في تباين واضح حيال مصير الرئيس السوري بشار الأسد، مع دخول الحرب على «داعش» مراحلها النهائية، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن الأسد «وحش»، مشدداً على أن لا مكان له في مستقبل سورية. في موازاة ذلك، اعتبر ألكسندر لافرينتيف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية، أنه تجب إتاحة الفرصة للأسد للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، موضحاً: «لا أرى ما يمنعه من الترشح، ولا أرى ما يدل على أنه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة. القرار يعود إليه لا لغيره». ويأتي الموقفان الأميركي والروسي المتصادمان فيما تُراوِح محادثات جنيف مكانها بسبب رفض وفد الحكومة السورية مناقشة الدستور والانتخابات والمرحلة الانتقالية أو التفاوض المباشر مع وفد المعارضة. تزامناً، أعلن الجيش الروسي أن أول مجموعة من القوات الروسية المنتشرة في سورية عادت إلى موسكو أمس، في أولى خطوات تنفيذ قرار الانسحاب الجزئي الذي أعلنه الرئيس فلاديمير بوتين. وتواصلت محادثات جنيف أمس، بين المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وكل من الوفدين الرسمي والمعارضة. وأعرب وفد المعارضة عن إحباطه من المحادثات بسبب رفض وفد دمشق الدخول في مفاوضات مباشرة وإصراره على مناقشة ملف الإرهاب فقط. وقال الناطق باسم وفد المعارضة يحيى العريضي إن وفد دمشق أبلغ دي ميستورا رفضه التفاوض المباشر «ما يجعل المضي قدماً في المفاوضات صعباً». والتقى الوفد السوري بقيادة بشار الجعفري، المبعوث الأممي أمس، غير أنه لم تتكشف تفاصيل حول الاجتماع. لكن مصادر مطلعة أفادت بأن الدلائل تشير إلى عدم نجاح دي ميستورا في حلحلة معضلة التفاوض المباشر. ومن المقرر أن تُختتم الجولة الحالية من جنيف نهاية الأسبوع الجاري. وقال أحمد رمضان، أحد ممثلي المعارضة في جنيف لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، إن وفد دمشق يرفض مناقشة ثلاثة قضايا اقترحها دي ميستورا للجولة الحالية، وهي الدستور والمرحلة الانتقالية والانتخابات. وحمّل رمضان دمشق مسؤولية ما سماه «النقطة الحاسمة» في مسار جنيف. إلى ذلك، نفى مصدر في المعارضة تسريبات حول مضمون محادثات بين المبعوث الأممي ووفد المعارضة، مفادها أن دي ميستورا أبلغ وفد المعارضة بأن «تغيير النظام في سورية يكون عبر الدستور أو الانتخابات»، و «أن فشل مسار جنيف يعني استبداله بمؤتمر سوتشي» الذي تجهز له القيادة الروسية بالتنسيق مع إيران وتركيا، وتأمل بانعقاده في شباط (فبراير) المقبل. وقال مصدر في المعارضة: «إن التصريحات التي تم نسبها إلى دي ميستورا غير دقيقة بالمجمل». ودعت «الهيئة العليا للمفاوضات» للجلوس «وجهاً إلى وجه والبدء بمفاوضات حول الانتقال السياسي المستند إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2254». وأوضحت المعارضة في بيان أمس: «نحن مستعدون للجلوس مع طرف النظام هذا الصباح أو هذه الظهيرة أو في أي وقت آخر يأتي فيه النظام إلى طاولة المفاوضات لخوض مفاوضات شاقة، بسبب تباين الأهداف، ومن دون وجود شروط مسبقة». واعتبر مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأممالمتحدة في جنيف أليكسى بورودافكين، أن مطلب المعارضة السورية برحيل الأسد «يعرقل أي حوار بناء في جنيف». وطلب مندوب روسيا من الأممالمتحدة والدول الغربية إعادة المعارضة السورية إلى «الواقع وإبعادها من نهج الحوار غير البناء مع دمشق». وفي أنقرة، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أطراف الأزمة السورية إلى التوافق حول حل سياسي، مشيراً إلى أن موقف بلاده من الرئيس السوري «لم يتغير»، مشدداً على أن بلاده لا ترى للأسد دوراً في المرحلة الانتقالية. وتابع: «لا نعتقد أنه يمكن التحضير لانتخابات جدية مع وجود الأسد في حكومة انتقالية». إلى ذلك، بدأت موسكو سحب جزء من قواتها في سورية بعد الإعلان عن انتهاء العمليات العسكرية، وأعلن الجيش الروسي أن أول مجموعة من القوات الروسية المنتشرة في سورية عادت إلى موسكو أمس. وأفاد بيان عسكري بأن «كتيبة من الشرطة العسكرية من المنطقة العسكرية الجنوبية (في روسيا) كانت منتشرة في سورية، عادت جواً عبر طائرتين عسكريتين» إلى مطار محج قلعة (عاصمة داغستان).