ظهر أمس، طيف انفراج في أزمة تشكيل حكومة ألمانية جديدة، بعد إعلان «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» استعداده للبحث مع الائتلاف المسيحي الديموقراطي في كيفية الخروج من أزمة مستمرة منذ نحو شهر ونصف شهر، متخلياً عن معارضته تحالفاً مع المستشارة أنغيلا مركل. وبعد مشاورات لقيادة الحزب الاشتراكي استغرقت نحو ثماني ساعات، قال الأمين العام للحزب هوبرتوس هايل إن القيادة قوّمت حديثاً أجراه رئيس الحزب مارتن شولتز مع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي يدفع في اتجاه عودة الاشتراكيين إلى صيغة «التحالف الثنائي الكبير». وأضاف أن حزبه «مقتنع بضرورة التشاور في الموضوع الحكومي، ولن يترك الباب موصوداً». وتابع أن الحزب «سينتظر انتهاء المشاورات التي سيجريها الرئيس الألماني مع مسؤولي كتل الأحزاب الأخرى خلال الأسبوع المقبل، وما يمكن أن ينتج منها». وتحدث شولتز أمس عن «نداء دراماتيكي» وجّهه شتاينماير، إليه وإلى الأحزاب الأخرى، لتسوية سريعة للأزمة. وكتب على موقع «تويتر» أنه يدرس دعوة قاعدة حزبه الى التصويت على المشاركة في الحكومة، أو الامتناع عن ذلك، بعد لقائه الرئيس الخميس. وتابع أن هناك نقاشاً في شأن تشكيل «تحالف ثنائي كبير» مجدداً، أو دعم حزبه حكومة أقلية يقودها المسيحيون الديموقراطيون. وشدد القيادي في الحزب وزير العدل هايكو ماس على أن «الحزب الاشتراكي الديموقراطي لا يستطيع أن يتصرّف مثل طفل يغضب ويجلس بعيداً». معلوم أن الحزب الاشتراكي كان أيّد خيار تنظيم انتخابات جديدة، ورفض مواصلة «التحالف الكبير» مع الائتلاف المسيحي، بعدما مني بهزيمة قاسية في الانتخابات النيابية التي نُظمت في أيلول (سبتمبر) الماضي. لكنه يتعرّض لضغوط متصاعدة، بما في ذلك من شتاينماير، وهو اشتراكي، للتراجع عن موقفه، إثر فشل تشكيل حكومة رباعية بين المسيحيين الديموقراطيين والحزبَين الليبرالي والخضر. وسيرعى شتاينماير الأسبوع المقبل لقاءً بين قادة المسيحيين الديموقراطيين والحزب الاشتراكي. وكانت مركل استبعدت خيار تشكيل حكومة أقلية، إذ ستُضطر إلى «البحث عن غالبية عند اتخاذ كل قرار». ويرى مراقبون أن تشكيل حكومة أقلية ممكن في دول صغيرة، كما في بلدان اسكندنافية، ولكن لا في دولة بحجم ألمانيا، سياسياً واقتصادياً. ويحذرون من أن الأمر قد يشلّ حركتها لمواجهة تحديات كبرى، داخلياً وأوروبياً، مثل مواجهة المدّ الشعبوي في البلاد، واستحقاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومحاذيره اللاحقة.