أوضح الكاتب سليمان السلطان، انطلاقا من مقولة للفيلسوف الألماني هايدجر، أنه لا توجد فلسفة، «ولكن توجد فلسفات»، مشيرا إلى أن حب الفلسفة «يبتدئ منذ الميلاد عند الطفولة، بل إن الفلسفة هي الدهشة على حد تعبير أرسطو». وأكد السلطان في أولى فعاليات «إيوان الفلسفة» الذي دشنه نادي جدة الأدبي أخيرا وكانت بعنوان «لماذا نتفلسف؟»، أنّ ميدان الفلسفة يكون في الحياة اليومية، «فالفلسفة هي تجديد رؤيتنا للأشياء في الوجود. فما هو مألوف، لكونه مألوفا، يُعتبر حقيقة. كأرنبة الأنف لأننا نراها طوال الوقت نألف ذلك فلا نعود نراها، والفلسفة تجدد تلك الرؤية». المشارك الثاني في الفعالية صالح بن سالم، المحاضر بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز، قدّم مقاربات للإجابة على السؤال نفسه «لماذا نتفلسف؟» بمستويات عدّة. ومما ذكره توسّل علماء الطبيعيات الفلسفة عند انسداد الطرق أمامهم. وضرب مثالا لذلك برجوع علماء الأحياء إلى هايدجر في تحديد الكينونة. وشدّد ابن سالم على أنّ الفلسفة متى ما قمعت من أيّ تيار مخالف، فإن ذلك يعني أنها سلطة. وقال ابن سالم بأنّ من يقول بأنّ العلم أحاط بكلّ شيء وأنّ الفلسفة لا داعي لها، «لم يفهم الفلسفة، وهو إنما يتحدث عن الميتافيزيقا». ثالث المشاركين في الفعالية التي أدارها الكاتب طاهر الزهراني، هو عبدالرحمن مرشود، الذي أشار إلى مقولة يتم تداولها بين الناس وهي «لا تتفلسف»، ومعناها، كما يذكر، لمن يجهل «لا يكثر». وعالج مرشود أمورا يسيرة لإعطاء الفرصة للجمهور للسماع منهم، ومنها تفسيره انعدام وجود حقل معرفي يكثر فيه التساؤل عن جدوى التفلسف، بقوله إن لذلك سببين: أولا، أن العلوم والفنون منتجاتها ملموسة، بخلاف الفلسفة. ثانيا، العلوم والفنون تدور حول سؤال «كيف؟»، أما الفلسفة فسؤالها «لماذا؟». وذكر مرشود أنّ تعدد تعريفات الفلسفة، «قد يكون بسبب التباس مردّه أن العلوم لها مواضيع محددة، بخلاف الفلسفة التي تشمل تلك كلها». أما عن جدوى الفلسفة فألمح مرشود إلى أن ركام المعلومات قد يكون جسرا للتقدم المعرفي، «ولكنه قد يكون حجابا كذلك، والسبيل لغربلة ذلك هو الفلسفة. كما أنّ تحديد المناهج قضية فلسفية. والتوفيق بين الغايات الفردية والجماعية قضية فلسفية. وأي شيء متعلّق بالقيم هو قضية فلسفية». وختم مرشود بذكر مسألتين يقول بأنهما متعلقتان بالطبيعة البشرية، وهي أنّ هناك افتراضا بأننا نبدأ من الجهل إلى المعرفة، ولكن الحقيقة غير ذلك. وأن العلم يقفنا على ما نعرفه، ولكن الفلسفة تقفنا على ما لا نعرفه ونظن أننا نعرفه. وقال: «التجربة الحسية لا تكفي، فهل تتوقف المعرفة؟ لا، الفلسفة هي التي تجسر الهوّة، هي تنشّط حركة التفكير البشري». يذكر أن المشاركين الثلاثة هم مؤسسو «إيوان الفلسفة» الذي تم تدشينه بحضور عدد من المثقفين والكتاب والمهتمين.