أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن أسفه أمس في حال كانت الغارة التي شنّها الجمعة على مدينة البريقة النفطية في شرق البلاد أدت بالفعل إلى مقتل مدنيين بينهم 11 رجل دين. وأعلنت الحكومة الليبية أن الائمة القتلى دُفنوا في مأتم مهيب حضره مسؤولون كبار في مقبرة الشهداء في طرابلس. وقُتل الائمة ال 11 ليل الخميس - الجمعة في قصف للأطلسي على البريقة (شرق) أسفر أيضاً عن جرح ما لا يقل عن 50 شخصاً آخرين، منهم خمسة في حال خطرة، كما أكد الناطق باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم في مؤتمر صحافي. وكانت وكالة الأنباء الليبية ذكرت في وقت سابق أن 16 شخصاً قتلوا في تلك الغارة وان 30 اصيبوا بجروح. وظهر السبت دفن الائمة ال 11 في مقبرة شط الهنشير شرق العاصمة طرابلس، كما أفاد مصور وكالة «فرانس برس». ونعت هيئة الاوقاف «16 شهيداً» قضوا في الغارة الأطلسية، ويرجح أن يكون القتلى الخمسة الباقون دفنوا في مناطقهم. وحضر مراسم الجنازة الخويلدي الحميدي عضو مجلس قيادة الثورة، وأقارب القتلى ومئات من المشيعين. ولفت في الجنازة حضور حوالى 20 امرأة، وكان حضورهن لافتاً لأن النساء لا يحضرن الدفن في العادة، وقد حملن صور الزعيم معمر القذافي. وخلال تشييع الجنازة أطلقت أعيرة نارية كثيفة في الهواء وردد المشيعون هتافات من بينها «من اجلك يا ليبيا، شهداء شهداء» و «الجهاد، الجهاد»، في حين رفع بعض المشيعين لافتات كتب عليها «الله، ليبيا، معمر وبس». واستمرت مراسم الجنازة قرابة ساعة ونصف ساعة. وكان الحلف الأطلسي ذكر في بيان انه اصاب مركز قيادة وتحكم في البريقة في وقت مبكر من يوم الجمعة، موضحاً أن النظام الليبي كان يستخدم هذا المركز «لتنسيق الضربات على المدنيين». وأضاف الحلف الأطلسي: «نحن على علم بالادعاءات عن سقوط ضحايا مدنيين خلال الغارة، وعلى رغم اننا لا نستطيع تأكيد صحة هذه التأكيدات، فإننا نأسف لكل خسارة بالأرواح البشرية البريئة». ودعا ائمة كانوا موجودين في المؤتمر الصحافي للناطق باسم النظام إلى الثأر، محرضين المسلمين في كل أنحاء العالم على قتل «ألف شخص عن كل إمام قتيل»، خصوصاً في «فرنسا وايطاليا والدنمارك وقطر والإمارات». وقال ناطق باسم حلف الأطلسي الجمعة عندما سئل عما بثه التلفزيون الليبي في شأن مقتل الأئمة في البريقة إنه ليس لديه علم بهجوم على هذه المنطقة. وعرض التلفزيون الرسمي الليبي مشاهد الجمعة لتسع جثث على الأقل بها اصابات وملفوفة في بطاطين. وأضاف أن الهجوم وقع عند الفجر وان معظم الضحايا رجال دين تجمعوا لحضور احتفال ديني. وفي الأول من نيسان (ابريل)، قتل الحلف الأطلسي من طريق الخطأ تسعة متمردين وأربعة مدنيين في شرق مرفأ البريقة، وفي السابع منه، أسفر خطأ آخر للحلف الاطلسي عن اربعة قتلى على الأقل بين البريقة واجدابيا. وقد استقر خط الجبهة الشرقية منذ بضعة أسابيع بين أجدابيا التي تبعد 160 كلم جنوب غربي بنغازي معقل المتمردين، والبريقة التي تبعد 80 كلم الى الغرب، التي تسيطر عليها القوات الموالية للحكومة. وفي