وجهت السلطات في ميانمار تهمة «انتهاك أسرار الدولة» الى المواطنَين الصحافيَين في وكالة أنباء «رويترز» وا لون وكياو سوي أو، عبر حيازتهما وثائق عن عمليات قوات الأمن في ولاية راخين (غرب)، حيث أجبر تدخل الجيش في 25 آب (أغسطس) الماضي أكثر من 600 ألف من أقلية الروهينغا على النزوح الى بنغلادش. وبات الصحافيان يواجهان في حال إدانتهما إمكان الحكم عليهما بالسجن حتى 14 سنة، علماً أن جلسة المحاكمة التالية ستعقد في 23 الشهر الجاري. ويُحبط ذلك الآمال الدولية بإطلاق الصحافيَين اللذين أوقفا في 12 كانون الأول (ديسمبر) الماضي خلال عشاء مع شرطيين، على رغم توالي النداءات لإطلاقهما. وأفاد الاتحاد الأوروبي في أحد أشد بياناته صرامة بعد انعقاد جلسة المحاكمة بأن قضية الصحافيَين «اختبار مهم لالتزام البلاد بتطوير المؤسسات الديموقراطية وحرية الصحافة واستقلال القضاء بعد حكم عسكري دام سنوات». وقال الناطق باسم الاتحاد الذي يعتبر أحد أبرز داعمي ميانمار: «بعد الاستماع الى الاتهامات الموجهة بموجب قانون الأسرار الرسمية لعام 1923، ما زلنا نتوقع أن تضمن سلطات ميانمار الحماية التامة لحقوق الصحافيين وإطلاقهما في أسرع وقت». وفي طوكيو، أعلن كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا أن طوكيو تريد أن تثير مع حكومة ميانمار أمر الصحافيين وتوجه نداء «حين تسنح الفرص، وأحدها خلال زيارة وزير الخارجية الياباني تارو كونو لرانغون هذا الأسبوع». وأضاف: من المهم ضمان حرية التعبير وحقوق الإنسان الأساسية في أي بلد». وأمام المحكمة، ارتدى صحافيون كثيرون اللون الأسود كعلامة احتجاج. وصاح المتهم كياو بعد الجلسة: «أرجوكم قولوا للجميع أن يحموا الصحافيين»، بينما قال زميله وا إن زوجته حامل، وإنه يحاول أن «يكون قوياً». وتؤكد وكالة أنباء «رويترز» براءة الصحافيَين، فيما يشدد ناشطون حقوقيون على أن ملاحقة الصحافيَين «دليل على تراجع حرية الإعلام في البلاد، على رغم الآمال التي كانت معقودة على زعيمة الحكومة المدنية اونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام لقادة البلاد على طريق الديموقراطية. ومنذ حل النظام العسكري عام 2011، شهدت البلاد نشوء وسائل إعلام مستقلة لكن بعض القوانين لا تزال تهدد حرية الإعلام. وإذا كانت البلاد ألغت عام 2012 الرقابة على وسائل الإعلام، لكنّ الصحافيين يعتبرون أن الرقابة الذاتية لا تزال قوية، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالجيش أو الدين. وصرح مدير مكتب جنوب شرقي آسيا والمحيط الهادئ في منظمة العفو الدولية جيمس غوميز: «واضح أنها مناورة من السلطات لقمع التحقيق حول انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم التي ارتكبها الجيش في حق الروهينغا، وردع صحافيَين آخرين عن تنفيذ المثل». ولا تزال ميانمار في المرتبة ال131 من أصل 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود» التي صرح مسؤول مكتبها في آسيا المحيط الهادئ دانيال باستار أن «السلطات لم تقدم أي عنصر ذي صدقية في هذه القضية، ونخشى أن يكون الصحافيان كبشي فداء للسلطات لردع صحافيين آخرين يحدوهم الفضول». ولمّحت أسرتا الصحافيين الى أنهما تعرضا لمكمن، لأن توقيفهما حصل بعد دقائق على تسلمهما وثائق من شرطيين لم يلتقوهما سابقاً. وقال ديفيد بولك من منظمة «فورتيفاي رايتس»: «من المحبط والمقلق رؤية الحكومة المدنية في ميانمار مستعدة لترك قوات الأمن تتعامل مع الصحافيين». ولا يزال جيش ميانمار يتمتع بنفوذ كبير على الصعيد السياسي، إذ يسيطر على ربع مقاعد مجلس النواب عبر أعضاء غير منتخبين، وثلاث وزارات حيوية هي الدفاع والداخلية والحدود.