أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، بعد فشل مفاوضات مستمرة منذ نحو شهر لتشكيل ائتلاف حكومي رباعي يضم إلى حزبها الديموقراطي المسيحي، الحزبَ الاشتراكي الديموقراطي والحزب الليبرالي وحزب الخضر، إنها تفضل إجراء انتخابات جديدة على قيادة حكومة أقلية. وقالت بعد لقائها الرئيس فرانك فالتر شتاينماير: «إجراء انتخابات جديدة سيكون الطريق الأفضل، إذ لا أخطط لتولي المستشارية في حكومة أقلية، وسأترشح مجدداً إذا أجريت انتخابات اشتراعية مبكرة»، وهو ما يعتبر أمراً معقّداً ومقيّداً وفق الدستور الألماني، الذي يفرض اللجوء إلى ترتيبات تتطلب الانتظار أشهراً قبل الدعوة إلى إجراء انتخابات عامة. واكتفى شتاينماير بالتشديد على مسؤولية الأحزاب، التي أكد أنها «حصلت على تفويض من الشعب لبذل كل جهد ممكن من أجل تشكيل حكومة»، مشدداً على «أنها مسؤولية لا يمكن وضعها بخفة جانباً، لذا ننتظر من الجميع إظهار استعداد للتشاور في ما بينهم». وسيحاول الجميع في المرحلة القريبة المقبلة منع الدخول في شلل حكومي يؤثر سلباً في اقتصاد البلاد، علماً أن غرف التجارة والصناعة وأرباب العمل حذرت من انعكاسات أزمة سياسية على حركة البلاد التجارية والاقتصادية. وفيما لم تعرف ألمانيا حتى الآن أزمة حكومية مماثلة منذ الحرب العالمية الثانية، أبدى مسؤولو دول أوروبية، في مقدمهم إيمانويل ماكرون، اهتمامهم ب «ضرورة العمل لتشكيل حكومة ألمانية كاملة الصلاحية في أسرع وقت، تواجه تحديات عدة في القارة الأوروبية وخارجها». وألغى رئيس الوزراء الهولندي مارك روته زيارة مقررة لبرلين الإثنين إلى موعد لاحق. وبعد ساعات على انهيار التحالف الرباعي، اتجهت الأنظار إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطي لمعرفة ما إذا كان سيعيد النظر في رفضه الدخول مجدداً في «حكومة الائتلاف الكبير» مع الاتحاد المسيحي، إثر هزيمته المريرة في انتخابات أيلول (سبتمبر) الماضي. لكن رئيسه مارتن شولتز استبعد إمكان دخول الحكم مجدداً عبر تحالف ثنائي مع مركل وائتلافها المسيحي، مؤكداً أيضاً استعداده لخوض انتخابات جديدة ومبكرة. وقال: «رفع المواطنون بطاقة حمراء ضد التحالف الثنائي. أما التحالف الرباعي الذي سقط فحلف واهن». إلى ذلك تبادل الحزب الليبرالي وحزب الخضر الاتهامات حول من تسبب في فشل المشاورات. واعتبر الخضر أن بند لمّ شمل اللاجئين والحل الوسط الذي قبله المسيحيون، أعجز المفاوضين الليبراليين، الذين ردوا بأن «نقاط الخلاف بلغت نحو 120 نقطة خلال المفاوضات». أما رئيس الحزب المسيحي البافاري هورست زيهوفر، فحمّل الحزب الليبرالي المسؤولية قائلاً: «كنا نقف على قاب قوسين من الحل قبل أن ينسحب الحزب الليبرالي»، الذي أكد رئيسه كريستيان ليندنر لاحقاً عدم الخشية من خوض انتخابات جديدة، وقال: «الأفضل ألا يحكم المرء بدلاً من أن يحكم بطريقة سيئة». وكانت نقاط الخلاف بين الأحزاب الأربعة معروفة منذ اليوم الأول، وأهمها مواجهة التغير المناخي والتخلي عن الفحم الحجري مصدراً للطاقة وإلغاء ضريبة التضامن الخاصة بالوحدة الألمانية وقضية اللجوء والهجرة. وتبادلت الأحزاب الأربعة «التنازلات» في نقاط كثيرة، لكن موقع «تسايت» الإلكتروني كتب أنه «لو كان حصل اتفاق في بند لمّ الشمل لكان يمكن حدوث إجماع في مسألتي المناخ والضرائب». وأشار إلى أن حزب الخضر اقترب من قبول اقتراح الاتحاد المسيحي الديموقراطي تحديد عدد 200 ألف مهاجر سنوياً لألمانيا، في مقابل عدم تعطيل لمّ الشمل للاجئين لفترة أطول. لكن الحزب الليبرالي تشدد في شروط لمّ الشمل، مطالباً بتمديد منعه لعامين حتى صدور قانون للهجرة.