بدأت بطولة كوبا أميركا بالأرجنتين، وكأن هذا البلد لم ينجب مارادونا وميسي وتيفيز وأغويرو، ولا حاز كأس العالم مرتين، ولا قدّم للعالم اثنين من أبرز المدربين هما سيزار مينوتي صاحب مقولة إن كرة القدم في أميركا الجنوبية تلعب كالشعر أما في أوروبا فهي عبارة عن نثر.. وكارلوس بيلاردو الذي عرف بانتقاده مارادونا.. بدأت البطولة، وكأن الأرجنتين، لا تملك واحداً من أقوى الدوريات في العالم وأشدّها إثارة، ولا تشكِّل فيها أندية ريفر بلات، وبوكا جونيور وأولد بويز، خزّاناً للنجوم واللاعبين الموهوبين. بدأت البطولة متعثرة في تنظيمها، وكأن الناس غير مهتمّين بالحدث، أو أنّهم مدركون لما سيكون عليه منتخبهم بقيادة ميسي وبانيغا.. فنسي المنظمون عزف أناشيد بلدان مشاركة، وقالوا إنّ هناك أخطاء فنيّة (..) لم يقدّروا حجم أضرارها السياسية. في الصيف تتجه الأنظار إلى سوق تنقلات اللاعبين، وترتفع حمّى البورصة في ملاعب الشرق والغرب، ولكنّ هذه المرة تكون كوبّا أميركا، السوق الأفضل، لانتقاء اللاعبين الأكثر جاهزيّة، والأقلّ سعراً في البداية.. ولعلّ الكثير يصرف النظر عن ميسي بالذّات فهو مرتبط بالبارشا، لكنّ البارشا لم يصرف النظر عن نيلمار البرازيلي.. وصارت أسماء لاعبي بوليفيا وكولمبيا محلّ اهتمام أندية أوروبا، لما يتوافرون عليه من مهارات احترافية عالية، وقدرة في جعل استثمارات الجلد المنفوخ ذات مردودية كبيرة، طالما يبدأ بالجُملة وينتهي بالمفرّق (..) فالأندية الإنكليزية والإسبانية والفرنسية تباع اليوم كأي فندق في شارع فاخر في لندن أو باريس، أو إشبيلية.. وبقدر ما تحققه هذه الصفقات من كسب مالي، تكون مقرونة بشهرة إضافية، إن لم تكن الهدف من الاستثمار أصلاً. فكوبا أميركا التي انتقدت كثيراً، لمستوى التنظيم العادي، إن لم يكن أقلّ من العادي، جعل الملاحظين يتساءلون عن السبب في عدم إيلاء حدث مهم في موطن كرة القدم، العناية اللازمة، لا شعبياً ولا رسمياً ولا إعلامياً.. بينما كان الاهتمام الأكبر من المنتخبات المشاركة، التي بلغ الاستثمار فيها سياسياً إلى حدّ تنظيم تجمّعات شعبية يحضرها الزعماء (..) في وقت بلغ فيه الغليان أشدّه، بسبب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية. فهل يمكن القول بأنّ الكرة يمكنها أن تكون جزءاً من الحلّ في بلد، بينما تكون جزءاً من المشكلة في بلد آخر.. فالأرجنتينيون ثائرون على منتخبهم بسبب سقوط نادٍ عريق بحجم ريفر بلات إلى دوري الجحيم في الدرجة الثانية، وهو أحد أعمدة الدوري الأول، فدفع المنتخب فاتورة غضب جزء من الجماهير، زاد الطين بلة الأداء غير المقنع للمنتخب الفضي بنجومه، في دياره. أما منتخب فنزويلا، فكان أكثر ممارسة للسياسة حين لعب تحت شعار التعاطف مع تشافيز العائد من رحلة علاج إلى كوبا.. فكان اللاعبون يصلّون لرئيسهم وهو يطلّ من شرفة في لاباز.. أما الرئيس البوليفي إيفو موراليس فانتقل إلى الأرجنتين ليكون سنداً لمنتخب بلاده، قاهر الأرجنتين.. مستثمراً في الكرة بامتياز، معلناً حقّه في الانحياز. أمّا بقيّة العالم، فأعينهم شاخصة في بطولة كأس العالم للسيّدات، حيث تبدع سيدات البرازيل والسويد وألمانيا.. وأخشى أن يأتي يومٌ يحدث فيه الاندماج بين الجنسين، بعد أن صارت النساء بارعات في التعامل مع الجلد المنفوخ، بمهارة ميسي وقوة زيدان.. ووسامة بيكام. [email protected]