أعلن الرئيس السوداني عمر البشير أنه أصدر أوامر لجيشه ب «الرد بقوة» على «أي استفزاز» من «الجيش الشعبي لتحرير السودان» في منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، فيما اتهمت الأممالمتحدة ميليشيا قريبة الى الخرطوم بمهاجمة أربع مروحيات تابعة لها. وحمل البشير في شدة على «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم الجنوب، معتبراً أنها «تمادت في استفزازاتها للجيش السوداني وأرادت فرض الأمر الواقع في أبيي من خلال حشد قواتها في المنطقة ونكوصها عن وعود متكررة بسحب قواتها». وشدد على أن «أبيي شمالية، ولن ينسحب الجيش منها». وقال البشير، خلال كلمة ألقاها أمس أمام معلمين: «ظنت الحركة الشعبية أن الجيش لا يقدر على خوض الحرب مرة أخرى، وأنه مشغول بالوضع في دارفور، لكننا جاهزون للحرب... كنت في مقر قيادة الجيش وأعطيتهم أوامر بالرد على أي استفزاز من قبل الحركة الشعبية في أي مكان من دون أن يرجعوا لي». واستنكر موقف الولاياتالمتحدة من التطورات الأخيرة، معتبراً أنها «تستخدم سياسة الكيل بمكيالين». وأضاف أن «السودان لا يطمع في جزرة أميركا ولا يخاف من عصاها». وأكد أنه بعد التاسع من تموز (يوليو) المقبل موعد استقلال الجنوب، «ستكون هناك مهلة للمواطنين الجنوبيين في الشمال لتوفيق أوضاعهم وبعدها سيتم ترحيل كل الموجودين في الشمال بصورة غير قانونية... بعد هذا التاريخ سيكون الجنوبي جنوبياً والشمالي شمالياً». واعترف بأن حكومته أغلقت لمدة سبعة أيام حدود الشمال مع الجنوب قبل أسبوعين، ما أدى إلى نقص الغذاء وارتفاع الأسعار هناك، معتبراً الخطوة «رسالة أولى إلى دولة الجنوبالجديدة وستظل الرسائل مفتوحة بعد ذلك». لكنه جدد حرصه على «السلام وإقامة علاقات حميمة مع الجنوب». ورأى أن «المواطن الجنوبي مغلوب على أمره»، مشيرا إلى «هجرة معاكسة من الجنوب إلى الشمال بسبب سوء الأوضاع في الإقليم». لكن «الحركة الشعبية» اتهمت الخرطوم بتسليح قبيلة المسيرية العربية في ابيي وارتكاب انتهاكات وجرائم حرب. وقال وزير الإعلام في حكومة الجنوب برنابا مريال بنجامين إن «على القوات المسلحة السودانية أن تضع حداً لاحتلالها غير القانوني وأن تغادر أبيي». وكانت الأممالمتحدة اعلنت أمس أن أربعة من مروحياتها تعرضت لإطلاق نيران في أبيي، لكن أفراد أطقمها هبطوا بسلام. وقالت الناطقة باسم المنظمة الدولية هوا جيانغ إن 14 قذيفة أطلقت لدى اقلاع الطائرات أول من أمس. وأضافت أن ميليشيات قبيلة المسيرية التي تؤيدها الخرطوم هي المسؤولة على الأرجح عن الهجوم. وأشارت إلى أن «هناك تقارير تفيد بأنها تتحرك جنوباً». وذكرت أن القتال وأعمال النهب في أبيي توقفت وأن بعض مخزونات الوكالات التابعة للامم المتحدة تعرضت للنهب. وفي حين نفت وزارة الخارجية السودانية علمها بقصف جهات تابعة للحكومة المروحيات الأممية، وطالبت ب «تقصي الحقائق قبل اتهام أي جهة»، أعربت قبيلة المسيرية عن ارتياحها الى سيطرة الجيش السوداني على المنطقة. واعتبرت أن «واقعا جديداً رُسم، على الأطراف الأخرى قبوله والتعايش معه». وأعلن وكيل وزارة الخارجية السودانية رحمة الله عثمان أن الخرطوم فوّضت الاتحاد الأفريقي للبحث عن «آلية فعالة لحل أزمة ابيي، وإعادة الهدوء إلى المنطقة». وقال للصحافيين عقب اطلاعه السفراء المعتمدين على تطورات الأوضاع في ابيي، إن المشاورات مع الاتحاد لا تشمل نشر قوات في المنطقة. وجدد موقف حكومته بعدم سحب القوات من أبيي «ما لم يتم التوصل إلى صيغة مشتركة فعالة توفر الأمن للجميع». وفي جوبا (ا ف ب)، قال جون برادشو مدير مجموعة تدعم مشروع «سنتينل» لمراقبة القرى السودانية عبر الاقمار الاصطناعية ان صورا تظهر ان «جرائم حرب» ارتكبت في منطقة ابيي. ان «هذه الصور تقدم ادلة موثقة على جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في ابيي»، مشيرا الى ان هذه الصور تظهر «هجمات بواسطة آليات مدرعة وتدمير قرى». وقالت المجموعة في بيان: «هناك تجمع دبابات ومروحيات... وانتشار لقوات على طول الشوارع الرئيسية في ابيي ما يشير الى ان اجتياح ابيي كان متعمدا ومخططا له بشكل جيد». وفر بين 30 و40 الف شخص من المعارك في ابيي منذ السبت، كما اعلنت الاممالمتحدة. ومشروع «سنتينل» يموله بشكل خاص الممثل الاميركي جورج كلوني بهدف مراقبة اي اعمال عنف بعد الاستفتاء حول استقلال جنوب السودان الذي نظم في كانون الثاني (يناير) الماضي.