان على ضبط الأمور لحظة بلحظة». وسُئل عن ردّ موسكو على تشديد واشنطن عقوباتها، فشدّد على «ضرورة وضع مصلحة البلاد حجر زاوية في أي قرار، والامتناع عن اتخاذ قرارات متسرعة، لأن الوضع معقد». وتتوافق رؤية الكرملين مع رأي وزير المال السابق أليكسي كودرين، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجي، الذي وضع أخيراً خطة اقتصادية لبوتين. ورأى كودرين «وجوب فصل السياسة عن قطاع الأعمال، فالقطاع الخاص الأميركي يقدّم لروسيا استثمارات وتقنيات حديثة، ولذلك فإن فرض عقوبات مقابلة ليس في محله». وتوقع أن «تشهد الأسواق الروسية تقلبات، لكنها ستستعيد سريعاً استقرارها». في المقابل، قلّلت محافظة المصرف المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا من أخطار ما تشهده أسواق المال والعملات في بلادها، وانعكاسه على استقرار نظامها المالي، معتبرة أن العقوبات الأميركية الأخيرة سبّبت «تصحيح» أوضاع السوق. ولفتت إلى أن لدى المصرف المركزي «مجموعة ضخمة من الأدوات يمكن استخدامها في مختلف الحالات، إذا مسّت خطورة استقرار النظام المالي للبلاد». وذكرت أن «في طليعة هذه الأدوات سعر الفائدة، ما يحدّ من تأثير العقوبات الأميركية». وبرّر نائب رئيس الوزراء الروسي أركادي دفوركوفيتش انهيار الأسواق إلى «شكوك كبرى أثارتها العقوبات الأميركية لدى المستثمرين»، مشدداً على «وجوب العمل للحدّ منها». ورأى أن «أهم ما ينبغي القيام به الآن هو خفض هذه الشكوك، والبداية تكون مع تأمين عمل مستقر وهادئ في الشركات المشمولة بالعقوبات، والتي يعمل فيها آلاف من الموظفين».