تراجعت أسعار النفط أمس، مع إقدام المتعاملين على البيع لجني الأرباح إثر مكاسب استمرت لأيام، وانحسار توقعات ارتفاع السوق التي دفعت خام «برنت» فوق الستين دولاراً للبرميل، بفعل احتمالات زيادة الصادرات الأميركية. وأكد المتعاملون أن «برنت تأثر أيضاً بخطوة العراق لزيادة صادرات النفط من موانئ الجنوب 220 ألف برميل يومياً، لتبلغ 3.45 مليون برميل يومياً لتعويض تعطيل إمدادات حقول كركوك الشمالية. وانخفضت العقود الآجلة لخام «برنت» 0.2 في المئة عن التسوية السابقة لتسجل 60.76 دولار للبرميل، وتدنى سعر الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 11 سنتاً عن الإغلاق السابق إلى 54.04 دولار للبرميل. ولاحظ المتعاملون حركة بيع ب «هدف جني الأرباح بعد ارتفاع أسعار الخام نحو خمسة في المئة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي». لكن لا تزال الثقة تهيمن على السوق على رغم التراجع المسجل أمس، بفضل جهود تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا، لحجب نحو 1.8 مليون برميل يومياً من إنتاج النفط في مسعى إلى موازنة الأسواق ودعم الأسعار. وأظهر استطلاع للرأي أعدته وكالة «رويترز»، احتمال استمرار ارتفاع أسعار النفط عام 2018، ولو شهد فترات تقلب، إذ سيبدد التمديد المتوقع لقيود الإنتاج التي تقودها «أوبك» أثر الزيادة في الإنتاج الأميركي. وتوقع المسح الذي شمل 35 محللاً، أن يبلغ متوسط سعر خام «برنت» 53.25 دولار للبرميل هذه السنة، ارتفاعاً من 52.60 دولار للبرميل في توقعات الشهر الماضي. ولا يُستبعد أن يبلغ متوسط سعر برنت 55.71 دولار للبرميل في 2018 وفقاً لاستطلاع الرأي. ورجح المحللون أن يبلغ متوسط نمو الطلب على النفط لما تبقى من السنة وعلى مدى 2018 نحو 1.5 إلى 1.7 مليون برميل يومياً بقيادة دول آسيوية مثل الصينوالهند في شكل أساس. وبلغت الصادرات الأميركية مستويات قياسية مرتفعة هذه السنة، مع احتمال استمرار هذا الاتجاه. في السياق، قال المدير المالي لشركة «بي بي» بريان جيلفاري، إن الشركة «تعمل على أساس افتراض بوصول متوسط أسعار النفط إلى ما بين 50 و55 دولاراً للبرميل في العام المقبل، مع عودة المخزون العالمي تدريجاً إلى مستوياته الطبيعية. ولفت إلى أن اتفاق «أوبك» ومنتجي النفط الكبار الآخرين على الحد من الإنتاج لتقليص تخمة المعروض، «بدأ يؤتي ثماره»، مستبعداً أن «تظل الأسعار عند مستوياتها الراهنة والتي تفوق 60 دولاراً للبرميل». وأعلن في مقابلة مع «رويترز»، العودة إلى «مستوى مخزون طبيعي أكثر نهاية العام المقبل»، متوقعاً أن «تظل الطريق وعرة خلال العام المقبل، ولا أفترض مستويات الأسعار تلك للعام المقبل»، إذ رأى أن سعراً يتراوح بين «50 و55 دولاراً هو افتراض جيد للعام المقبل». وأكد أن نشاطات «بي بي» ستكون رابحة العام المقبل عند 50 دولاراً للبرميل وربما 45 دولاراً، لافتاً إلى أنها «تعمل على خفض مستوى التعادل إلى 35 دولاراً للبرميل في المدى الطويل». إلى ذلك، ارتفعت واردات أكبر مشترين آسيويين من الخام الإيراني في أيلول (سبتمبر) للشهر الثالث على التوالي، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ آذار (مارس)، بدعم من ارتفاع مشتريات الصينوكوريا الجنوبية. وأظهرت بيانات حكومية وأخرى تتبع حركة السفن، أن الصينوالهندوكوريا الجنوبيةواليابان «استوردت ما يزيد قليلاً على 1.9 مليون برميل يومياً الشهر الماضي، بزيادة 5.1 في المئة على أساس سنوي. وارتفعت واردات الدول الأربع نحو 20 في المئة عن آب (أغسطس)». لكن مشتريات الدول الآسيوية تظل دون مستوياتها المرتفعة التي بلغتها في وقت سابق هذه السنة والعام الماضي، بعدما عززت طهران صادراتها عقب رفع عقوبات اقتصادية عنها. ولا يُستبعد أن تتراجع واردات الآسيويين، الذين يشترون معظم صادرات النفط الإيرانية في الأسابيع المقبلة مع تدني الشحنات المتجهة إلى المنطقة دون 1.5 مليون برميل يومياً في تشرين الأول، وفقاً لمصدر مطلع على برامج تحميل الناقلات في إيران. وزادت واردات الصين من النفط الإيراني في أيلول نحو 60 في المئة عن مستواها قبل سنة، إلى نحو 784 ألف برميل يومياً، لكنها انخفضت عن آب حين استوردت الصين أكبر كمية شهرية منذ العام 2006 وفقاً لبيانات «رويترز ايكون». وارتفعت واردات كوريا الجنوبية نحو الربع إلى ما يزيد قليلاً على 504 آلاف برميل يومياً، وهو أعلى مستوى لها في خمسة أشهر. وانخفضت واردات الهند بواقع الثلث إلى 415 ألفاً و400 برميل يومياً. أما واردات اليابان، فأعلنت أرقاماً رسمياً أمس، إذ انخفضت أكثر من 30 في المئة إلى أقل قليلاً من 216 ألف برميل يومياً. في سياق منفصل، أكدت مصادر تجارية أن مزاداً عراقياً لبيع خام البصرة في بورصة دبي للطاقة لم يستقطب أي عروض بفعل تقويم المشترين الخام عند مستوى منخفض. وكانت «شركة تسويق النفط العراقية» (سومو) عرضت علاوة سنتاً واحداً للبرميل، فوق سعر البيع الرسمي لأربعة ملايين برميل من خام البصرة الخفيف تحميل 26 و27 تشرين الثاني (نوفمبر) للشحن إلى أوروبا. وأكد أحد المصادر أن حجم الشحنة الكبير ومواعيد التحميل القريبة تسببا أيضاً بعزوف المشترين.