اتجهت الفضائيات المصرية، في الآونة الأخيرة، إلى إنتاج برامج سياسية متجاهلة برامج المنوعات وذلك لأسباب عديدة من أبرزها أن ثورة 25 كانون الثاني (يناير) زادت من درجة الوعي السياسي لدى المشاهد، كما أن برامج المنوعات باتت تحتاج إلى ثورة تصحيح في الأفكار والموازنات الإنتاجية وكذلك أجور النجوم الذين يظهرون فيها. في هذا الإطار يرى الإعلامي طارق علام أن ثورة يناير حولت «إهتمام الجمهور إلى البرامج السياسية ومتابعة الأخبار، وبالتالي فإن من المنطقي أن تتراجع إهتمامات الجمهور ببرامج المنوعات والمسابقات والمواد البرامجية الخفيفة كما أن زيادة كلفة إنتاج هذه البرامج المنوعة جعلت الفضائيات تتجاهلها خصوصاً في ظل إصرار نجوم الفن على تقاضي أجور مرتفعة نظير الموافقة على استضافتهم». ويؤكد علام أن البرامج السياسية تكلفتها الإنتاجية أقل ولذلك فإن إنتاجها في ازدياد مستمر و»الفترة المقبلة ستشهد المزيد ولكنها قد تصيب المشاهد بالملل ولذلك فهو في حاجة ماسة إلى برامج خفيفة تقلل من حدة توتره». في المقابل تقول المذيعة نجلاء بدر التي تمتلك تجارب عدة في برامج المنوعات من خلال عملها في mbc والتلفزيون المصري، أن «البرامج التي تمتزج فيها المعلومات الهادفة التي تعتمد على الأفكار البسيطة يمكن أن تجد صدى عند المشاهد في الفترة المقبلة، أما الأفكار السطحية والبرامج التي تستخف بعقول المشاهدين فمن الصعب أن تحقق أي مردود». وتضيف: «من الطبيعي أن يتغير ذوق المشاهد بعد ثورة يناير، كما أن نجوم الفن عليهم أن يتساهلوا في أجورهم التي يحصلون عليها من البرامج التلفزيونية، حتى تتمكن الفضائيات من تغطية مصاريف إنتاج برامجها بعد تراجع الإعلانات بشكل ملحوظ». عامل القيمة الفنبة الفنانة داليا مصطفى توافق نجلاء في الرأي موضحة أن الأجر المادي الذي يتقاضاه النجوم لا يمكن أن يكون سبباً رئيساً لموافقته على الظهور في برنامج ما، «هناك عوامل أهم من أبرزها قيمة البرنامج ونسبة مشاهدته ولذلك فإن برامج التوك شو مثل «العاشرة مساء« و «القاهرة اليوم» و «90 دقيقة» لا تدفع مقابل للنجوم لأنها تحمل قيمة كبيرة وجماهيرية عريضة». وتؤكد داليا أن درجة الوعي السياسي عند الجمهور «زادت بنسبة ملحوظة والحال نفسها بالنسبة للفنانين لأنهم شريحة من المجتمع، وبالتالي لا بد من الاستفادة من ذلك والتفكير في إنتاج برامج منوعات جديدة في شكلها، وتحمل مقداراً كبيراً من العمق والتحليل ولها رؤية حياتية مختلفة. للمطربة مي كساب رأي مختلف، فحواه أن المشاهد سيمل إذا كان المحتوى البرامجي الذي يشاهده طوال الوقت يميل إلى جوانب اقتصادية وسياسية بحتة، ومن الطبيعي أن يتابع برامج منوعة خفيفة خصوصاً تلك التي تعتمد على الشباب. وليس من الضروري أن يتم التركيز على نوعية معينة من الضيوف، فهناك نجوم في حياتنا أفرزتهم الثورة وهؤلاء هم الشباب، ولا بد من إبراز رؤيتهم وثقافتهم وخفة دمهم أيضا وهم لا يجدون الفرصة في التلفزيون لذلك يتجهون لشبكة الإنترنت. وترفض مي المغالاة من جانب بعض الفنانين في طلباتهم المادية للموافقة على ظهورهم في البرامج التلفزيونية، لأن الجمهور هو الذي صنع نجوميتهم وبالتالي فإن من المنطقي أن يتابعهم عبر هذه البرامج، ليعرف ملامح حياتهم الشخصية، ولا بد من الموافقة الفورية على برامج التلفزيون المصري من دون شروط تعجيزية من أجل المساهمة في نهوضه. الإعلامي عمرو رمزي الذي اشتهر في برنامج «حيلهم بينهم» يؤكد رفضه التام لبرامج المنوعات التي تعتمد فكرتها الأساسية على مواضيع لا تمت بصلة إلى واقع المجتمع المصري. ويضيف: «الإعلام التلفزيوني ينبغي أن تتغير ملامحه خلال الفترة المقبلة، لأن ميول المشاهد اختلفت، ولا بد من احترام رغبته في الارتقاء بالشاشة، والسياسة التي كانت تقوم عليها برامج المنوعات لا تصلح في هذه المرحلة، لأنها كانت تعتمد على أسماء النجوم بغض النظر عن المضمون، وهناك ملايين من الجنيهات أهدرت في برامج سطحية لا قيمة لها». اما الفنانة دنيا سمير غانم فتوضح أن البرامج المنوعة الهابطة تستفز الجمهور خلال الفترة الحالية، لأن ثورة يناير لم تشمل الحياة السياسية المصرية فقط، ولكنها امتدت إلى مختلف نواحي الحياة ومنها بالطبع التلفزيون، كما أن هناك أحداثاً سياسية واقتصادية واجتماعية يومية على الساحة المصرية، والجمهور يفضل متابعتها على التركيز في برامج تعتمد على الضحك والرقص والغناء الهابط. وتطالب دنيا مسؤولي الفضائيات المصرية بابتكار أفكار برامجية جديدة، وعدم الانسياق وراء سياسة «استنساخ برامج غربية لا تصلح للشارع المصري أو العربي، لأنها بعيدة عن ثقافته ووعيه السياسي الذي يعيش فيه حالياً كما أن المنافسة بين الفضائيات قد تجبرها علي التميز وتقديم أفكار برامجية جذابة».