وضعت دمشق استئناف محادثات جنيف محل شك أمس، بإعلانها أنها تدرس «جدوى» عودة وفدها المفاوض لاستئناف الجولة الثامنة من محادثات السلام المفترض أن تتواصل حتى منتصف الشهر الجاري بحضور وفدين من دمشق والمعارضة، للبحث في سلّتي الدستور والانتخابات. وكشفت مصادر ديبلوماسية في جنيف أن المبعوث الأممي للأزمة السورية ستيفان دي ميستورا «لا يعلم» نيات دمشق وما إذا كانت سترسل وفدها لمواصلة المحادثات. في المقابل، أبدت المعارضة جهوزيتها لاستكمال المحادثات اليوم في جنيف، حيث ما زال عدد من أعضائها موجودين. يأتي ذلك فيما رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي في اتصال هاتفي أمس، بالنجاحات الأخيرة في سورية «التي تم إحرازها في عملية استئصال بؤر الإرهاب»، وشددا على «أهمية تكثيف الجهود في سبيل دفع الحوار الشامل بين السوريين إلى الأمام». وتُستأنف اليوم الجولة الثامنة من محادثات السلام السورية بعد توقف ثلاثة أيام. وقال مصدر سوري رسمي لوكالة «فرانس برس» إن الحكومة السورية تدرس «جدوى» عودة وفدها إلى جنيف. وزاد: «ليس هناك قرار نهائي بعودة الوفد حتى الآن، فدمشق ما زالت تدرس جدوى المشاركة. عندما يُتخذ القرار، سيبلغ وفق الطرق الديبلوماسية المعتادة». وكان رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري قال للصحافيين نهاية الأسبوع الماضي، إن دمشق هي التي ستقرر عودة الوفد إلى المحادثات، حاملاً بشدة على خطاب المعارضة لناحية تمسكها بمطلب تنحّي الرئيس بشار الأسد خلال المرحلة الانتقالية. ومقابل تحفظات الحكومة، أبدت المعارضة جهوزيتها لاستكمال المحادثات اليوم في جنيف. وقال الناطق الرسمي باسم الوفد يحيى العريضي ل «فرانس برس» إن رئيس الوفد المعارض نصر الحريري سيصل إلى جنيف مع بقية الأعضاء للمشاركة في المحادثات. ولفت العريضي إلى أن هناك اجتماعاً مقرراً مع دي ميستورا اليوم في مقر الأممالمتحدة في جنيف، لافتاً إلى أن «موعده التقريبي محدد». وقال العريضي إن قرار دمشق الانسحاب من جنيف الأسبوع الماضي كان «إحراجاً» لروسيا، الداعم الرئيس للحكومة السورية. وزاد في تصريحات للصحافيين: «لا أعتقد أن الذين يدعمون النظام راضون عن الموقف الذي اتخذه النظام. هذا إحراج لروسيا... نتفهم الموقف الروسي الآن. إنهم في عجلة لإيجاد حل». ولم يعلق أي من المسؤولين الروس في المحادثات على انسحاب الوفد السوري. وعندما سُئل عما إذا كانت المعارضة مستعدة لتقديم تنازلات في شأن دور الأسد في أي حكومة بعد التسوية، قال العريضي إن «مطالب وفده تستند إلى رغبات الشعب السوري». واصطدمت المرحلة الأولى من هذه الجولة، على غرار الجولات السابقة، بتمسك المعارضة بشرط تنحّي الأسد، الأمر الذي اعتبره الوفد الرسمي «استفزازياً» وبمثابة «شرط مسبق». ونشر مكتب دي ميستورا الجمعة ورقة من 12 بنداً قال إنه طرحها على وفدي الحكومة والمعارضة، وطلب منهما تزويده ردودهما عليها. وتتضمن الورقة مبادئ أساسية أبرزها «الاحترام والالتزام الكامل بسيادة سورية»، وأن «يقرر الشعب السوري وحده مستقبل بلده». لكن كان لافتاً غياب أي ذكر ل «المرحلة الانتقالية» وانسحاب القوات الأجنبية في ورقة دي ميستورا. إلى ذلك، أعلنت الحكومة البريطانية تعليق مساعدات تهدف إلى دعم قوات من الشرطة المحلية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سورية، إثر ورود معلومات أفادت باختلاس أموال وتمويل مجموعات متطرفة وممارسات مناهضة لحقوق الإنسان وفساد واسع النطاق. والتمويل الحكومي كان مخصصاً لبرنامج «مشروع العدالة والأمن في المجتمع» (أجاكس) الذي تقوده المنظمة الخاصة «آدام سميث إنترناشونال» ويهدف إلى دعم «الشرطة السورية الحُرة» في مناطق سيطرة المعارضة. وأفاد تحقيق استقصائي لبرنامج «بانوراما» الذي تبثه محطة «بي بي سي» بأن هذه الشرطة تنفذ إعدامات خارج القانون وتسلم مبالغ مالية إلى جماعة «نور الدين زنكي»، المتورطة في انتهاكات فادحة لحقوق الإنسان في شمال سورية. كما كشف البرنامج أن «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) تعيّن بعض العناصر التابعة لها كشرطة محلية، وأن مبالغ من الأموال البريطانية تُختلس من خلال إدراج أسماء أشخاص متوفين أو وهميين على قوائم المرتبات. وأعلن ناطق باسم الخارجية البريطانية أمس، أن «وزارة الخارجية علقت البرنامج»، وقال: «إننا ننظر بمنتهى الجدية إلى أي اتهام بالتعاون مع مجموعات إرهابية وبارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان». إلى ذلك، قُتل قائدان في «الحرس الثوري» الإيراني والقوات النظامية على أطراف مدينة البوكمال جنوب شرقي دير الزور. ونعت وكالات أنباء إيرانية أمس، القيادي في «الحرس الثوري» منصور عباس هفشجاني، فيما شيّعت القوات النظامية اللواء بسام أحمد أسعد، الذي شغل منصب رئيس فرع الهندسة في «الفرقة 17». وأعلنت وكالة «أعماق» الناطقة باسم «داعش» أمس، أنها فجّرت سيارة مفخخة في محيط البوكمال، مؤكدة «مقتل عشرات».