أجمعت معظم القيادات الرئيسة في الأكثرية النيابية الجديدة على ان تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة دخل في المربع الأخير الذي يسبق ولادتها «القيصرية». وقالت كما نقلت عنها أوساطها، إن هذه الولادة تتم ببطء إلا إذا تسارعت الاتصالات وأدت الى تظهير التركيبة الوزارية الى العلن قبل حلول عطلة عيد الفصح المجيد. وأكدت هذه القيادات ان مجموعة من العوامل الإقليمية والمحلية تلاقت الآن على ضرورة ولادة الحكومة اليوم قبل الغد، إذ ان التأخير يأكل من الرصيد السياسي للأكثرية في البرلمان ويقدمها الى الرأي العام اللبناني وكأنها عاجزة عن تأليف الحكومة مع انها ستقتصر على أهل البيت الواحد. ولفتت القيادات نفسها الى الدور السوري الضاغط باتجاه القوى اللبنانية الحليفة لها لتجاوز الاختلافات «التي تعتبر ثانوية أمام الإعداد لمواجهة التحديات التي تنتظرها»، وقالت إن قوى أساسية في هذه الأكثرية قررت منذ ايام استخدام كل ثقلها السياسي من اجل تقريب وجهات النظر بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لا سيما ان الاختلافات لم تعد ذات قيمة وأن الإعلام يعطيها أكثر من حجمها. وأكدت أن القيادة السورية وإن كانت منشغلة الآن في التطورات التي يشهدها الداخل السوري، لم تعد تجد مبرراً لتأجيل تأليف الحكومة «إلا إذا كانت هناك اعتبارات غير مرئية تدفع بهذا أو ذاك الى التريث». وأوضحت القيادات بحسب أوساطها، أن المشاورات الجارية بين ميقاتي وعون بواسطة قيادة «حزب الله» أدت حتى الساعة الى بلورة «نصف اتفاق» على أمل ان تتلاحق الجهود في الساعات المقبلة لتوفير الأجواء المؤاتية للتفاهم على النصف الآخر الذي هو أساسي باعتباره يتعلق بتوزيع الحقائب وتسمية الوزراء. وتابعت: «عون وافق على ان يعطى وحليفاه «تيار المردة» بزعامة النائب سليمان فرنجية و «حزب الطاشناق» 10 وزراء بينهم وزيرا دولة». وكشفت أن عون لم يسلّم حتى الآن قيادة «حزب الله» لائحة بأسماء وزراء «تكتل التغيير» ما عدا الوزير جبران باسيل باعتباره من الثوابت في الحكومة، وقالت انه يشترط أولاً الاتفاق على توزيع الحقائب كخطوة لا بد منها تسبق تسمية الوزراء. وأشارت الأوساط عينها الى ان الاختلاف على حقيبة الداخلية انتهى الى تفاهم يقضي باستبعاد وزيرها الحالي زياد بارود من السباق عليها في مقابل عدم المجيء ببديل ينتمي الى «التيار الوطني الحر» أو مقرب منه. وأوضحت ان الاختلاف الوحيد في شأن الداخلية يكمن الآن في من يسمي وزير الداخلية على اساس المعادلة التي تم تثبيتها من خلال المفاوضات التي يتولاها «حزب الله». وقالت ان عون يصر على ان يحصر بنفسه اختيار من يتولى الداخلية ويترك للآخرين حق الموافقة. وقالت ان اقتراح عون لم يحظ بموافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إضافة الى الرئيس المكلف الذي اقترح ان تُترك للأول تسميته على ان يحظى بموافقة ميقاتي وعون والأطراف الرئيسة التي تتشكل منها الحكومة. وأكدت الأوساط ان هناك مجموعة من الأسماء يجري التداول فيها لشغل الداخلية انطلاقاً من التسليم بأن الاسم المرشح لها لن يشكل تحدياً لأي فريق ويرضى عنه رئيس الجمهورية. وتابعت: «في ضوء حسم وزارة الداخلية يمكن تحديد المواصفات للشخص الذي يتولى حقيبة الدفاع من دون استبعاد إسنادها الى شخص مقرب من الرئيس سليمان، إلا إذا استقر الرأي على ان تكون من حصة «المردة» لا سيما ان فرنجية كان طرح اسم نائب رئيس المجلس النيابي السابق فايز غصن لتوليها لكن البحث في الموضوع تأجل الى حين الاتفاق على سلة واحدة تشمل الحقائب والأسماء. وإذ استبعدت الأوساط ان تشكل الدفاع نقطة اختلاف تعيق ولادة الحكومة، أكدت ان ميقاتي يصر على عدم حصر الاتصالات والطاقة بفريق واحد، إلا إذا تم التوافق على إبقاء الاتصالات من حصة «التيار الوطني» شرط ان يسمي وزيراً لها غير وزيرها الحالي شربل نحاس. وأكدت الأوساط أن هناك مبالغة إعلامية في التعامل مع مبدأ الفصل بين الاتصالات والطاقة، وكأنه تحول الى عقدة يستحيل حلها، وقالت ان صفاء النيات سيقود الى ابتداع المخارج التي لا تقلق الرئيس المكلف ولا تزعج عون وتظهره وكأنه خسر أحد أهم المواقع في الوزارة. لكن الأوساط عينها جزمت بأن المفاوضات جارية لتمثيل المعارضة السنية المناوئة ل «تيار المستقبل» والحليفة للأكثرية الجديدة بوزير، مؤكدة ان الاتفاق بهذا الخصوص أُنجز وأن ما يؤخر تظهيره يعود الى تفضيل «حزب الله» ومعه عون وحلفاؤه اختيار نجل رئيس الحكومة السابق فيصل عمر كرامي بينما يدعو ميقاتي الى التفاهم على اسم آخر مقرب من الرئيس كرامي ويرضى عنه هو شخصياً. لذلك فإن إجماع معظم القيادات في الأكثرية على ان ولادة الحكومة باتت حتمية، يُفترض ان يترجم الى خطوات عملية تضع حداً للتجاذبات وتوقف مسلسل التقديرات التي تراوح بين التفاؤل حيناً باقتراب ولادتها وبين التريث حيناً آخر، ما يفتح الباب امام الاجتهادات القائلة إن «الضوء الأخضر» لم يتأمن للتسريع في إنجاز الاستحقاق الحكومي.