الاثناء تحدى العقيد معمر القذافي الحلف الأطلسي مساء الجمعة بالقول: «أنا أحب أن أقول للجبناء الصليبيين، أنا أسكن في مكان لا تستطيعون الوصول إليه وقتلي فيه، إنني اسكن في قلوب الملايين». وبث التلفزيون الرسمي هذه الرسالة الصوتية غداة ضربات للحلف الأطلسي على مجمع القذافي السكني في طرابلس، اسفرت عن ثلاثة قتلى منهم صحافيان وعن 27 جريحاً، كما افادت حصيلة رسمية للحكومة. وكان القذافي يرد بذلك أيضاً على تصريحات وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني الذي قال إن تصريحات اسقف طرابلس التي أكد فيها أن القذافي اصيب على الارجح وغادر العاصمة «تتسم بصدقية». لكن المونسنيور جيوفاني مارتينيللي نفى مساء الجمعة أن يكون أدلى بهذا التصريح، وقال الأسقف للاذاعة الفرنسية إن «ما قاله وزير الخارجية غير صحيح لأنني لم اقل أبداً إن الزعيم الليبي أصيب بجروح». وأوضح: «كل ما قلته هو ان (القذافي) تعرض لصدمة نفسية بسبب مقتل ابنه. لم أقل إنه أصيب ولا انه غادر طرابلس»، مطالباً في الوقت نفسه حلف شمال الاطلسي بوقف اطلاق النار لأن «قنابله تلحق ضرراً بالشعب الليبي». وليل 30 نيسان (ابريل) - 1 أيار (مايو) قُتل سيف العرب القذافي، احد انجال الزعيم الليبي، مع ثلاثة من احفاد الأخير في طرابلس في غارة جوية لحلف شمال الاطلسي وصفها النظام الليبي بأنها محاولة اغتيال للعقيد الليبي. وكان القذافي فقد ابنة بالتبني في 1986 قتلت في قصف أميركي على طرابلس. الوضع الميداني وعلى الصعيد الميداني، صدّ المتمردون الذين حفزهم استيلاؤهم على مطار مصراتة في الغرب، القوات الحكومية الجمعة ايضاً. وذكر مراسل وكالة «فرانس برس»، إنهم تقدموا 20 كلم شرق مصراتة، وبلغوا ابواب تورغاء شرقاً. وفي الغرب، بلغوا مداخل زليتن البعيدة 50 كلم، والتي تبعد 150 كلم عن العاصمة. ولدى انسحابه، ترك الجيش النظامي جثث جنود وشاحنات محملة بالذخائر. وقتل متمردان أيضاً في المعارك. وقال شاهد يدعى غسان جرى الاتصال به هاتفياً أمس إن المعارضة تسيطر على الدافنية عند المدخل الغربي لمصراتة. ونقل عن المعارضة قولها إنها تسيطر على طمينة على بعد نحو 25 كيلومتراً شرق مصراتة وتحاول التقدم جهة الشرق. ونشرت صحيفة «برنيق» المعارضة على موقعها على الانترنت أمس ان المعارضين المسلحين يسيطرون على مناطق في الزاوية التي تقع على 54 كيلومتراً غرب طرابلس. وذكرت نقلاً عن ناطق باسم المعارضة في الزاوية ان المعارضة المسلحة في المدينة دفعت القوات الحكومة للتقهقر إلى ضواحي المدينة وتسيطر على عدد من الشوارع الرئيسية. ولم يتسن التحقق من صحة التقريرين من مصدر مستقل. وليل الجمعة السبت، سمعت، من جهة أخرى، ستة انفجارات في طرابلس، بحسب ما قال شهود. وعلى الصعيد الإنساني، قدمت الفرقاطة الرومانية «روا فردينان» التي تراقب احترام الحظر على الأسلحة المفروض على ليبيا، مساعدة ليل الخميس - الجمعة إلى حوالى 150 افريقياً كانوا موجودين على متن سفينة طرأت عليها أعطال بعدما غادرت مصراتة، كما أعلنت السبت وزارة الدفاع في بوخارست.