تزايدت سخونة الحملات المتبادلة بين موسكووواشنطن بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانتصار على «داعش» في سورية والعراق، بعد يوم من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانتصار على «داعش»، وانتهاء العمليات العسكرية الروسية في سورية، والبدء بسحب جانب كبير من القوات الروسية بعد «انتصار حاسم على الإرهاب». وانتقدت موسكو أمس، ما وصفته ب «محاولة سرقة الانتصار» في سورية، وحمَل الكرملين على ادعاء واشنطن تحقيقها انتصاراً على «داعش»، معتبراً أن «الهزيمة يتيمة لكن النصر له آباء كثر». في موازاة ذلك، تواصلت محادثات جنيف للسلام في سورية، والتقى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وفدي دمشق برئاسة بشار الجعفري والمعارضة برئاسة نصر الحريري للبحث في ملفات الدستور والانتخابات والمرحلة الانتقالية (للمزيد). وأفادت مصادر في وفد المعارضة أن دي ميستورا أكد خلال لقائه الوفد أن القرار الأممي 2254 سيبقى جوهر المفاوضات، وأن محادثات جنيف ستتناول الدستور والانتخابات والانتقال السياسي. وأوضح دي ميستورا استمرار رفض وفد دمشق التفاوض المباشر مع المعارضة ما دامت لم تسحب بيان الرياض الذي يشير إلى عدم وجود دور للرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية. من ناحية أخرى، قال الناطق الرسمي باسم وفد المعارضة يحيى العريضي أمس، إن دي ميستورا لم يطلب من المعارضة تغيير موقفها من رحيل الأسد خلال مفاوضات جنيف. ورداً على سؤال لوكالة «سبوتنيك» الروسية حول طلب المبعوث الأممي «تجميد» طلب مغادرة الأسد، قال العريضي: «كلا». وتتناقض هذه التصريحات مع تسريبات مطلع الأسبوع من المعارضة بأن دي ميستورا طلب «تجميد» رحيل الأسد لبدء مرحلة الانتقال السياسي، محذراً المعارضة من أن «فشل جنيف يعني استبدالها بمؤتمر سوتشي». في موازاة ذلك، شدد الجعفري على أن التهديدات في سورية لم تنته مع هزيمة «داعش»، قائلاً للمبعوث الأممي وهو يشير إلى خريطة سورية: «التهديد الإرهابي جدِّي في سورية». وأشار إلى مناطق مثل إدلب وشمال حماة والتنف والبادية السورية كمناطق ما زالت فيها تنظيمات تهدد سورية. وافتتح الجعفري كلامه إلى دي ميستورا قائلاً: «يكفي أن تُلقي نظرة على الخريطة، كي ترى أن المسألة ليست فقط داعش». وتنتشر تنظيمات من بينها «هيئة تحرير الشام» («النصرة» سابقاً) وفصائل «الجيش الحر» وتنظيمات معارضة أخرى في تلك المناطق. إلى ذلك، دخلت الرئاسة الروسية أمس، على خط التراشق بين واشنطنوموسكو. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن «الهزيمة يتيمة وللنصر آباء كثر»، مشككاً بأهمية الإعلان الأميركي عن «الانتصار على الإرهاب». ووجّه نواب في مجلس الدوما الروسي انتقادات قاسية إليه التصريحات الأميركية المشككة في موسكو، ووصفها بعضهم بأنها «عبثية» وأن واشنطن «تغافلت عن نشاط الإرهابيين في سورية والعراق طويلاً، ما ساعدهم في تعزيز مواقعهم». وأعلنت الخارجية الروسية رفض موسكو ذرائع «التحالف الدولي» للبقاء في سورية، مؤكدة أن ذلك ينتهك السيادة السورية. وقالت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا: «التواجد الروسي (في سورية) يحمل طابعاً قانونياً متوافقاً كلياً مع القانون الدولي»، مضيفة أنه لا يمكن قبول تبريرات التحالف التي تنتهك سيادة سورية. وفي ما يتعلق بسحب القوات الروسية من سورية، أكدت زاخاروفا أن العسكريين الروس «سيقطعون الطريق أمام الإرهابيين عند الضرورة». وزاد من التراشق بين الطرفين تقليل وزارة الدفاع الأميركية، على لسان الناطق باسم «البنتاغون» أدريان رانكين غالاواي، من أهمية إعلان بوتين سحب القوات الروسية، قائلاً إن أميركا لم تلحظ أي سحب كبير للقوات الروسية. وشدد على أن «هذه الخطوة لن تغير أولويات واشنطن في سورية». ميدانياً، تمكن «داعش» أمس، من السيطرة على مناطق عدة في ريف مدينة البوكمال في محافظة دير الزور بعد معارك مع القوات النظامية. ويأتي توغل «داعش» في البوكمال على رغم إعلان روسيا هزيمة التنظيم في سورية. وأفادت مصادر متطابقة بأن «داعش» شن هجمات عدة على مواقع القوات النظامية في السيال والصالحية والجلاء والحسرات، ما أدى إلى مقتل 15 عنصراً من القوات النظامية وحلفائها. ولم تستكمل القوات النظامية سيطرتها على البوكمال، ما جعل المدينة «فخاً» للقوات النظامية التي تتعرض لهجمات مفاجئة من عناصر التنظيم.