في محاضرته «الرسالة الإعلامية ودورها في ظل الأحداث العربية» التي ألقاها في أحادية الدكتور أنور عشقي أخيراً، صنف الإعلامي السعودي، ورئيس تحرير صحيفة عكاظ الأسبق، الدكتور هاشم عبده هاشم، الإعلام إلى ثلاثة أنواع. يرى الدكتور هاشم أن النوع الأول، هو إعلام يقول الحقيقة، ولكنه يدفع الثمن غالياً إزاء هذه الحقيقة، وقد يعطي الحقيقة كاملة ولكنه لا يتفق مع أي طرف، أما النوع الثاني كما يراه الدكتور هاشم، فهو إعلام يقول نصف الحقيقة، وذلك هو الذي يعبر عن وجهة النظر المحدودة، ويتعامل مع طرف من دون آخر، مشيراً إلى أنه إعلام تنويري يعبر عن رأي أو يتبنى قضية من القضايا. لكن النوع الثالث بحسب الدكتور هاشم فأسماه ب «الإعلام التعتيمي» واصفاً إياه بأنه لا يمكن أن يحقق أي درجة من الإبلاغ، واعتبره خارج إطار المعادلة السياسية والثقافية. وخلص إلى القول أننا «مجتمع إقصائي» بحكم ثقافتنا التي لا تعرف الآخر، ولا تعترف بالتعددية الفكرية، مذكراً بأننا بلد يدعو إلى التعايش والثقافات، ولا بدّ أن نتعايش مع بعضنا البعض، فنحن نعاني من التطرف والتعصب في حياتنا اليومية، وهذا يعني أننا في حاجة إلى إعلام عقلاني وموضوعي. عندما تتحدث شخصية إعلامية بحجم الدكتور هاشم عبده هاشم عن الإعلام بهذه الرؤية، فهذا يعني أننا في أزمة، وعندما يصنف الإعلام بتلك النظرة، فذلك يعني أننا أمام شخصية وقامة إعلامية كبيرة تسكب تجربتها الطويلة على واقع الإعلام، وفق تحليل لأنواعه الثلاثة. وحيث أن الإعلام الرياضي هو أحد هذه التصنيفات الإعلامية، فإن واقعه المشاهد يجعله خارج نطاق النوع الأول الذي يقول الحقيقة، إلاّ من عدد قليل ممن لا زالوا يصرون على موقفهم، وبالتالي يمارس عليهم دور الإقصاء من القنوات الرياضية، وأعمدة الصحف اليومية. ولذلك سأضع الإعلام الرياضي في المرتبة الثانية لهذه التصنيفات، وهو أنه يقول نصف الحقيقة، ويعبر عن وجهة نظر محدودة، ويتبنى قضية من القضايا، وفي الغالب نراه ينحدر ليكون إعلاماً تعتيمياً، ما يعني أنه يراوح بين النوع الثاني والثالث وبنسب تتغير بتغير الظرف، والحال، والقضية، والمصلحة. ولا أدري هل نحن أمام ظاهرة صوتية، حتى بتنا لا نعرف عن العقلانية والموضوعية إلاّ من خلال ترديدها فقط، أما عملاً، فهي في إجازة حتى وقت آخر، لا نعلم متى يأتي، وأخشى ألاّ يأتي ..! وحتى أدلل على واقع إعلامنا الرياضي، يكفي أن نأخذ الدكتور ماجد قاروب مثالاً، فهو بعيداً عن رئاسته للجنة القانونية، وعضويته في لجنة الاستئناف في اتحاد كرة القدم، يعتبر اسماً كبيراً في قائمة القانونيين السعوديين، ومرجعاً لكثير من القضايا خارج إطار الرياضة. وعلى رغم أنه يشكل إضافة مهمة في منظومة العمل القانوني في اتحاد كرة القدم، إلاّ انه لم يسلم من النقد غير الموضوعي والذي تقوده الانتماءات والميول للألوان، من دون أي اعتبار لمكانة الرجل ونزاهته وخبرته القانونية الطويلة، التي جعلت منه رئيساً للجنة وعضواً في أخرى. [email protected]