وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مترو الرياض    إن لم تكن معي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخضر مدافعًا: لم يجد البعض إلا سطرين من 900 صفحة لاتهام موضوعيتي! 2/1

تباينت ردود الأفعال في الأوساط الفكريّة والثقافيّة حول كتاب السعودية "سيرة دولة ومجتمع.. قراءة في تجربة ثلث قرن من التحوّلات الفكريّة والسياسيّة والتنمويّة" لمثير للجدل ما بين مؤيد وحانق لهذا المنجز، حتّى وصل الحال إلى اتهام صاحبه بعدم الموضوعية والحياد. "الرسالة" بدورها حاولت استجلاء ما أعقب تلك الردود والانتقادات من صاحب الكتاب عينه متلمسة الصدى الذي أحدثته، عارضة عليه بعض ما أحدثه الكتاب من حراك في الأوساط الثقافية والفكرية. فكان هذا السجال مع مؤلِفه الأستاذ عبدا لعزيز الخضر نبسطه كما هو دون زيادة أو نقصان، فإلى مباسطه نسير على بركة الله. قصة الكتاب - لكلّ كتاب ما قصة تُحكي وقد تُروى.. السؤال: هل لك أن تعطي القراء فكرة حول قصّة كتابك الموسوم ب" السّعوديّة .. سيرة دولة ومجتمع.."؟، وكيف بدأت بوادر تأليفه؟ - ليس هناك وقت أو لحظة محددة كبداية للكتاب، فالفكرة الأولية موجودة، منذ بداية المرحلة الجامعية، وأخذت تتشكل بمرور الوقت، ونظرا لاهتمامي المبكر في القراءة والمتابعة للشأن والخطاب الثقافي والإعلامي، فقد بدأت اكتشف تدريجيا بعض الإشكاليات من خلال مقارنة ذلك بما يحدث في دول أخرى، والفوارق بيننا وبينهم، ولماذا يبدو خطاب الآخر وقضاياهم الثقافية والإعلامية أكثر جاذبية في طريقة تناول الأحداث السياسية والشأن الاجتماعي والفكري، وأكثر فائدة في نمو الوعي بقضايا العصر.. ومن خلال المتابعة المستمرة بين أكثر من خطاب في الخارج والداخل فقد بدأت تتشكل رؤية الخلل المحلي في هذا الجانب التحليلي لتطورات المجتمع وقضاياه.. حيث تفتقد الصحافة منذ السبعينات الملفات الصحافية ذات العمق الفكري في تناول مشكلات الدولة والمجتمع لصالح أعمال إعلامية تطبخ سريعا دون رؤية، حيث تترك هذا القضايا لصحافيين مبتدئين ويترفع الصحافي الكبير عن القيام بهذه الأعمال التوثيقية وتفسير التحولات.. ولهذا لم يحدث تراكم في الوعي بالتعامل مع القضايا فأصبح يتكرر الحديث عنها بخطاب متشابهة مع اختلافات محدودة.. والقضية ليست أن تجمع مادة توثقيقة أو تسجل ملاحظتك دون أن تمتلك رؤية وقدرة على تفسير التطورات وتتزود بوعي فكري وسياسي واجتماعي وتصور متعمق بالتفاصيل للخطاب الديني والثقافي حتى يمكن ملامسة الإشكاليات الحقيقية في مجتمعنا. غياب الخاتمة - يلحظ قارئ الكتاب أنّ لم تضع له خاتمة كما جرت العادة في كثير من الكتب. السؤال: أين ذهبت الخاتمة؟ هل في الطريق كتتمة ترى ضرورة وجودها في طبعات لاحقة؟ أم أنّ هناك شيئا ما أردت أن تصل إليه كرسالة مبطنة؟ - تعمدت عدم وضع خاتمة للكتاب أو حتى لكل فصل لتلخيص الرؤية التي أريد أن أقولها، وبالرغم من أهميتها في تلخيص أفكار الكتاب ونتائجه، إلا أني فضلت عدم كتابتها، وترك القارئ يدرك الرسالة في الكتاب بنفسه، وأيضا عدم كتابة فهرس للأعلام التي قد تبدو مثيرة للبعض، وقد طلب الناشر وضعها في الفهرس فرفضت في الطبعة الأولى، إلا أني فضلت أن يصل القاريء للأفكار والأحداث من خلال قراءة حقيقية وتدرج، وليست فهرسة وتصفح، وهو ما اشتكى منه كاتب، وأخذ يلقي مواعظ بالحرفية ويسخر ليقارنها بكتاب آخر من مراجع الكتاب، دون أن يدرك أن هذا مقصود حتى لا يأتي أمثاله ممن يحبون الإختزال والتصفح.. أو ضعيفي الاستيعاب فيقدم على نقد الكتاب دون أن يكون قرأه بالكامل، أو أنه أستيعابه ضعيف لهذا اعترف بأنه تاه فيه ، بالرغم من الكثيرين ومنهم طلاب في المرحلة الجامعية يرون أن الكتاب بالرغم من حجمه إلا أنه سهل القراءة. الحرفية هي أن تدرك طبيعة القارئ هنا الذي اعتاد أن تلخص له الأشياء في أسطر معدودة ليبدأ في مناقشتها والتنظير حولها. لم أكتب الخاتمة حتى لا يترك البعض السياق الحقيقي لكل فكرة ويبدأ بالسجال حولها دون مبرراتها، وهي عادة سيئة في سجالاتنا الثقافية، وقراءة كل مشروع فكري. - أحدث كتابك الكثير من المماحكات والنّقاشات (المعلنة) و(المستترة) بين شريحة كبيرة من المهتمين على مستوى المشهد الثقافيّ.. ما المحصلة التي خرجت بها من كل هذه؟؛ وماذا تقرأ ومن هذا كلّه؟ - أن بعض هذه القراءات لم تحاور الأفكار المطروحة وتطورها التاريخي إجتماعيا وسياسيا ودينيا وهو الجانب الأكثر حضورا في فصول الكتاب، وإنما انشغلت في جوانب هامشية حول قضية الأسماء، ثم تطور الأمر لدى البعض وأصبح لا يرى من الكتاب إلا فصل واحد، وهذا الفصل أختزل إلى صفحتين فيه ثم إلى سطرين للتشكيك في حيادية المؤلف! السهام وضربات - البعض يقول إنّ عليك أن تتهيأ للسّهام من كل الأطياف فكريّة وثقافيّة.. سؤالي هل كنت تعتقد كل هذا الصدى لكتابك؟؛ وهل أنت مستعد لتلقي تلك السهام والضربات التي لا ترحم على حد تعبير الزميل الدكتور عبد الرحمن الحبيب؟؛ وكيف ستتعامل معها؟ - كنت أتوقع بعض الإشكاليات طالما تناولت الكثير من القضايا الحساسة بالرغم من أن التناول لها حاولت فيه أن يكون الخطاب هادئا وصريحا في الوقت نفسه, ومهما تحكم المؤلف في أسلوبه للاقتراب من الرؤية العقلانية, إلا أنه يصعب التحكم في طريقة إطلاع القارئ على هذه الأفكار، لأن ذلك يخضع لعوامل عديدة مشتركة بين الكاتب والقارئ، فبعض القراء يتأثر بإنطباعات الآخرين.. اما بالنسبة للاستعداد لهذه السهام: فليست القضية بالنسبة لي استعداد أو قدرة تحمل بقدر ما آمل أن تكون هذه السهام توجه للقضايا والإشكاليات التي نعيشها أكثر من الإغراق حول مواجهات انتقامية مشخصنة، من أجل خدمة المشهد الثقافي المحلي .. وأي كاتب عليه أن يقول ما يؤمن به.. ويترك الحكم للقارئ في المستقبل .. ومنذ بداية في الكتابة في الصحافة لست من أنصار العنتريات الفارغة، والبحث عن خصومات من أجل الشهرة، لكني على استعداد لأي مناقشة وحوارات فكرية جادة, مهما كان اتجاه الطرف الآخر. تكرار الأسماء - أخذ عليك الدكتور عبد الرحمن الحبيب إفراطك في الحديث عن الشيخ سلمان العودة.. لماذا كل هذا الإفراط وهناك أسماء تعد رموزا فكريّة وتشكّل في منجزها الفكريّ والخطابيّ تحولاً كبيرًا؟ في المقابل اتُهمت بقصد تغييب أسماء وتزييف معلومات خدمة للرسالة المبطنة من الكتاب؛ ووصل الحال بالزميل أحمد الواصل أن اتّهمك صراحة بتشويه الأحداث عن قصد؟ - أولا أشكر الدكتور عبد الرحمن الحبيب على ما قدمه من رؤية نقدية منهجية وجادة، بالنسبة لمسألة الأسماء فليست القضية إفراط في استحضار أسماء وتهميش غيرها، بقدر ما أن اختيار بعض الأسماء كعينات تعزز الأفكار التي أريد يؤكدها كل فصل في الكتاب، وقد أشرت في الكتاب إلى ذلك وليس الهدف رصد جميع الأسماء والرموز ..والا سيحدث تضخم يفسد الفكرة التي يريد الكتاب أن يقولها في كل فصل. وعامل التاثير والإنتشار والجماهيرية لهذه الشخصية أو تلك معاير اساس في اختيار بعض الرموز ووضع بروفايل خاص بها، ثم إن بعضها بدأ يتكرر حضوره في أكثر من فصل لأنها شخصيات استثنائية، شاركت بفعالية في كثير من المجالات، وكان لها حضور في صناعة الفكر الديني أو الثقافي، وشاركت في فصل الصراعات, وكانت جزء من هذه المعارك، وبعضها كان لها حضور حتى في المعارضة..! هذا لا يعني التهميش وهذا الحضور لبعض الأسماء لا يعني تهميش شخصيات أخرى وإنكار دورها، بقدر ما أن هذه العينات الشهيرة كانت تناسب كنموذج في تناول بعض إشكاليات الحالة السعودية، ثم إن اختيار مثل هذه الرموز الشهيرة لا يتطلب منك سرد لتفاصيل حياتية وسيرة ذاتية بقدر ما هو مواجهة القارئ حول بعض الأفكار النمطية حول بعض القضايا والشخصيات وإعادة التفكير بها، وهذه القراءة الخاصة كانت جزء من المفاجئة لدى البعض لأنها أربكت قناعات سائدة لديهم، وفرضت عليهم إعادة التفكير مرة أخرى.. أما دعوى التزييف.. فالقارئ سيحكم فالكتاب لا يتكلم عن أزمنة سحيقة وإنما الكثير من الأجيال لا زالت تعيش بيننا، ولهذا يبدو مضحكا أن أحدهم إدعى أني أتكلم عن الأموات.. مع أن الفترة الزمنية التي اخترتها لا تنسابها مثل هذه التهمة التقليدية.. ويبدو أن أحدهم عندما وجد قراءة تختلف عن بعض قناعاته السائدة لجأ لتهمة الأدلجة.. من دون أي أدلة، فالكتاب بقدر ما انتقد محافظين وأفكارهم فقد أثنى على بعض نجاحاتهم، وأيضا انتقد تحديثيين وأفكارهم وأثنى على الكثير من نجاحاتهم وبعض رموزهم بصورة أربكته في تصنيف المؤلف! الموقف الشخصي - مع تسليمي بالاحتفاء بهذا المنجز إلاّ أنّ هناك انقسماً في الآراء حول كتابك بين مؤيد وحانق.. عبد العزيز الخضر ماذا يحمل في جعبته حيال هذا؟ وهل حملت بعض الخفايا شيئا من المعارضة على حد تعبير أحدهم؟ - كنت توقعت بعض ردود الفعل المتحفظة بالرغم من أن أغلبها كان إيجابيا ومنصفا، فالكتاب كان يهدف إلى تدوين جميع وجهات النظر المختلفة عند كل تيار بغض النظر عن موقف المؤلف الشخصي منها، ولهذا استحضرت مبررات كل اتجاه رسمي أو غير رسمي, ولهذا ظهرت بعض التحفظات المتوقعة، لأن السائد أن تكون تمثل وجهة نظر واحدة وجهة معينة حتى يسهل تصنيفك ووضعك في قالب محدد، ولست أهدف من عرض مبررات مختلف الاتجاهات إلا من أجل وضع تصور متوازن للقضايا والمشكلات التي تواجه مجتمعنا. ومنهجي في الكتاب لم يتغير كثيرا عن أسلوبي في كتابة الرأي في الصحافة المحلية لسنوات عديدة في المجال السياسي والفكري. الأدلجة والمضوعية - اتّهمك البعض بالابتعاد عن الموضوعيّة في بعض فصول الكتاب، وإدخال الذاتية في سطوره وموضوعاته.. ولا شك في أنّ هذا يُخالف المنهج العلميّ الرّصين.. مع يقننا أنّ الكتاب ليس دراسة منهجية علمية.. ماذا تقول؟ - هذه التهمة لا تختلف عن تهم أخرى، كالأدلجة والمضوعية.. وهي أمور نسبية لا يمكن قياسها بمسطرة أو معيار محدد، وهناك من يتحدث عن العلمية وكأن العلمية تناقض التعبير عن الرأي وتحديد الموقف من الأحداث وتقييمها, فهل العلمية مجرد نقل نصوص الآخرين لديهم، والواقع أن أهم شروط العلمية أن تحاكم المؤلف بمنهج الدراسة التي اختارها وليس إلزامه بما لم يلزم نفسه بها.. وقد أشرت في حوارات أخرى عن طبيعة الكتاب ومنهجيته التي اخترتها. أسلوب مدني - قرّر بعض المثقفين مقاطعة الكتابة عن هذا الكتاب، أو حتّى التّطرق له في المنتديات الثقافيّة وتهميشه؛ ويرجعون السبب إلى تعمدك في تهميشهم وإسقاطهم؟ - المقاطعة أسلوب مدني محترم, كمقاطعة أي شيء آخر، وشخصيا أتمنى أن يكون فقط هذا هو السبب لأنه بهذه الطريقة لا يسمح للكاتب السعودي من ذكر أي مثقف وكاتب آخر لأن هذا يثير حساسيات زملاء وأصدقاء, وحتى ضرب الأمثلة ببعض الأسماء يصبح محظورا، لأنه عليك أن تذكر قائمة طويلة منذ الستينات وحتى الآن حتى لا تتهم بتهميش أحد، وشخصيا لدي الكثير مما يجب قوله حول تجارب الكثير من كتاب الرأي والأقلام والمثقفين الإعلاميين في مجتمعنا، وقد تناسب كتاب آخر، لم يكن من المناسب تضخيم مادة الكتاب بها، ويجب أن أنوه هنا بأن هناك الكثير من المثقفين والكتاب الفضلاء كان لهم موقف إيجابي أكثر من رائع ولم يتوقفوا عند مثل هذه الشكليات، واعتبروها مجرد ملاحظات عابرة، لا تؤثر على قيمة الكتاب. مؤشر جيد - يتهمك البعض بالقول إنّ الأسماء التي أثنيت عليها لا تخرج عن دائرة عملك من جهة، أو من أصدقائك من جهة ثانية، أو من يحمل نفس ميولك وتوجهاتك الفكرية، كيف ترد..؟ ثم ألاّ ترى أنّك خالفت منهج الحياد والموضوعيّة؟ هذه مؤشر جيد بالنسبة لي لأن البعض لم يجد إلا سطرين من 900 صفحة في محاولة اتهام موضوعية المؤلف وتجاهلوا المئات من الصفحات في تناول العديد من الشخصيات والرموز الفكرية, مقابل وجود أراء أخرى تعرف أني تجاهلت الكثير من الأشياء التي تحفظت في التفصيل حولها حتى لا أتهم بالذاتية, فمشروع الكتاب بالنسبة أهم من الانشغال بمثل هذه القضايا. رؤية نقدية - أثنيت كثيرًا على التّيار الإسلاميّ، وسلطت سهامك على نقد تيار الصحوة والليبرالي.. والقارئ للكتاب يتبدّى له ملحوظة جديرة بالتّفسير؛ وأعني بها أنّك كنت تتساوق مع تيار ضد تيار آخر، والعكس، وتسعى لتقدم آراء متباينة ما أحدث نوعاً من البلبلة، والتّضارب، والحيرة عند البعض. ماذا تقول؟ - صيغة السؤال تبدو غير دقيقة.. مع هذا فرؤيتي النقدية في الكتاب ليس من خلال مواقف مسبقة ضد الإسلاميين بمختلف أطيافهم أو التحديثين بمختلف اتجاهاتهم الفكرية، بقدر ما هي محاولة لتقييم كل اتجاه وشخصية
