صعّدت القوات النظامية السورية في شكل عنيف ضرباتها على غوطة دمشقالشرقية وقتلت أكثر من 71 مدنياً خلال الساعات ال24 الماضية، ما شكّل تمهيداً لمعركة حاسمة لطرد فصائل المعارضة الناشطة في المنطقة المحاصرة، والتي تؤكّد رفضها خوض أي «مفاوضات» مع النظام في شأن انسحاب مسلّحيها. وفي جبهة عفرين شمال غربي البلاد، تسارعت عمليات الجيش التركي استباقاً للانتشار المرتقب لعناصر رديفة للقوات النظامية، اذ تسعى تركيا إلى السيطرة على الشريط الشمالي من عفرين على طول 50 كيلومتراً، وبالتالي ربط مناطق تقدمها في مثلث الحدود التركية– عفرين– لواء إسكندرون. وبعد أن حدّدت أنقرة شروطاً صعبة لقبول دخول قوات تابعة للنظام السوري إلى منطقة عفرين، تدخّل الكرملين في شكل مباشر عبر اتصال بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، خصوصاً إثر تأخر تنفيذ اتفاق نشر «القوات الشعبية» في المنطقة. ونقلت وسائل إعلام تركية عن أردوغان قوله لنظيره الروسي إن «دمشق ستواجه عواقب» إذا أبرمت اتفاقاً مع «وحدات حماية الشعب» الكردية ضد العملية العسكرية التركية. وأفاد بيان الكرملين بأن أردوغان وبوتين ركّزا خلال بحثهما الوضع في سورية على قضايا تعزيز التعاون وفقاً لصيغة آستانة، والتأكيد على الاستعداد للتنسيق الوثيق لجهود روسياوتركيا وإيران من أجل ضمان الأداء الفعّال لمناطق خفض التصعيد ودفع العملية السياسية»، كما كشف البيان أن الجانبين بحثا الأوضاع في عفرين. وسبق ذلك تحذير أطلقه وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو من مغبة دعم القوات السورية المقاتلين الأكراد خلال المعارك الدائرة مع قوات «غصن الزيتون». وقال جاويش أوغلو إن «أحداً لا يستطيع وقف الجنود الأتراك» في حال كان هدف الانتشار حماية «حزب الاتحاد الديموقراطي». في غضون ذلك، أبدى رمزي عز الدين رمزي، نائب المبعوث الأممي إلى سورية، أمله بالتوصل إلى اتفاق في شأن عفرين. وأعرب عن اعتقاده بإمكان «التوصّل إلى اتفاق يكفل حماية مصالح وأمن الجميع، بما في ذلك تركيا، وفي الوقت ذاته يحافظ على الهدف المشترك المتمثل في صون وحدة أراضي سورية». وأشار إلى أن نزع التوتر في عفرين إذا تحقق، سينعكس إيجاباً على مناطق سورية أخرى وقد يشكل «انطلاقة لعملية جديدة تقود سورية في اتجاه أكثر صحة». وتستعد «القوات الشعبية» الرديفة للقوات النظامية السورية للدخول إلى منطقة عفرين «خلال ساعات»، كما أفادت وسائل إعلام سورية رسمية أمس، تنفيذاً للاتفاق غير المُعلن حتى الساعة الذي توصّلت إليه دمشق مع المقاتلين الأكراد بوساطة روسيا، الذي لا تزال بعض ملامحه غير واضحة خصوصاً لجهة مناطق انتشار القوات الرديفة وطبيعة مهماتها، إلى جانب مسألة احتفاظ القوات الكردية بأسلحتها الثقيلة. وكشف القيادي الكردي البارز بدران جيا كرد الذي يعمل مستشاراً ل «الإدارة الذاتية» الكردية في شمال سورية، أنه كان من المفترض أن يتم إعلان الاتفاق رسمياً أمس، إلا أن «ضغوطاً خارجية» قد تحول دون أن يمضي قدماً. وتحدّث عن وجود «معارضة» من شأنها منع تنفيذ الاتفاق، وأضاف: «لا نعلم إلى أي درجة ستكون هذه التفاهمات صامدة لأن هناك أطرافاً غير راضية وتريد إفشالها. ولكننا منفتحون على الحوار مع كل الجهات التي ترغب في حل الأزمة بالسبل السياسية». وأوضح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن أن «القوات الشعبية» التي أعلن عن انتشارها قريباً في عفرين، «تشمل ميلشيات موالية للنظام وليست من الجيش النظامي». وأضاف أن حتى اللحظة لم يتم الانتشار في شكل رسمي «على رغم دخول عدد من الحافلات التي تقل مسلحين موالين للنظام إلى عفرين»، مرجحاً أن يكون هدفها الأساس «وقف القصف والتقدم التركي» في المنطقة. في سياق آخر، نقلت وكالة «تاس» الروسية عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قوله أمس، إن وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا سيلتقون في كازاخستان خلال أسبوعين للإعداد لقمة في إسطنبول في شأن سورية، من دون أن يقدم تفاصيل.