خمسة عشر مشهداً مسرحياً عرضت أخيراً في مقر مؤسسة جيزويت في القاهرة، بمشاركة مجموعة من الوجوه الشابة التي أثبتت براعتها التمثيلية على رغم فقر التجهيزات، ونجح عدد من الممثلين في جذب انتباه الجمهور من الدقيقة الأولى للعرض وحتى الختام، عبر كسر الأشكال التقليدية للعروض المسرحية، وتحويلها إلى نوع أقرب إلى الفرجة الشعبية عبر مجموعة من الإسكتشات المسرحية التي لا تزيد مدة أدائها على عشر دقائق، مستخدمين كل ما أتيح لهم من خيال وحركة وإيهام وصوت وكوميديا وارتجال وتفاعل مع جمهور المتفرجين، إلى جانب الاشتباك المباشر مع الأحداث الراهنة. المشاهد المسرحية هي نتاج ورشة «ارتجال» التي أشرف عليها الإسكتلندي لورانس روديك، كما أنها إحدى الورش التي تنظمها مدرسة النهضة لفنون المسرح الاجتماعي «ناس». عن فلسفة الدراسة في مدرسة التمثيل، يقول الفنان مصطفى وافي مدير مدرسة «ناس»: «مدرسة ناس للمسرح هي مبادرة لخلق تيار مسرحي يتفاعل مع القضايا المصرية ويقدم عروضه حيث يكون الناس في الشارع والميادين والمساحات العامة في القرى والمدن والمدرسة، وهي مساحة لتدريب العارضين والعارضات على مختلف فنون الأداء ومدارس المسرح التي تعمل على تجاوز المسافة بين المسرح والمجتمع». ويضيف: «تنطلق جمعية النهضة من دور الفن في تنمية الإنسان على كل الأصعدة. وتربط الجمعية بين الإبداع وإظهار الطاقات الكامنة في الإنسان المصري. نحن نعمل مع الأطفال والشباب كي يكون لهم عقل مستنير وقلب محب، ونحضهم على الإبداع والابتكار والنظرة غير التقليدية وتغيير الواقع إلى الأفضل». وتتّبع مدرسة التمثيل التابعة لمركز الجيزويت منهجية للعمل تمتد على مدار 11 شهراً للدراسة والتدريب على فنون الأداء التمثيلي كلها، تتبعها ثلاثة أشهر مخصصة لمشروع التخرج. وتهدف التدريبات وورش العمل إلى تطوير مهارات المتدربين الجسدية والتقنية في الممارسات المسرحية المختلفة من خلال ورش متخصصة، وتنتهي كل ورشة بعرض تطبيقي للمهارات المكتسبة. تتوزع الورش على قسمين، أولهما ورش المهارات الأساسية ومنها ورشة الرقص، وهي ترمي إلى مساعدة الممثلين على إيجاد مساحات تعبيرية واسعة من الأداء الحركي ولتعميق العلاقة ما بين الجسد والعقل. وورشة ارتجالات حركية، وهي مجموعة من التدريبات تسعى إلى إكساب الممثل وعياً بالحركة وبنفسه وإعطائه فرصة لبناء معرفة بجسده من خلال دراسة تجريبية وتحليل الحركة. أما ورشة الصوت فترمي إلى تطوير المهارات الصوتية للممثل، والتعبير عن المشاعر المتباينة ومخارج الألفاظ، وكذلك السيطرة على قوة الصوت واتجاهه. ثم ورشة إعداد الممثل، وهي عن مدلولات الجسد من حركة وثبات وطاقة وحضور تدريبات حركية لجسد الممثل والتعرف إلى تفاصيله وكيفية التحكم في هذه التفاصيل. وورشة دراماتورجيا النص، من أجل فهم روح النص وتشكيله والتعرف إلى نماذج متنوعة لكتابة النص المسرحي. ثم ورشة تاريخ المسرح، من أجل إلقاء الضوء على مدارس مسرحية متنوعة وعلاقتها بالظروف الاجتماعية التي نشأت فيها. أما الجزء الآخر من الورش فيتعلق بالفنون الأدائية، وهي ورشة مسرح الشيء، وهي تهدف إلى إعطاء الأشياء «حياة» في إطار الكوميديا. ومسرح المقهورين، وهو قالب مسرحي يحاول فهم القضايا الاجتماعية من أجل إيجاد حلول بديلة للمشكلات وأيضاً تحويل المتفرجين من عنصر متلقٍ إلى لاعب رئيسي في العرض المسرحي. أما ورشة الارتجال فتهدف إلى بناء شخصية الممثل الفنية وبناء ذاته فوق خشبة المسرح وإثارة المتلقي ذهنياً واستفزازه وجدانياً وجذبه للمشاركة في بناء الفرجة المسرحية. ومن خلال ورشة «مسرح المهرج» يجري تطوير مهارات الممثل في كسر القوالب والقواعد الاجتماعية، والعمل على أكثر القضايا تعقيداً بشكل هزلي يشارك الجمهور في أشكاله البسيطة ويطرح العديد من الأسئلة التي تهم الإنسان أياً كان وضعه الاجتماعي. ثم تختتم الدراسة بمشروع التخرج، ويعمل الطلاب خلاله في مناطق محلية وفق منهجية المدرسة ورