يقال إن الدراسات العربية المتعلقة بإعلام الأزمات ضئيلة مقارنة بما يماثلها من دراسات في العالم الغربي، ولذلك فشلت وسائل الإعلام العربية في إدارة الأزمات، فكان طرحها بعيدا عن الموضوعية، ومتسما بالعاطفة وردة الفعل السريعة. ربما يعود السبب أن إعلامنا العربي لم يستوعب وجود الأزمات المتلاحقة، أو أنه عرفها ولم يستطع التعامل معها، ومع إدراك وسائل الإعلام العربي أن الأزمات سمة الحياة المعاصرة إلا أن بعضها غابت عن المنهجية وافتقدت إلى الواقعية، ونتاجه أنها اتخذت قرارات إما عاجلة أو متأخرة، وكأنها تعيش في غرف مغلقة في وقت أصبح فيه العالم قرية صغيرة، مما قلل من مصداقيتها، وفقدت كثير من متابعيها. وبما أن حماية السمعة وصناعة الصورة الذهنية تعد من الأولويات لوسائل الإعلام، إلا أن بعض إعلامنا العربي لم يستغل الأزمات لحماية سمعته إما جهلا أو تعمدا، فالأزمات فرصة لتحسين الصورة وكسب مصداقية المتابع، ولو أنه استطاع أن يقدم ممارسة إعلامية برسالة حضارية في مهنية وحيادية وإبداع لصنع صورة ذهنية تستمر معه طويلا، وربما لن تجد تلك الوسائل الإعلامية فرصة أخرى لحماية سمعتها وصناعة صورتها، لأن المتابع قد فقد حينها ثقته فيها لطبيعة الرسالة الإعلامية السلبية التي قدمتها في الأزمات. ولأن الإعلام أصبح جزءا مهما في صناعة الحدث وتشكل وعي الأغلبية، فإنه سيكون أكثر إقناعا وتأثيرا إن امتلك الحرية مع المهنية والاحترافية، فالحرية المسؤولة الركيزة الأولى للإعلام الإيجابي، وإلا أصبح خادما لمصالح مالكيه والمستفيدين منه، وكثير من إعلامنا العربي في حاجة للخروج من تلك البوتقة بخطاب إعلامي يركز على الحقيقة ولو كانت نسبية، في حيادية وتوازن والتزام بمعايير المهنة. ومع أن الأزمات من أهم خصائص الرسائل الإعلامية، إلا أن وسائل إعلامنا العربي تعاملت معها في ابتعاد عن جوهر تلك الرسائل بأنماط مختلفة وتباين واضح؛ منها ما احتوى الأزمة بإيجابية ومهنية فكانت رسائلها محايدة لا تميل لطرف دون آخر، وبعضها تعاملت مع الأزمة بسلبية وسطحية فصدرت قراراتها في زمن ووقت غير مناسبين، وأخرى كانت رسائلها بعيدة عن البراءة فكانت تغريرية وتحريضية، ونوع افتعلت الأزمة فكانت قائدة لها، ومنها من فشلت في تحديد أولويات التعامل مع الأزمة فخسرت كثيرا من متابعيها، ولذلك وجد على الساحة أنماط عديدة لإعلام الأزمات؛ المحايد، السلبي، الإيجابي، المضلل، الافتعالي، التحريضي، الموجه، التعتيمي، التنويري، والتأثيري، وغيره. وتعد الأزمات المقياس الحقيقي لتصنيف وسائل الإعلام، حيث تمر المعلومة عبرها بثلاث مراحل؛ النشر، ثم التفسير أو التحليل، وأخيرا المحصلة التي تمثل معيارا لتلك الوسائل الإعلامية أمام الرأي العام بعد الأزمة، والمرحلتان الأوليان ربما تكونان متشابهتين في أغلب وسائل الإعلام، وتختلف المرحلة الأخيرة باختلاف اتجاه كل وسيلة، فإن كان إعلاما إيجابيا يصنف بأنه محايد أو تنويري أو توعوي أو تثقيفي، وإن كان سلبيا فيصف بالإعلام الموجج أو المضلل أو التحريضي أو التعتيمي. أما التخطيط الإعلامي؛ فهو مطلب أساس في إدارة الأزمة إعلاميا، فلا تدار بمبادرات أو مجهودات فردية أو قرارات آنية، فإذا كانت الأزمة نقطة تحول مفاجئة فإن الإعلام يملك دورا مهما تجاهها إما التخفيف من حدتها أو تهييجها، ولن يستطيع التعامل معها ما لم يمتلك تخطيطا مبكرا من التعامل معها، والمخططون الإعلاميون يدركون أن التخطيط الإعلامي للأزمة يتغير بحسب مقتضيات الحدث، لذا فإنهم يضعون في اعتبارهم التوازن بين الرسالة الإعلامية وصناعة الرأي، فالحملات الإعلامية الإيجابية أثناء الأزمات لن تحدث أثرا عند مخاطبة الرأي العام إلا باستقراء للواقع وبث الحقائق دون تعتيم أو تحييد.