أكد اقتصاديون ورجال أعمال أن الموازنة التي أقرها مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أخيراً، ستساهم في استمرار نمو الاقتصاد عبر تنويع مصادر الدخل وزيادة المداخيل غير النفطية، وتشدد على استكمال مسيرة التنمية، ووضع «التعليم والصحة والأمن» على رأس اهتمامات الحكومة خلال العام الجديد، مع تعزيز قدرة ومكانة المملكة إقليمياً وعالمياً، والقدرة على ضبط العجز المالي وتقليله إلى أقل مستوياته. وقالوا إن موازنة 2018 تعد الأضخم في تاريخ السعودية، لاسيما وأنها خصصت ما يقارب التريليون ريال للإنفاق، واعتبروها حافزاً كبيراً للقطاع الخاص على الانطلاق والتوهج في تنفيذ المشاريع التنموية، التي تساهم في تحقيق طفرة كبيرة على جميع الصعد، وخصوصاً المنشآت الصغيرة والمتوسطة، في ظل نجاح الإصلاحات الاقتصادية الصارمة، التي تبنتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده على مدار العامين الماضيين، وانخفاض العجز تماشياً من الخطط التي وضعتها الدولة بصورة تدعو للتفاؤل. وأوضح رجل الأعمال محمد العنقري، أن القطاع الخاص، الذي يعد الشريك الرئيس في عملية التنمية، هو الرابح الأكبر في موازنة 2018، التي بلغت المصروفات التقديرية فيها 978 بليون ريال، وخصوصاً بعد قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي استبق إعلان الموازنة بدعم القطاع الخاص والمحتوى المحلي ب72 بليون ريال، بهدف دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال والمبادرات الإبداعية، إذ قدرت الموازنة العامة دعم قطاع الموارد الاقتصادية والبرامج العامة ب 105 بلايين ريال، ومن المؤكد أن الموازنة تركز في مختلف المجالات على تحفيز القطاع الخاص والمشاريع التنموية الوطنية، وترتكز بشكل أساسي على مواصلة الدعم لجميع القطاعات الحيوية، وعلى رأسها التعليم والصحة والبلديات». وأكد أن الموازنة أظهرت متانة الاقتصاد السعودي، والرغبة الحقيقية لدى الدولة في استكمال مسيرة الإصلاح والتطور، من خلال اعتمادها على دعم قطاعات التعليم والصحة والتنمية، إذ خصصت 192 بليون للقطاع الأول، الذي يمثل أولوية كبيرة بالنسبة إلى السعودية الحديثة، في مقابل 53 بليوناً للخدمات البلدية، و54 بليوناً لقطاع التجهيزات الأساسية والنقل، في مقابل 147 بليوناً للصحة والتنمية الاجتماعية. من جانبه، أشار الاقتصادي سيف الله شربتلي إلى نجاح الإصلاحات الاقتصادية السعودية، وقال: «بات واضحاً خلال الموازنة التي أعلنتها وزارة المالية واعتمدها مجلس الوزراء، وجود جهود كبيرة لترشيد ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، من خلال الإجراءات التي يجري اتخاذها مع إعلان رؤية 2030، إذ إن الفرق بين المصروفات الفعلية في عام 2017 لم يتجاوز نسبة انحراف 5 في المئة، فقد وصلت المصروفات إلى 926 بليون ريال، في حين كانت المصروفات التقديرية 890 بليون ريال، أي أنها لم تتجاوز 36 بليوناً، في حين كان معدل الفرق بين المصروفات الفعلية والتقديرية في السنوات الماضية يفوق ال 10 في المئة، وفي بعض السنوات يفوق ال 20 في المئة في السنة، وهو ما يؤكد أن الإصلاحات الصارمة والشفافة التي اتبعتها الحكومة بدأت تأتي بثمارها الإيجابية بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني». وفي سياق متصل، توقّع خبير العلاقات الدولية الدكتور لؤي الطيار، أن تواصل المملكة خطتها الجريئة والمنضبطة لزيادة المداخيل غير النفطية، مؤكداً أن تنويع مصادر الدخل يمثل التحدي الأكبر لكل السعوديين، كون الجهد الوطني للتنويع ضعيفاً جداً، وقال: «إن التنمية حالياً قائمة على الثروات الطبيعية فقط والاستثمار فيها، ومن المهم أن يقل الاعتماد على البترول تدريجياً، والتحدي الآخر يتمثل في تطوير القطاع السياحي، وسط بوادر إيجابية شهدناها في العام الحالي، إذ من المهم أن يكون قادراً على جذب مستثمرين كباراً بالسوق العالمية، ليحقق نمواً متسارعاً، أما التحدي الثالث، فهو تطوير وتنمية القطاع الصناعي، الذي أسهم إسهاماً كبيراً في نمو حجم الاقتصاد الفعلي للناتج المحلي، فبعض الدول العالمية اعتمدت في استراتيجيتها على استراتيجيات القطاع الخاص والقطاعات الاقتصادية التي حققت نمواً، لزيادة نموها وعدم الاعتماد على مصدر واحد فقط». من جانبه، أكد نائب رئيس اللجنة الوطنية للنقل بمجلس الغرف التجارية السعودية سعيد البسامي، أن الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد تعتبر تاريخية، وترتسم معها النهضة نحو مستقبل مشرق للوطن في المجالات كافة تحت مظلة قيادتنا الرشيدة، التي شعر معها أبناء الوطن بالاطمئنان، بأكبر إنفاق عام في تاريخ المملكة، وقال: «تشارك فيه صندوق الاستثمارات العامة وصناديق التنمية الوطنية بإنفاق يتجاوز 1.110 بليون ريال، وقدر الإنفاق في الموازنة ب 978 بليون ريال، إضافة إلى إنفاق مقدّر من صندوق الاستثمارات العامة وصناديق التنمية الوطنية يصل إلى 133 بليون ريال». وأشار إلى أن الدولة عززت نجاحها في خفض عجز موازنة 2017، على رغم ارتفاع الإنفاق فيها عن الرقم المعلن، وزاد: «بلغ العجز 230 بليون ريال، على رغم أن الإنفاق ارتفع من 890 بليون ريال (الإنفاق المتوقع) إلى 926 بليون ريال (الإنفاق الفعلي)، وبلغت الإيرادات في موازنة 2017 نحو 696 بليون ريال، لتسجل موازنة 2018 تميزاً جديداً، إذ تضمن الإعلان عنها الكشف عن أكبر إيرادات غير نفطية من 2015 إلى 2018، بزيادة تصل إلى 130 في المئة، وذلك نتيجة للإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة». وأفاد بأن الموازنة أتت لتؤكد السير بخطى ثابتة لتحقيق رؤية 2030 بإنفاق عامل متكامل، ولم يؤثر متوسط أسعار النفط المتوقع في 2018 عند حد 60 دولاراً، في إنفاق الدولة على التنمية والمشاريع لتطوير الخدمات والنهضة بمدن المملكة وخدمة المواطنين، مشيراً إلى أن هذه الموازنة تبشّر بمستقبل كبير لنهضة شاملة، تعكس مكانة المملكة، وحرص القيادة على التنمية وتنويع مصادر الدخل من خلال الخطط، والدعم المتواصل من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد.