6 مشاريع تطويرية تحيط بجبل أحد لتعزيز مكانته    الدول والجهات المانحة تتعهد بتقديم 1.1 مليار دولار ومساعدات عينية لدعم المتضررين النازحين واللاجئين في منطقة الساحل وبحيرة تشاد    المملكة تقدم دعما غذائيا لليمن ب25 مليون دولار    تعليم الرياض يطلق معرض إبداع 2025    244 مروحة ضباب مائي لتبريد ساحات المسجد الحرام    النموذجي في مهب الريح    جاهزية المغربي بونو لديربي الرياض    «حرس الحدود» بعسير يحبط تهريب 154 كيلوغراما من نبات القات    حرس الحدود في المدينة المنورة ينقذ مواطناً تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    لماذا تخلّت «واشنطن بوست» عن دعم هاريس؟    عثرات مستمرة    بايدن يأمل أن تكون الهجمات الإسرائيلية على إيران هي النهاية    البدء بإجراءات نزع ملكية المباني المجاورة لمقر رئاسة أمن الدولة بجدة    هل أصبح الإجهاض مسألة المسائل في الانتخابات الأميركية؟    وزير الاقتصاد والتخطيط : رؤية المملكة 2030 تقود تحولًا جذريًا    بريطانيا تحظر السجائر الإلكترونية ابتداءً من العام المقبل    رابطًا الفن بالتاريخ والمستقبل.. "نور الرياض" يعلن مراكز الاحتفال    "صافرة البداية" مسلسل وثائقي عن الدوري السعودي على نتفليكس الشهر المقبل    لاعب يوفنتوس على رادار دوري روشن    مركز البذور: تقييم الموارد الوراثية المحلية لتحسين جودة المحاصيل وزيادة الإنتاج    3 إصابات في النصر قبل مواجهة التعاون    ضبط مخالفات بيئية بذهبان في جدة    تكريم الفائزين بجائزة الأمير محمد بن فهد في دورتها الثالثة لأفضل أداء خيري في الوطن العربي    «الداخلية»: ضبط 20896 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في أسبوع    القيادة تهنئ الرئيس الاتحادي لجمهورية النمسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    هل أبلغت إسرائيل إيران بالهجوم؟    "الأرصاد" هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الأول من نوعه في العالم.. استئصال أورامٍ دماغية بتقنية جديدة !    جهاز خارق يشخِّص السرطان في 60 دقيقة    فضيحة ب «نيويورك».. مدرب يعتدي جنسياً على 7 طلاب    10,159 ريالاً.. متوسط رواتب الموظفين السعوديين    العتيبي يحصل على الدكتوراه    خام برنت يرتفع 2.25% ويبلغ 76.05 دولاراً للبرميل    إجراء 460 عملية ضمن برنامج نور السعودية التطوعي لمكافحة العمى في مدينة كيفة بموريتانيا    إغلاق مؤشرات البورصة الأمريكية على تباين    مدرب برشلونة يشيد بوحدة الفريق قبل مواجهة ريال مدريد    المملكة توزع 1.039 سلة غذائية في مديرية الضالع باليمن    وزير الإعلام: نمتلك الأدوات اللازمة لتقديم محتوى إعلامي أكثر تميُّزًا وفاعلية    الدوسري يشارك بالصقر الأغلى في مزاد نادي الصقور السعودي 2024 ويبيعه ب 400 ألف ريال    مكتب التربية العربي لدول الخليج الراعي للمنتدى التربوي المصاحب لدورة الألعاب المدرسية الدولية المقامة في البحرين    خطيب المسجد النبوي: الصلاة أعظم فريضة افترضها الله بعد التوحيد فهي عمود الإسلام    خطيب المسجد الحرام: إذا أدى العبد حق ربه انتظمت حياته    وكيل الأزهر يشيد بجهود القيادة في خدمة الإسلام والعناية بالحرمين    خبير اقتصادي ل«عكاظ»: أسعار الذهب سترتفع تدريجياً حتى 2025    مضمضة الكربوهيدرات    شرطة مكة: لا صحة لادعاء اختطاف وافدة من الجنسية الأردنية    مشروب يخلصك من آلام الظهر والصداع    كونوا أحياء    من صراع الأدوار إلى تدافع الأفكار    السنة المهجورة.. خدمة الرجل لنفسه ومساعدته لزوجته    الناعقون وشيطنة «السعودية»    محمية الشمال للصيد.. رؤية الحاضر بعبق الماضي    وزيرة الدفاع الإسبانية تستقبل وزير الدفاع ويعقدان جلسة مباحثات رسمية    نائب أمير مكة يتوّج الفائزين بجائزة مكة للتميّز في دورتها ال 16    «الحسكي».. واحات طبيعية ومكونات سياحية مميزة    وزير الدفاع يجتمع مع عدد من رؤساء كبرى الشركات الصناعية الإيطالية    حدثوني عن مقبرة الأحلام    نائب أمير الرياض يعزي أسرتي بن شوية وبن حضرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الممثل الشامل في «سلّم نفسك» يفضح سلبيات المجتمع
نشر في الحياة يوم 28 - 10 - 2017

عادة ما تكون العروض المسرحية التي تُقدَّم كنتاج لمحترفات تدريب، خفيفة وعابرة، وغالباً ما تقام ليوم واحد ثم تنفضّ، ولا يتذكرها حتى من قدّموها. الأمر مختلف في محترف المخرج خالد جلال الذي يستضيفه «استديو الممثل» التابع لوزارة الثقافة المصرية، فهو ينتج عروضاً مهمة، تقدم على مدار عام أو أكثر.
ولعل عرض «قهوة سادة» الذي حظي، وقت تقديمه، بإقبال ملحوظ، ينهض دليلاً على ذلك. حالياً، يقدم خالد جلال عرض «سَلّم نفسك»، وهو نتاج مختبر الارتجال والتمثيل، الدفعة الثالثة، بمشاركة سبعة وعشرين ممثلاً وممثلة، شاركوا في كتابة الأغاني وتلحينها وتصميم الرقصات، وهؤلاء جرى اختيارهم مِن بين مئات مِن هواة التمثيل.
ارتجل المتدربون استناداً إلى رؤاهم وأفكارهم ونظرتهم إلى مجتمعهم، وتكفل المخرج بصياغة ذلك الارتجال في قوام متماسك، اختار موضوعه بذكاء شديد، ليتاح له عرض مهارات متدربيه، وليطرح في الوقت نفسه قضايا تتعلق بطبائع المصريين هنا والآن. اختار خالد جلال «قماشة» مرنة تتعدد ألوانها وخاماتها وتتفرع، وإن عادت في النهاية إلى رأس الموضوع الذي انطلقت منه. ليس اختراعاً بالتأكيد ما فعله، لكن المهم هنا هو كيف فعله وقدمه مِن دون ترهلات، إلا في ما ندر، ومن دون إقحام شيء خارج عن السياق الذي اختاره، فالاختيارات جاءت دقيقة، وبالتراكم شكَّلت الرؤية التي أراد طرحها.
فكرة العرض طريفة، وموضوعاته تضحك وتبكي، لكنها في النهاية تملأ المشاهد بالطاقة الإيجابية، وتلفته إلى ما يرتكبه مِن حماقات، قد تبدو بسيطة، في نظره، لكن تكرارها يجعلها مدمرة. نحن في مدينة خيالية تنتمي إلى زمن مستقبلي، تقدمت واستقرت وصارت المدينة الأمثل، غير أن سلطاتها اكتشفت ما أطلقت عليه «قنبلة فيروسية» تصيب كل من يقترب منها بالدمار، لذلك تطلب من السكان أن يلزموا بيوتهم حتى لا يتعرضوا للأذى، وعلى كل من مسَّته هذه القنبلة أن يسلم نفسه للسلطات فوراً. أما القنبلة، فهى شخص ينتمي إلى زمننا الحالي، يتم القبض عليه، وإيداعه مكاناً معزولاً ومجهزاً لإخضاعه لفحوص مخبرية. ولأننا في مدينة تقدمت كثيراً، كان سهلاً على الفاحصين إخضاع هذا الشخص لأجهزة نجحت في أن تنفذ إلى رأسه وتفتح ملفاته، إلا ملفاً واحداً، لم تستطع فتحه إلا قبل دقائق من تدمير المدينة.
فتح الملفات أتاح للمخرج تقديم اسكتشات عدة منفصلة، توضح طبائع هذا الشخص، ومَن كان يعيش بينهم، لنتبيّن أنها هي ما شكَّل قنبلة الفيروسات التي يتحدث عنها سكان المدينة المتقدمة، الذين تخبرهم أجهزتهم بأن الهاتف الجوال «آلة قديمة كانت تستعمل في الماضي». قدّم جلال اسكتشاته في شكل كوميدي صارخ، مضفراً إياه بأداء تراجيدي رصين، مع بعض الأغاني والرقصات التي تعبر عن هذا الموقف أو ذاك، وتبرز في الوقت نفسه مهارات المتدربين.
التحرش بالمرأة، التعامل معها كسلعة، الطمع والجشع، عقوق الوالدين، الكذب، الادعاء، إطلاق الشائعات، النميمة، تصدير الطاقة السلبية، الجفاف الإنساني المتمثل في انشغال أفراد الأسرة الواحدة عن بعضهم بعضاً، وهم يقيمون في مكان واحد، بسبب مواقع «الانفصال الاجتماعي»، على حد وصف العمل. أطرف ما في العرض هو ذلك المشهد الذي يتخيل فيه سكان المدينة أنفسهم لو استمر هذا الكائن المنتمي إلى عصرنا، بينهم، إذ نشاهد شاباً ووالدته جالسين مع شابة ووالدها. الشاب متقدم لخطبة الفتاة، يسأله والدها: ماذا تعمل؟ فيجيب بفخر: «أنا عاطل»، ويرد الوالد: «بسم الله ماشاء الله... أنا كمان ربيت ابتني أحسن تربية، فهي ماشية على حل شعرها... لكن من أين تحصل على المال؟»، فيجيب الشاب بأنه رفع قضية حجر على والده وحصل على ثروته، وهنا تتهلل أسارير الوالد الذي يعلن سعادته بأنه حصل على الزوج المناسب لابنته: «عاطل وعاق»، وإن أخذ عليه أنه «كائن مائي»، أي يشرب الخمر ولا يدخن حشيشة الكيف!
وهكذا تمضي مشاهد العرض أو اسكتشاته، كاشفة عن أمراض المجتمع، وفاضحة سلوكياته، إلا أن الملف الأخير الذي تم فتحه في اللحظات الأخيرة هو ما أعاد الأمل في إصلاح هذه الكائنات، ألا وهو ملف الانتماء إلى الوطن!
بغض النظر عن الحل، الذي يبدو خطابياً وإنشائياً، قدَّم العرض وجبة دسمة في التمثيل والرقص والغناء، أفصحت عن المهارات التي اكتسبها المتدربون، وإن شابَته إطالة غير مبررة. أظن أن المخرج سعى إلى احتلال أكبر مساحة ممكنة، ليس لإيصال رؤيته فحسب، وإنما أيضاً لعرض مواهب ممثليه، وإن كان الأمر يحتاج إلى بعض الضبط ليمضي العمل مثل طلقة سريعة تحفظ له حيويته وطزاجته، ولا تصل بمشاهديه إلى حد الإشباع كما تعوَّدنا في العروض السابقة لخالد جلال، العروض التي تخرج منها مِن دون أن تشبع إلى حد التخمة.
قدَّم العرض سبعة وعشرون ممثلاً وممثلة، بدوا جميعاً محترفين. أداء متقن، ومهارة في التسليم والتسلم، ومهارة كذلك في الرقص والغناء، وتقديم كل منهم أكثر من شخصية، ما يعني أننا أمام «ممثل شامل» استوت تجربته، وهذا يكفي بالتأكيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.