يبدو أن الدواوين المطبوعة الشعبية بدأت تفقد قوتها السابقة، بعد أن كانت الوسيلة الوحيدة إلى إيصال قصائد الشعراء، لكنها الآن لا تجد من يبحث عن بيت شعري داخل صفحاتها. ومع تطور التقنية ودخولها في المجال الشعبي، أصبح الديوان المقروء ضعيفاً جداً، بسبب وجود عشرات القنوات العشبية، وزيادة أعداد المسابقات الشعرية في الخليج، لكن هناك شعراء لا يزالوا يصرون على أن الديوان المقروء قوي حتى وإن تعددت طرق انتشار الشعر، بحجة أنه المرجع الرئيسي لقصائد الشاعر. وعلى رغم أن عدداً من الشعراء أعلنوا عن إصدار دواوين مطبوعة إلا أنهم تراجعوا عن إصدارها، معللين ذلك بالثورة التقنية، التي اجتاحت الساحة الشعبية خلال الأعوام القليلة الماضية. يقول الشاعر نواف الدبيخي: «لن يفقد الكتاب أهميته وقيمته وقوته، على الأقل في المستقبل المنظور والمتخيل حتى الآن، لأن المؤلف، أو الشاعر، عندما يقدم كتاباً أو ديواناً فإنه لا يقدمه لقراء المرحلة فقط، بل إنه يقدمه للتاريخ ومحكمته، تقرؤه وتقيِّمه وتحفظه وتردده»، مشيراً إلى أنه منذ اختراع المصريون البردي قبل 4700 سنة، والصينيون الورق قبل 1900 سنة، بقي الكتاب، ومثله الديوان، مهماًّ وقيّماً وقوياّ. ولا يختلف مدير تحرير مجلة «المختلف» الكويتية الشاعر والإعلامي نايف الرشيدي عن الدبيخي، إذ يؤكد على أن الديوان المطبوع لم يفقد قوته، ربما فقد بعضاً من وهجه السابق، بسبب مداهمة المواقع الإلكترونية، والقنوات الشعبية، بيد أنه يبقى في ذاكرة القراء، بدليل المبيعات التي يحققها الشعراء من دواوينهم الشعرية. واعتبر الشاعر المشارك في النسخة الثالثة من مسابقة شاعر المليون سعد الخلاوي أن الديوان المطبوع قوي، لكن المشكلة تكمن في طريقة تسويقه فالكتاب سلعة بحاجة إلى إعلان، عموماً الدواوين إعلاناتها ضعيفة، وثمنها باهض. ويرى الشاعر والإعلامي خالد المحسن أنه لا توجد جدوى تذكر، فقد أصبح الديوان المطبوع خسارة على الورق، بسبب التكنولوجيا المعلوماتية. ويؤكد الشاعر خالد العتيبي على أن الديوان النبطي لم يحمل يوماً قوة تسمح له بالمزاحمة في سوق الكتب، مضيفاً: «أرى أنه كان مهماً من ناحية التوثيق، وإن كانت للديوان من فرصة للخروج من قوقعة التوثيق إلى سماء التسويق فهي من خلال جهة ترعاه». وكان عدد من الشعراء والشاعرات الشعبيين وقعوا دواوينهم المطبوعة في معرضي الرياض وأبو ظبي للكتاب قبل أشهر عدة، وحققت نسبة مبيعات عالية، على عكس ما كان يتوقعه المتابعون للساحة الشعبية.