تفاقم الوضع الميداني أمس على الحدود التركية– السورية، حيث رفع الجيش التركي حال تأهبه إلى أعلى مستوى وتبادل إطلاق النار مع المقاتلين الأكراد شمال سورية، ما يشير إلى تصاعد احتمالات شن عملية عسكرية تركية في المنطقة. وشددت التصريحات التركية على التمسك بشن عملية في عفرين ومنبج في ريف حلب، إذ أكد وزير الخارجية التركي أحمد جاويش أوغلو أن أنقرة ستتدخل في شمال سورية، فيما دخل النظام السوري على خطّ التصعيد، محذراً تركيا من اجتياح عفرين ومهدداً ب «تدمير» طائراتها. وتبادلت أنقرة والوحدات الكردية الاتهامات بإطلاق النار أمس. وأفادت وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية بإطلاق الجيش التركي قذائف هاون على مواقع المقاتلين الأكراد «ردّاً على مصادر النيران من الجهة الأخرى للحدود». واستهدف الجيش التركي بقصف مدفعي مواقع «الوحدات الكردية» في قرية كفرناصح جنوب مدينة تل رفعت، إضافة إلى مقارّ لها في محيط مطار منغ العسكري وجبال زور مغار بمنطقة جرابلس. واستهدفت المدفعية الثقيلة التركية المتمركزة على الحدود السورية– التركية في ولاية هاتاي، الأحد الماضي، بأكثر من 40 قذيفة مدفعية قرى باصوفان وجنديريس وراجو ومسكنلي التابعة لمدينة عفرين، في ظل استمرار التعزيزات العسكرية التي تدخل في إطار التجهيز لعمل عسكري تركي محتمل في عفرين. في غضون ذلك، أزال الجيش التركي أجزاء من الجدار الحدودي في 12 نقطة على الحدود التركية مع عفرين، كما أرسل من الآليات العسكرية إلى ولايتي هاتاي وكليس الحدوديتين. وذكرت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي تتشكل في شكل رئيس من وحدات كردية، إن قرية زور مغار غرب مدينة كوباني تعرضت إلى قصف تركي مكثف. ونشرت صوراً لتعزيزات من قوات «مجلس منبج العسكري» في طريقها إلى الجبهة الشمالية والغربية لمدينة منبج والتي هددت أنقرة بشن عملية عسكرية فيها. إلى ذلك، ذكرت قناة «خبر تورك» أن الجيش التركي نسق مع فصائل من «الجيش السوري الحر» تكتيكات عسكرية ل «تطهير» عفرين من «وحدات حماية الشعب» الكردية. ولفتت القناة التركية إلى أن هيئة الأركان العامة نشرت على طول الحدود مع سورية البطاريات المدفعية المزودة بمدافع ذاتية الحركة وصواريخ. وفي تحذير لأنقرة، أعلنت دمشق أن القوات النظامية السورية «ستتصدى على الفور لأي هجوم تشنه القوات التركية على الأراضي السورية في عفرين». وقال نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد إن دمشق «ستواجه أي تحرك تركي عدواني وشن أي عمل عسكري يطاول الأراضي السورية بالتصدي الملائم». وفي بيان تلاه أمام الصحافيين في وزارة الخارجية السورية في دمشق، حذر المقداد «القيادة التركية من بدء أي عمل عسكري في منطقة عفرين»، مؤكداً «أننا سنعتبره عدواناً يشنه الجيش التركي على أراضي سورية». ولفت المقداد إلى أن «قوات الدفاع الجوي السورية استعادت قوتها الكاملة وهي جاهزة لتدمير الأهداف الجوية التركية في السماء السورية». وذكر أن «المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية من سورية، وعفرين خصوصاً، كانت منذ الأزل، وستبقى أرضاً عربية سورية». وأتت هذه التطورات غداة إعلان مجلس الأمن القومي التركي جاهزية تركيا لمواجهة المقاتلين الأكراد، وتأكيده أن أنقرة جاهزة لاتخاذ «أي خطوات ضرورية» ضدهم «لضمان أمن حدودها». وأفاد بيان لمجلس الأمن القومي التركي بعد اجتماعه برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان أول من أمس، بأن تركيا «جاهزة في شكل فوري وحاسم لاتخاذ الخطوات المطلوبة للقضاء على التهديدات التي تأتي من سورية». وأرسلت أنقرة في الأيام الأخيرة عشرات العربات العسكرية إلى الحدود، وسط تكرار مسؤوليها تهديداتهم بشن عملية عسكرية في عفرين في أي لحظة. وتتهم تركيا «وحدات حماية الشعب» الكردية بأنها فصيل تابع ل «حزب العمال الكردستاني» الذي يشن تمرداً جنوب شرقي تركيا منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتعتبره أنقرة مع شركائها الغربيين «منظمة إرهابية».