وفق شعاراتها المعلنة، ومشروعاتهم، ولهذا تفاجأ البعض أني أثني على شخصيات تقليدية جدا أحيانا لأنها شخصيات متسقة مع ذاتها، لا تقدم دعاوى كبرى وشعارات دون أن تكون مؤهلة لها، وأحيانا أثني على اتجاهات تبدو مناقضة لهذه النموذج لأنها هي الأخرى متسقة مع منهجها ورؤيتها، ومن خلال سياق كل فكرة وشخصية يتضح المنهج. بعض الحركيين من مختلف الاتجاهات الإسلامية وغير الإسلامية، يكرهون جدا الدقة في وصف الأمور ومعالجة الأحداث، إنهم يريدونك أن تهاجم فقط وتتخندق، وتستعمل فكرك ووعيك من أجل الانخراط في همومهم الحركية المؤقتة، لا يقدرون قيمة المعرفة و الفكر والثقافة كهم رفيع بذاته يجب أن يدافع عنه بغض النظر عن الصراعات المؤقتة.. لذا هذه النوعية تتأذى من الدقة والتفاصيل في وصف التطورات لكل حدث.. لأنه يفسد اللعبة عليهم.. ويريدك أن تختزل الأمور بتصورات جاهزة معلبة، وليست وفق رؤية تاريخية تستحضر كل مرحلة وفق معطياتها الحقيقية. - ظهر نوعان من الخلل الأسلوبي والمنهجي في كتابك كما يقول أحدهم؛ حيث اختلاط الأسلوب (التّحليلي) مع (الجدلي)؛ والموضوعي مع الشخصي حين ترصد سياق الأحداث، ثم تزجّ الشّخصي فيها ليصبح جزءاً من الحدث وليس راصداً له. أشرت في الكتاب إلى المنهج بالتفصيل واستعرضت تحفظاتي على مناهج أخرى. حالة جديدة - تطرّقت للخطاب التنويري وركزت على الطيف التنويري الإسلامي دون الأطياف الأخرى إلاّ حين تعرضت لمشكلة مصطلح الليبرالية، بينما المراقب يلاحظ أنّ هذا الطيف هو أضعف أطياف التنوير. - كنت أشير في الكثير من فصول الكتاب إلى عبارة الخطاب التحديثي، وهو يشمل مختلف الأطياف الفكرية ذات الرؤية الجديدة في مجتمعنا منذ عدة عقود، والكتاب بمجملة قائم على هذه الثنائية في تحليل التطورات في مجتمعنا، لكن التنوير الإسلامي الذي أفرد له فصل قصير، كان يمثل حالة جديدة في المشهد السعودي, وعمره قصير ولا زال يتشكل حتى اليوم، الجديد في هذا الاتجاه أنه بدأ تشكله من خلال عمل نقدي داخل التيار الديني، وتجديده من خلال رؤى مستنيرة في رؤية الفكر الإسلامي والتراث، وإن كانت هذه الرؤى ليست بالعمق المطلوب إلا أنها اطلقت الشرارة، ورصدت بدايتها، وهذا الدور لم يقم به المثقف السعودي في السابق، وقد أشرت إلى أنه تجنب تناول المسألة الدينية وتهرب منها منذ عدة عقود.. وهو ما أشرت له بالعقل الثقافي.. التداخل الذي حدث عند البعض في موضوع الليبرالية ومشكلة المصطلح، فكانت الإشارة هنا لأنه حدث تداخل وتحولات من التيار الإسلامي ثم إلى مرحلة تنويرية ثم إلى مرحلة ليبرالية كجزء من الظواهر التي وجدت.. وأيضا بعض الشخصيات الليبرالية القديمة بدأت هي الأخرى تتناول الشأن الديني في السنوات الأخرى، ولهذا حدث التداخل بين التيارات والآراء.. والحكاية ليست من هو الأقوى، أو الأفضل بقدر ما هو توصيف لتطور جديد في المشهد السعودي بدأ قبل 11 سبتمبر ولم يتنبه له البعض في نقد الخطاب الديني، وكان يمكن أن يلحق في الفصل الديني أو الثقافي, ورأيت أن من الأفضل وضعه في فصل خاص. - يؤخذ على الكتاب كثرة التّكرار؛ كتكرار فكرة التّصور الخاطئ بأن المجتمع التقليدي السابق كان أكثر تسامحاً مع المرأة. وتكرار فكرة أن كتاب (الحداثة في ميزان الإسلام) للدكتور عوض القرني كان ضعيفاً من الناحية الفنية والمنهجية إلا أنّه كان قوي التّأثير.. ما المعطيات التي استندت عليها من جراء هذا الحكم؟ - وجود التكرار ليس بالأمثلة التي ذكرت هنا, وهو تكرار فرضته الحاجة لربط الأفكار والأحداث في بعضها، وقد أشرت لذلك في مقدمة الكتاب، وهو أن التداخل في بعض القضايا والتطورات فرضت الإشارة لبعض الأحداث وتفصيلها في مكان آخر، ولم يحدث تكرار مفصل أو تضخيم مفتعل لأي حدث فالكتاب اشتكى البعض بأنه كان مضغوطا في معلوماته في كثير من الحالات، فالتكرار اتى لربط الأفكار والأحداث ببعضها. قضية الدمج - أشرت إلى المعركة التي دارت حول رفض قرار دمج تعليم البنات بوزارة التربية والتعليم الصادر في 10 محرم 1423ه، حيث ذكرت "الأكثر إثارة في تلك الحملة هو عدم مشاركة دعاة الصحوة فيها"، وقلت في موضع آخر "لم يطلق الاعتراض على قرار الدمج إلا قيادات الصف الثاني في تيار الصحوة"، ولكن الأستاذ حسن سالم يفنّد كلامك ويذكر موقف الشيخ ناصر العمر وهو من الصف الأول -كما أعتقد- ساردًا تفاصيل تؤيد ما ذهب إليه؟ - هذا المثال نموذج مهم لعدم الدقة في تناول التطورات ووصف الأحداث واستيعابها برؤية شمولية، وقد فصلت في ذلك كثيرا، وبصدد هذا السؤال دعني أشير إلى قضية أهم، وهي أنه ليس فقط الشيخ ناصر العمر من تيار الصحوة ضد الدمج، بل أغلبية التيار الإسلامي وتيار الصحوة.. ورموزه لكن الحديث حول هذه القضية لم يكن عن موافقة هذا التيار أو ذاك، وإنما عن درجة الإستنكار وقوته.. والنشاط الذي قام هذا الشيخ أو ذاك، فرموز الصحوة القدماء لم يكونوا بالحماس نفسه لهذه القضية كما هو عند بعض رموز الصف الثاني من دعاة الصحوة، وبعض الأسماء الجديدة أصبحت رموز بسبب هذه القضية تعرف عليها المجتمع من خلالها، ولهذا ليس لهذا المعلومة قيمة أو معنى. هناك فرق بين أن ترفض أو تعبر عن عدم رغبتك، وبين أن تقوم بنشاط كبير وتحشد الجمهور والعلماء من أجل هذه القضية وتنظم حملات من أجل هذا الموضوع. فهذا المثال الذي يتوهم وجود خطأ يعبر عن مشكلة في قراءة الأحداث، فهل تيار الصحوة أيد الدمج حتى يأتي مثل هذا المثال!؟ وجه الاعتراض - أردت التّفريق جوهريًا بين الرؤية الصحويّة والتّقليديّة تجاه عمل المرأة، بالقول: إنّ"التيار الإسلامي تجاوز مشكلة عمل المرأة وخروجها للعمل بخلاف الرؤية التقليدية التي تُفضل بقاءها في المنزل"، وقلت في موضع آخر:" الشيخ سلمان العودة نجح في تغيير قناعات تيار الصحوة تجاه عمل المرأة، وأنه كان الأكثر تسامحاً في خطاب الكاسيت"؛ ولكن أحدهم يعترض عليك بالقول: إنّ المتابع للآراء الصحوية في تلك المرحلة يدرك تماماً التّقارب الشديد بينها وبين الآراء التقليدية مستدلاً بما ذكره الدكتور سفر الحوالي في ندوة "أخطار تهدد المرأة".. كيف ترد؟ - ما قدمته من رؤية حول موقف الصحوة من عمل المرأة وتعليمها فصلت فيه في الكتاب، وهو استقراء طويل لتطوراته منذ السبعينات وقدمت أدله على هذا المتغيرات عند الرأي الديني، وحتى موقفه من التعليم الجامعي للمرأة، وهو تفصيل جديد لا يعرفه الكثيرون، ونسيه البعض، وفرقت بين الرؤية التقليدية المحافظة القديمة، وبين رؤية الصحوة, ولا أدري ما هو وجه الإعتراض هنا، حتى يأتي برأي الشيخ الحوالي، فهو رأي مشهور جدا عنه لكن الصحوة لم تأخذ به، والخطاب الديني تتعدد أحيانا فيه الآراء والمواقف، والمهم هنا ماهي الرؤية التي سادت وتقبلها التيار، وليس الآراء الشاذة حيث لا زال هناك من لديه موقف متحفظ من تعليم المرأة بعد المرحلة الأولية. الأهم بالنسبة لأي مراقب لتطورات المجتمع هي الرؤية