تواجه حكومة المستشارة الألمانية عقبات سياسية غير مسبوقة، وذلك في أعقاب التعنت الذي يبديه زعيم الاشتراكيين الديمقراطيين الألمان مارتن شولتز، ورفضه الدخول في تشكيل ائتلاف حكومي مع ميركل، يمهد لخروج البلاد من أزمة سياسية خانقة. وكان شولتز، قد كرر مرارا رفضه تجديد الائتلاف السابق مع ميركل، وفضل الانتقال إلى المعارضة لإعادة بناء حزبه، وذلك بعد الهزيمة القاسية التي تلقاها حزبه في الانتخابات التشريعية الماضية. يأتي ذلك، في وقت يسعى الرئيس الألماني المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، فرانك فالتر شتاينماير، إلى إقناع الأطراف السياسية بتشكيل ائتلاف حاكم، تجنبا للدخول في انتخابات نيابية مبكرة. تلميح بعدم التراجع من جانبه، كان الرئيس الألماني قد أكد أنه لن يجري أي اتصالات مع الأحزاب اليمينية المتطرفة أو اليسار الراديكالي، فيما يرى مراقبون أن المفاوضات لتشكيل حكومة ألمانية ائتلافية قد تتأخر لعدة أسابيع، وهو ما يزيد من ضبابية المشهد السياسي في البلاد. وتأتي هذه الأزمة السياسية في خضم القضايا المصيرية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، وأبرزها خروج بريطانيا وتداعيات ذلك، فيما لو انشغلت برلين بالقضايا الداخلية ستحدث أزمة أوروبية حادة، باعتبار أنها دولة رئيسة في المفاوضات مع لندن، إلى جانب الإصلاحات التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي. وكانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت أول من أمس، أنها ستستمر في تقديم مشاريع الإصلاحات لمنطقة اليورو كما كان مخططا من قبل، ملمحة إلى أن أوروبا لن تتأخر في هذا الصدد بسبب الأزمة الألمانية. تراجع الشعبية في غضون ذلك، أشارت استطلاعات رأي مطلعة، إلى أن صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» الذي وعد «بإبعاد» ميركل من المشهد السياسي، يمكن أن يهدد شعبية المستشارة الألمانية، في وقت تحتاج فيه إلى تعزيز صورتها لقيادة الحكومة الجديدة. وأظهرت البيانات أن هذا الحزب قد يحوز على 14 % من الأصوات، في حال أجريت انتخابات مبكرة، وأن عدد الألمان الذي يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة يزداد بنسبة 45 %، وهو قد يشكل خطورة على مستقبل ميركل السياسي الرافضة لقيادة حكومة أقلية.