نجحت عروض فرق الفنون الهندية في إحداث انتعاشة فنية في القاهرة، وحظيت بإقبال جماهيري كبير على رغم التفجيرات الإرهابية التي شهدتها مصر أخيراً. العروض قدِّمت على مسارح دار الأوبرا المختلفة، وجاءت ضمن الدورة الثانية لمهرجان «الهند على ضفاف النيل» الذي يقام في إطار برنامج تبادل ثقافي بين البلدين. العرض الرئيس في المهرجان، قدمته فرقة «بوليوود» التي تتألف من حوالى 35 راقصاً وراقصة والمتخصّصة في تقديم استعراضات أهم الأفلام الهندية الشهيرة. وقدّمت عملاً استعراضياً موسيقياً راقصاً بعنوان «قصة حب»، يحكي قصة حالمة مليئة بالعواطف الجياشة والمواقف الدرامية التي يصادفها الأحباء. ويتخلل العمل الفني العديد من الاستعراضات التي تتشابه مع مثيلاتها في أفلام السينما الهندية من مواقف رومانسية وموسيقى ورقص، كما يتضمن العرض مجموعة متنوعة من الأحداث الشيّقة التي تعكس في تفاصيلها الدقيقة ما تتسم به الثقافة الهندية من تنوع في الألوان والنكهات والحالات المزاجية. ويتميز العرض بالملابس الملوّنة الزاهية التي تشتهر بها الهند، ويعج بالمواقف الرومانسية التي تدمي قلوب العاشقين، ويتضمن مجموعة من الأغاني الهندية التي يتخللها استخدام الأقدام في إبداع بعض الإيقاعات فضلاّ عن استخدام لغة الجسد والكف والأصابع بصورة متناغمة في نسيج فني متكامل على شكل لوحات تعبيرية تجمع بين الرقص والغناء والأداء التعبيري. ونجح المخرج سانجوي روي في نقل صورة بوليوود إلى الواقع على خشبة المسرح، ليبدأ العرض بحالة من الترقب للمتلقي ويتفاعل في النهاية مع المشاهد في رحلة فنية شيّقة. كما نجح العرض في جذب الجماهير المصرية ربما لأنه قام ببطولته مجموعة من الفنانين المتميزين، منهم برييا في دور البطلة الجميلة، وراهول (البطل الوسيم) ودون (الشخصية الشريرة)، إضافة إلى بقية العارضات والعارضين البارزين من أفراد الفرقة، والذين جمعوا بين الأداء الراقص والتمثيل التعبيري. ويحمل العرض السمات الهندية ويجسد التنوع الثري لثقافة الهند وتراثها، فضلاً عن كثير من أشكال وأساليب رقص بوليوود، بدءاً من رقصة «الكاتاك» التي تبعث السكينة في النفس، وحتى رقصة «بهانجرا» المفعمة بالحيوية. وعلى رغم اعتماده على رقصات تقليدية، إلا أنه تميز بالحداثة التي تغلب حالياً على الأفلام الهندية. وكان واضحا أن المخرج هنا مزج أنواع عدة من الرقص في بوتقة واحدة حيث نجد حركات الباليه الكلاسيكي والرقص المسرحي الحديث مع الحركات التي اشتهرت بها الرقصات الشعبية الهندية، ما يعد ابتكاراً يحسب لسانجوي روي. لم يكن هذا العرض الوحيد الذي حاز إعجاب المصريين، بل يزور القاهرة في إطار المهرجان فرق هندية تقليدية عدة سبق لها زيارة مصر أكثر من مرة، منها عروض الراقصة الهندية المشهورة والمتخصصة في الرقص الكلاسيكي مارامي ميهدي، والتي قدمت عروض رقص ال «كاتاك». كما شاهد الجمهور فرقة «راجستاني جوش» إحدى فرق الموسيقى الفلكلورية من ولاية راجستان. ومن بين النشاطات القيّمة للمهرجان حلقة حوار قدّمها الشاعر الهندي جافيد أختر بعنوان «دور الأغنية في السينما الهندية»، وزيارة الممثلة السينمائية شبانة عزمي ورسام الكاريكاتور سودهير تايلانج.