أكد خبراء اقتصاد في صنعاء أن الاحتجاجات المتواصلة منذ نحو شهرين ساهمت في شلّ حركة التجارة الداخلية وتسببت في تعثّر المشاريع الاستثمارية ورفع أسعار السلع الرئيسة في شكل كبير، وتدهور سعر الريال اليمني. وقال المدير العام ل «البنك الإسلامي للتمويل والاستثمار» محمود ناجي، إن الإضرابات تؤثر بقوة في الحياة في البلاد، معتبراً الجانبين الاقتصادي والنقدي الأكثر حساسية، ومعلناً توقف الحركة التجارية وركودها، ما ينعكس بدوره على سعر الصرف. وأشار ناجي إلى أن الخلاف السياسي القائم قلَب موازين الاقتصاد وسبب للمواطن الهلع، ما يجعله يقدم على شراء العملات الأجنبية، لافتاً إلى أن البنك المركزي أعطى أوامر صارمة بعدم بيع العملات الصعبة، حرصاً منه على عدم نفاذها. ووصل سعر الدولار أمام الريال اليمني في أسواق الصرف إلى 237 ريالاً للشراء، على رغم أن سعره الرسمي لا يتجاوز 214 ريالاً، في وقت تحجم مكاتب الصرافة عن البيع. وأفادت بيانات اقتصادية بأن العجز المتوقع في الموازنة العامة للحكومة اليمنية سيبلغ خلال العام الحالي نحو 3,75 بليون دولار. وأكد وزير المال السابق سيف العسلي أن الاقتصاد اليمني يتعرض لانتكاسة شديدة سببها الأزمة السياسية التي أثرت في قطاعات الإنتاج الصناعية والزراعية والسياحة والفنادق والمطاعم وتجارة الجملة والتجزئة، كما تقوم شركات النفط بإجلاء موظفيها، ما قد يقود إلى انخفاض إنتاج النفط والغاز وتعرض دخل الحكومة لتراجع حاد. إلى ذلك، أعلنت شركات استثمارية عن توقف أعمالها موقتاً في اليمن، على خلفية الاضطرابات الحالية. وأوضحت مصادر اقتصادية أن «الشركة اليمنية - القطرية» أوقفت العمل في مشروع «تلال الريان» الذي تصل كلفته إلى 600 مليون دولار. وعزت توقف المشروع، بعد إنجاز 50 في المئة منه، إلى تخوّف العاملين بخاصة الأجانب، من الوضع السياسي في اليمن، ما أجبر الشركة على تأجيل استكمال التنفيذ حتى تعود الأمور إلى طبيعتها. وفي السياق ذاته، أكدت مصادر اقتصادية أن قطاع الإنشاءات والبناء الذي يعمل فيه نحو مليون شخص، «يعاني حالة ركود قياسية نتيجة الأزمة السياسية وتصاعد الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد»، ما أدى إلى فقدان مئات آلاف الوظائف، بعد تراجع رجال الأعمال والمستثمرين عن تنفيذ مشاريع سكنية وعقارية، في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في البلاد. وأوضح المدير العام للموارد المالية في أمانة العاصمة صنعاء علي الزبيري، أن الأحداث التي يشهدها اليمن حالياً تسببت في إعاقة عملية التنمية في شكل كبير. وأوضح أن إيرادات المكاتب الخدماتية في أمانة العاصمة تراجعت بشدة ووصلت نسبتها الى 70 في المئة خلال الشهرين الماضيين بسبب الأحداث الأخيرة، نظراً لتخلّف المكلفين عن دفع الرسوم. وأفاد تقرير أصدرته وزارة الصناعة والتجارة اليمنية بأن السلع الاستهلاكية الأساسية شهدت ارتفاعاً طفيفاً، بخاصة اللحوم والدجاج والأسماك والحديد والأخشاب والاسمنت، لكن سعر الغاز المنزلي شهد ارتفاعاً كبيراً وصلت نسبته إلى 50 في المئة، نتيجة تعثّر وصول القاطرات إلى محطات التحميل الرئيسية في صافر.