التي انتصرت وأخذ بها التيار بوجه عام، فقد أخذ التيار بمشروعية عمل المرأة في مكان غير مختلط وتعليمها العالي، والدليل أنه انتشر مع تيار الصحوة حضور قيادات نسائية مشهورة ذات تعليم ومناصب أكاديمية مشهورة في نشاطها في الدعوة والوعظ.. وقد أشرت إلى أن الشيخ سلمان العودة كان له دور ريادي في تغيير وجهة نظر التيار الديني حول هذه القضايا مبكرا ونقلها جذريا. فهذا الاستدراك لا معنى له لأنه يناقش قضية تختلف عن الفكرة التي تناولتها في الكتاب فلم يقل أحد أنه لا توجد أراء أخرى متحفظة. - يقول أحدهم إنّك تعجب في سياق حديثك عن المظاهرة النسائية لقيادة المرأة (تشرين الثاني) نوفمبر 1990 من مبالغة وعدم دقة بعض المثقفين في توصيف رد فعل التيار الصحوي من المشاركات في تلك المظاهرة، مستشهداً على ذلك بما قالته الدكتورة عزيزة المانع، وذلك عندما قالت في حوار صحافي لصحيفة “المدينة” بتاريخ 5 - 1 - 2004 "لم يكد يبقى في المسجد في مدينة الرياض وغيرها إلا اكتظ بالمطبوعات والأشرطة والخطب التي تكفر وتخوض في شرف وعفة المشاركات وتستعدي الآخرين عليهن"، وعلقت:"هذا الطرح تنقصه الدقة، فالحقيقة أنهن اتهمن بالعلمانية والحداثة والتغريب، لكن الاتهام بالتكفير وبالشرف والعفة فهذا غير ممكن"، مع هذا وجه سؤال للشيخ البريك في محاضرته "مهلاً دعاة التحرير" بالفاسقات، ولم يعترض حينها الشيخ على مثل ذلك الوصف والتعبير. - لا أريد إعادة تفاصيل ما كتبته, إلا أن البعض في سياق خصوماته يلجأ لتشويه الآخر, ويبالغ في ذلك، حتى يفقد مصداقيته، وهي طريقة سائدة في خلافاتنا العربية والمحلية، وعندما أطالب بالدقة في وصف أخطاء المخالف وأقواله دون مبالغات، يظن هؤلاء أنها نوع تبرئة الآخر، والواقع أن نفي التكفير هنا لا يعني عدم وجود قسوة في الخطاب واتهامات كبرى مؤذية يستحق عليها المحاسبة، والمطالبة هنا أشارت إلى أهمية التدقيق في كل مصطلح وماذا يعني، وطريقة إلقاء التهم والمسؤولية القانونية حولها. وأهمية تصور آليات وطريقة الخطاب الديني المحلي في إطلاق مثل هذه التهم، والسلفية التقليدية والخطاب الديني المحلي لديها حساسية معروفة من إطلاق تهم التكفير للمعين، ومن لديه خبرة في هذا الخطاب سيدرك الفرق بين هذه المقولات وضوابطها لديهم. ولهذا لجأ بعض التحديثين لتكفير العلمانية حتى يلزم الآخرين بتكفيره ويمنعهم من إطلاق مصطلح علماني عليه !! أسألوا العرفج - قال الصديق الأستاذ أحمد العرفج: إنّ "كتابك يصعب أن يؤلّفه قسم في جامعة.. ألا تعتقد أن هذا الكلام فيها ما فيه من المبالغة الشيء الكثير"؟ يمكن توجيه السؤال للصديق الكاتب أحمد العرفج فهو الأقدر والأكثر مهارة في تخريج وإعطاء تفسيرات ما يطرحه من أراء. - قلت في حوار مع إحدى الصحف:" إنّ مشروع الكتاب بدأت فيه وانتهيت دون أن يعرف عنه ويطلع على مضمونه أي شخص بعيد ولا قريب حتّى من عائلتي.. لماذا؟ - أشرت إلى ذلك لأن البعض أراد أن يضع المشروع في سياق مؤامرة منظمه مع آخرين.. وقد تحفظت على عدم إطلاع أحد عليه حتى من المقربين جدا لي، حتى لا تؤثر نصائحهم المتوقعة على القرار ومستوى الجرأة في بعض ما طرح.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.