في حلقة نقاش شاركت بها الأسبوع الماضي في جامعة الأمير سلطان ضمن المؤتمر الدولي الثامن لتطبيقات علم البيانات وتعلم الآلة، طرح سؤال عن حق الذكاء الاصطناعي في الابتكار، هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يبتكر مثلنا؟ وهل علينا الاعتراف بابتكاراته؟ أثار السؤال نقاشًا شيقًا، والواقع أن مكتب البراءات الأميركي رفض تسجيل الذكاء الاصطناعي مخترعًا في إحدى الحالات التي قدمت له. يمكن أن نلخص ملكية ابتكارات الذكاء الاصطناعي في ثلاثة توجهات: أولاً، أن تعود الملكية كاملة إلى الكيان الذي أنشأ أو درب الذكاء الاصطناعي ابتداء. وإن كان هذا التوجه حاسمًا، إنما يصعب التحقق من أن الابتكار أصيل ولم يتدخل في إنتاجه أحد. الاحتمال الآخر، إذا استعان أحدهم سواء فرداً أو شركة بالذكاء الاصطناعي لتطوير الابتكار، عندها يكون الفرد قادرًا على المطالبة بالملكية، خاصة إذا كانت مساهمته كبيرة. الاحتمال الأخير، أن تكون الملكية ليست لأحد، حيث يجادل علماء القانون أن الملكية مرتبطة بالإنسان، وما سوى ذلك يصبح الابتكار ملكًا مشاعًا. يمتد إشكال الملكية إلى الكيانات التي يمكن أن تقوم بناء عليه. في وقت قريب، كان إطلاق شركة ناشئة يعني السهر ليال طويلة، تحت ضغط شح الميزانيات، ومعركة شاقة ضد المستثمرين. لكن اليوم، يمكن لرائد الأعمال أن ينفرد بفكرته في بناء نموذج أولي وإنشاء محتوى تسويقي وأتمتة خدمة العملاء، كل ذلك قبل أن يوظف موظفًا واحدًا. كل ذلك يمكن أن ينجز بسرعة بالشراكة مع الذكاء الاصطناعي. لو كانت حقوق الملكية تعود إلى مطوري الذكاء الاصطناعي، وحسب هذا النموذج الجديد، ما مصير مئات الشركات التي تؤسس على ابتكارات أو جهود تشات (جي بي تي) مثلًا؟ توجد توجهات جديدة لمعالجة توسع الذكاء الاصطناعي في المستقبل وإن كانت تحاط بالجدل بين الحكومات ومكاتب الاختراع وسط دعوات بعدم الاستعجال. يدعو أحد المناهج إلى توسيع تعريف المبتكر ليدخل ضمنه الاعتراف بمساعدة الذكاء الاصطناعي مع المطالبة بحد أدنى من المشاركة البشرية. يدعو منهج آخر إلى إنشاء فئة جديدة مخصصة للأعمال التي أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي، على غرار براءات اختراع البرمجيات وقوانين حقوق الطبع والنشر الموجودة حاليًا. ومع ذلك، فإن الحل الأكثر مناقشة هو توضيح أن من متطلبات الاعتراف بالذكاء الاصطناعي مبتكرًا أن تصاحبه تدخلات بشرية ذات معنى لحماية الاختراع وتسجيله في المكاتب الدولية. لا شك أن ترك الحبل على الغارب للذكاء الاصطناعي يؤدي للتكاسل عن التدخل في تشكيل الاختراعات بتحسينها أو تطويرها، وتحمل المسؤولية المناسبة عند الحاجة. تحسم هذه المناقشات القانونية والسياسية أمورًا كثيرة مشكلة مستقبل الابتكار، لكن سواء اعترفنا بما يجري أم لم نعترف، الحقيقة الصادمة أننا أمام أدوات تبتكر وليس في يدينا ما نعمله، سواء اعترفنا بذلك أم لم نعترف.