جدد الفنان التشكيلي السعودي عبدالناصر غارم، صداقته بمزاد دار كريستيز العالمي في دبي أول من أمس، ببيع لوحته "ترانزيت" مقابل 116,500 دولار أميركي، مسجلا ثاني أعلى رقم قياسي تحققه أعماله في مزاد علني. ويأتي هذا النجاح لغارم، تأكيدا لحضوره اللافت في مزادات كريستيز، بعد مشاركته المثيرة للجدل في أبريل العام الماضي، حين حقق أعلى المبيعات من خلال عمله (رسالة – رسول) مقابل 842,500 دولار. الفنان عبدالناصر غارم، الذي لمع نجمه منذ قرابة 5 سنوات فقط، لم يعد تجربة فنية قادمة بقوة، بل إن الكثيرين من المراقبين والتشكيليين العرب والغربيين، يعدونه علامة فارقة في حركة الفن التشكيلي المعاصر في الشرق الأوسط. غارم، المولود سنة 1973 في منطقة عسير، أو كما يسميها الباحث الفرنسي، تيري موجر، صاحب أطروحة أنثروبولوجيا العمارة والفن الجداري في عسير، (حديقة الرسامين)، ينطلق في رؤيته الإبداعية من أعماق تراث الإنسان ومفاهيمه التي تتحكم في حياته وتشكل ملامحها. في 2008، حاورته "الوطن" حول آفاقه الفنية وقضاياه وهمومه. حينها قال إن مدرسته تنسف عصامية العمل الفني. وبعد أكثر من 4 سنوات، كان غارم قد حول قوله ذاك إلى فعل وسلوك إبداعي مدهش على أرض الواقع. حيث حقق عمله "الصراط" نجاحا كبيرا في أميركا وأوروبا. وتم اقتناؤه من أحد أهم المتاحف الأميركية. حيث برع غارم في توظيف جسر مكسور كان ضمن الجسور التي تربط تهامة عسير وسواحلها بمدينة أبها وضواحيها الشاهقة في رؤوس الجبال، لم يصمد أمام سيل "السبت" الشهير في تاريخ المنطقة مطلع الثمانينات. وكل ما فعله غارم، أنه شاهد ما لم يشاهده غيره، كعادته. أخذ اسم غارم يتسع، ويتجه غربا. وأخذت أعماله تصنع صداها الخاص في المتلقي الغربي خصوصا، بما تحمله من قضايا ومفاهيم بالغة العمق في حياة الإنسان العربي، أو الشرق أوسطي. حتى بات اليوم "الصديق المفضل" لمزاد كريستيز، ومن أهم الأسماء التي يحرص الجمهور على متابعتها. حول مشاركته الأخيرة في مزاد كريستيز بدبي، يقول غارم: "يبدو أنني انتصرت في هذه الجولة على الوحش الإيراني". في إشارة إلى الفنانين المشاركين من إيران. ويضيف غارم: في السنتين الأخيرتين سجلت أعمالي تفوقا في المزاد على حساب المشاركين الإيرانيين الذين ظلوا المسيطرين على أعلى أرقام المبيعات في كل الدورات السابقة. ويرى غارم، أن ما تحظى به أعماله في هذا المزاد بالذات، وفي المعارض الدولية في أوروبا وأميركا، يعد تأكيدا على تحقيقه شيئا من النجاح الذي يسعى إليه، في التغلب على العقبات التي تحول بين الفنان و(الآخر) في أي مكان في العالم. وعن قصة لوحته المقتناة أول من أمس "ترانزيت"، كشف غارم في حديثه ل"الوطن" بعد شيء من تمنع الفنان عن البوح بسرّ أحد أعماله، أنها جاءت بدءا من وحي تأثره بقصة أخوين زاملهما في المراحل الأولى من دراستهم، واللذين انتهت حياتهما في إحدى الطائرات المختطفة ضمن العملية الإرهابية الأشهر في التاريخ الحديث 11/9. وأضاف غارم: "كلما تذكرت قصتهما، تأسرني الدهشة من وصول الإنسان إلى قناعة دموية كتلك، تقول لأصحابها، الجنة على مرمى طائرة مختطفة أو سيارة مفخخة". وكان مزاد كريستيز لهذا العام والمقام بين 15 – 18 أبريل أول من أمس تحت عنوان "الأعمال الفنية العربية والإيرانية والتركية الحديثة والمعاصرة" شهد مشاركة كثيفة من المقتنين والمهتمين وحقق ما يقارب 4,016,300 دولار أميركي، وبيعت 91% من معروضاته. من جهته قال المدير التنفيذي لدى كريستيز الشرق الأوسط ورئيس المزاد مايكل جيها: "سعيدون بما حققه مزادنا هذا العام، بعد أن شهد أربعة أرقام قياسية عالمية جديدة". وأضاف، في بيان نشره أمس، أن المزاد يمثل فرصة للمقتنين للحصول على أعمال كوكبة من المبدعين الحديثين والمعاصرين من بلدان الشرق الأوسط وتركيا، بل وأعمال نخبة من المبدعين الواعدين الذين سيكون لهم بصمتهم الواضحة في الحركة الإبداعية بالمنطقة خلال الأعوام المقبلة.