ما بين العقدين الخامس والسادس من العمر يأتي الفنان التشكيلي طه الصبان في معرضه «ستينات الصبان» في تجارب تشكيلية يحاول فيها إرضاء النفس أولاً، ثم إضفاء المزيد من الرفعة الفنية لمواجهة مستقبل يريده زاهراً وماض يؤكد فيه إنجاز العديد من الطموحات والرغبات، ويزداد تمسكاً بمعشوقته مكةالمكرمة التي حضرت كمؤثر رئيسي في لوحاته التي قدمها خلال مسيرته العمرية بأزقتها العتيقة ورواشينها البديعة وتشققات الزمن الموشوم في حيطان العاصمة المقدسة. ألهذا الحد يبلغ تأثير المدن في داخل المبدع؟ الإجابة يقدمها الصبان بكثير من التأني: «لأنني ابن لبقعة مقدسة في العالم واستنشقت عبقها ورائحة التاريخ الذي ينبعث من أحيائها، فكان من الطبيعي أن توقظ في داخلي الفنان وتشعل لوحاته وتزفها للمتلقي». ويضيف: «ليس طه وحده بالطبع الذي تحرضه المدائن، فكل مبدع يختمر في بيئة يحبها سنجدها ولا شك في إبداعه». يقول الفنان عبدالله ادريس: «قبل 40 عاماً ونيف أمسك الصبان بفرشاته ولون ورسم ولم يكن يعلم إلى أين تقوده بوصلة الفن، ولم يتردد إزاء هذه المحاولة التي قادته ليأخذ مكانته الفنية في خريطة الحركة التشكيلية المحلية وحدها مخيلته المسكونة بالبيئة المكية كانت تأخذه نحو الحلم» في حين يقول الفنان هشام قنديل: «في رحلة مديدة وممتدة من الإبداع المميز والتفرد الواضح يدهشك طه الصبان بالمزج بين عنصرين في ثنائية فريدة، فالسنوات زادته خبرة ورسوخاً وتمكناً أكثر من أدواته، لكنها زادته أيضاً حيوية مدهشة»، وأضاف: «سنجد في هذا المعرض تحديداً أن المكان في أعمال الصبان يأتي محملاً بوجوه البشر، وبالذات عنصر المرأة التي تحمل في ملامحها خريطة دقيقة للمكان يتعانق فيه التاريخ والجغرافيا، وصولاً إلى اختزال مدهش لثنائية الإنسان والمكان وكأنك أمام مشهد سينمائي مفعم بالحركة». بينما يعترف الناقد العربي المعروف عمران القيسي بأن اللوحة الصبانية تحمل وبعد هذا الزمن الإبداعي الذي عايشه الفنان، مواصفات منتجها وتفسيره التصويري لرؤياه الفكرية والبصرية، لأن لوحة الصبان تخضع لتوازن دقيق بين ما هو عقلي وما هو جسدي، فالصورة فيها لا تخدم وضوحها كما هو الأمر في أي عمل تصويري مباشر، بل تخدم سبب وجودها في الموقع المحدد لها من المساحة التصويرية. من المؤكد أن الاستعداد البصري والنبوغ الفني الذي حمّل الصبان انتزاع الدهشة من أركان الأحياء المكية وأساطيرها الخلاقة وإضافة بُعد فني آخر يليق بمكانة المدينة المقدسة وتاريخها الضارب في عمق الأرض يسهم بدوره في توثيق مراحل المدينة وتحولها المتوالي من خلال الفرشاة واللوح. من جهتها، أوضحت شبكشي أن اقتناء مزاد دبي لعمل الفنان عبدالناصر غارم في دورته الأخيرة جعل أنظار مسؤولي كريستيز ومقتني الفن التشكيلي إلى السعودية، مؤكدة أنها تسعى وتخطط لمشاركات فنية سعودية أكثر مستقبلاً.