أحسن الكتبيون إذ نشروا كتاب «المؤمن الصادق.. أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية» تأليف. إيرك هوفر «1902 1983» الذي ترجمه للعربية معالي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي - رحمه الله - وعلى رغم أن الكتاب تم تأليفه في منتصف القرن الميلادي المنصرم إلا أنه راهن في موضوعه وتحليلاته وفكرته. بل كما يقول مترجمه «وجدت فيه جواباً شافياً عن سؤال شغلني منذ أن بدأت ظاهرة الإرهاب..». وقد نصح «وول ستريت جورنال» بهذا الكتاب قائلاً: «إذا أردت معلومات صحيحة مختصرة عن الدوافع التي تعمل في عقل المتعصبين، وعن آليات الحركات الجماهيرية في اشد مستوياتها البدائية، فأقترح عليك أن تقرأ هذا الكتاب». كتبت مقالات تحتفي بالكتاب وتدعو لقراءته كما فعل علي بن طلال الجهني والأستاذ مشاري الذايدي وغيرهما، وما أكتبه هنا ليس إلا اقتباسات نصية من الكتاب جاءت كقواعد فكرية يفيد منها الإنسان في حياته العامة، لأن تجربة البعض في القراءة أن يسيطر عليهم عنوان الكتاب أو فكرته التي هدف إليها المؤلف والكاتب الأمر الذي يجعلهم يربطون الأفكار العامة بفكرة الكتاب والكاتب ويحرمون أنفسهم الإفادة من الأفكار العامة في مجالات حياتية أخرى. ثم عسى أن تقع هذه المقالة بيد من لم يمكنه الحصول على الكتاب. واليك يا قارئي هذه النصوص الحياتية من هذا الكتاب: 1: لماذا نبحث في خارج أنفسنا؟ «تكمن فينا جميعاً نزعة إلى البحث خارج أنفسنا، عن العوامل التي تصوغ حياتنا، يرتبط النجاح أو الفشل عادة في أذهاننا بما يدور حولنا، وهكذا ترى أن الأشخاص الراضين عن أنفسهم يعدون هذا العالم طيباً ويحاولون المحافظة عليه، فيما نجد المحبطين يفضلون التغيير الجذري. إن النزعة إلى البحث عن أسباب خارج أنفسنا تستمر حتى عندما يكون من الواضح أن وضعنا هو نتيجة عوامل داخلية كقدرتنا أو شخصيتنا أو مظهرنا أو صحتنا وهلم جراء.. يقول ثورو: عندما يشكو المرء شيئا يحول بينه وبين القيام بواجباته حتى عندما يجد ألما في أمعائه.. فإنه يبادر إلى محاولة لإصلاح العالم». 2. من عدم الرضا إلى امتلاك القوة: «إن عدم الرضا في حد ذاته لا يخلق بالضرورة رغبة في التغيير، لا بد من وجود عوامل أخرى قبل أن يتحول عدم الرضا إلى تذمر وأحد هذه العوامل هو الإحساس بالقوة». 3. من امتلاك القوة إلى الإيمان بالمستقبل: قد يبدو للوهلة الأولى أن امتلاك القوة سيؤدي في حد ذاته إلى موقف يتحدى العالم ويتطلع إلى التغيير إلا أن الأمور لا تسير بالضرورة على هذا النحو، قد يكون القوي وديعا وداعة الضعيف. ما يهم ليس امتلاك القوة! ولكن الإيمان المطلق بالمستقبل. عندما يغيب هذا الإيمان تصبح القوة داعمة للأوضاع القائمة ومناهضة للتغيير، وعلى العكس عندما يكون هناك أمل لا حدود له في المسقبل... يدفعنا الخوف من المستقبل إلى أن نتمسك بالحاضر، بينما يجعلنا الأمل في المستقبل متحمسين للتغيير، كل من الغني والفقير، والقوي والضعيف، والناجح والفاشل، قد يكون خائفا من المستقبل. عندما يبدو الحاضر في أعيننا مثالياً بحيث أن أقصى ما يمكن أن نتوقعه هو استمراره في المستقبل فإن التغيير بالنسبة لنا لا يعني سوى تدهور الوضع، ولهذا نجد رجالاً حققوا الكثير من المنجزات. ورجالا يعيشون حياة مليئة نشطة يقفون عادة ضد أي تغيير جذري. والمحافظة التي تميز المرضى المقعدين وكبار السن تنبع بدورها من الخوف من المستقبل، يخشى هؤلاء أن يأتي المستقبل ومعه المزيد من علامات الضعف والوهن ويشعرون أن أي تغيير سيكون إلى الأسوأ، كما أن الفقراء فقراً مدقعاً لا يشعرون بأي أمل في المستقبل الذي يبدو كما لو كان فخاً منصوباً أمامهم عليهم أن يتحاشوه. عند هؤلاء كلهم لا يعني التغيير سوى المتاعب». 4. التفوق من عجز الذات إلى شعار الهوية: «كل ما استحال على الإنسان أن يدعي التفوق لنفسه كلما سهل عليه أن يدعي التفوق لأمته أو لدينه أو لعرقه أو لقضيته المقدسة». ونحن نشاهد هذه الفكرة قائمة في واقعنا لدى أصحاب الحماس الديني أو القومي الذين هم من أقل الناس تفوقاً على الصعيد الشخصي، فيحاولون الحصول على صورة للتفوق من خلال الشعارات التي يرفعونها! ولنا مع الكتاب بقية سياحة ممتعة. www.mohammedaldohaim.com