أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» مقتل 6700 على الأقل بينهم 730 طفلاً من أفراد أقلية الروهينغا المسلمة خلال الشهر الأول من الحملة العسكرية التي أطلقها جيش ميانمار في ولاية راخين في 25 آب (أغسطس) الماضي. وتعتبر هذه الحصيلة التي استندت إلى ستة تحقيقات شملت أكثر من 11426 شخصاً في مخيمات الروهينغا، الأكبر لعدد قتلى أعمال العنف في راخين التي أدت إلى أزمة لجوء ضخمة مع فرار أكثر من 620 ألفاً من الروهينغا إلى بنغلادش. وكان جيش ميانمار حدد حصيلة القتلى ب400 بينهم 376 من «إرهابيي الروهينغا»، وبرأ قواته من أي تجاوزات في تحقيق داخلي أجراه، ثم قال محققون دوليون، استنادات إلى مقابلات أجروها لدى زيارتهم مخيمات للاجئين في بنغلادش نهاية تشرين الأول (أكتوبر) أن «إجمالي عدد القتلى غير معروف، لكن قد يكون كبيراً جداً». وكشفت المنظمة أن 69 في المئة من القتلى سقطوا بالرصاص، فيما قضى 9 في المئة منهم أحياء داخل بيوتهم التي أحرقت و5 في المئة نتيجة الضرب المبرح. أما الأطفال فقتل 60 في المئة منهم بالرصاص. واعتبرت المنظمة أن «ارتفاع عدد القتلى تزامن مع بدء عمليات تنظيف من جانب الجيش وميليشيات محلية في نهاية آب، ما يظهر أن الروهينغا كانوا مستهدفين». وقال مدير المنظمة سيدني وونغ: «ما اكتشفناه مروع سواء في عدد الذين تحدثوا عن مقتل وجرح أفراد في عائلاتهم بسبب العنف وأساليبه غير المألوفة». لكن محمد زبير، وهو أستاذ من الروهينغا ومسؤول محلي لاجئ في بنغلادش منذ 25 سنة فقال: «أعتقد بأن أرقام المنظمة أقل من الحقيقة». وأضاف: «كل أسرة من الروهينغا تقريباً لديها أفراد كثيرين قتلوا في أعمال العنف. حين فرّ الناس من قراهم في راخين شاهدوا جثثاً على الطرق وفي المنازل». ووصف المحلل السياسي المستقل ريتشارد هورسي، المقيم في رانغون، تقديرات منظمة «أطباء بلا حدود» بأنها «مثيرة للصدمة، وستؤدي حتماً إلى تجدد التركيز الدولي على مسألة المحاسبة»، في وقت تمنع السلطات لجنة دولية لتقصي الحقائق من دخول منطقة النزاع في راخين. وأثارت روايات متطابقة للاجئي الروهينغا عن تنفيذ عسكريين ورجال عصابات من البوذيين عمليات لطردهم من منازلهم وحرقها، وأخرى لإطلاق النار عليهم واغتصاب نساء، صدمة في العالم. وتقول مجموعات لحقوق الإنسان إن «إجراءات القمع تمثل ذروة سنوات من الاضطهاد والتمييز ضد المسلمين في ميانمار المحرومين من الجنسية وينظر إليهم باعتبارهم دخلاء». وسبق أن وصف مفوض حقوق الإنسان في الأممالمتحدة زيد رعد الحسين إجراءات القمع العسكرية في ميانمار بأنها «تحمل مؤشرات إلى إبادة». على صعيد آخر، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن اعتقال سلطات ميانمار الصحافيَين وا لون وكياو سوي اللذين يكتبان تقارير عن الوضع في راخين لحساب وكالة أنباء «رويترز»، بتهمة إفشاء أسرار دولة «يؤكد تقلص حرية الصحافة في هذا البلد، وضرورة بذل المجتمع الدولي كل ما في وسعه لإطلاقهما». وأضاف: «يحتمل أن يكون سبب اعتقالهما إرسالهما تقارير عن المأساة الإنسانية الكبيرة»، علماً أن السلطات قالت في بيان أرفقته بصورة للصحافيين مكبلي الأيدي أنهما «حصلا على معلومات بطريقة غير شرعية بنية إبلاغ وسائل إعلام أجنبية بها». وقال ستيفن جيه. أدلر، رئيس تحرير وكالة «رويترز»: «إننا غاضبون من هذا الاعتداء السافر على حرية الصحافة، وندعو السلطات إلى إطلاقهما فوراً». إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها تتابع عن كثب نبأ اعتقال الصحافيين، مشيرة إلى أن سفيرها في ميانمار، سكوت مارسيل، تحدث مع مسؤولين حكوميَين «بدا أنهما لا يعلمان ما حصل». وأورد بيان أصدرته السفارة الأميركية في رانغون: «نشعر بقلق بالغ من الاعتقالات المخالفة للقواعد لاثنين من صحافيي رويترز، بعدما دعيا للقاء مسؤولين في شرطة رانغون الليلة الماضية». وأضافت: «كي تنجح أي ديموقراطية يجب أن يستطيع الصحافيون ممارسة عملهم بحرية. نحض الحكومة على تفسير هذه الاعتقالات والسماح بالتواصل مع الصحافيين فوراً». كذلك، أبدت بعثة الاتحاد الأوروبي في رانغون قلقها مما حصل، ودعت سلطات ميانمار إلى ضمان الحماية الكاملة لحقوقهما، مؤكدة أن «حرية الإعلام أساس أي ديموقراطية».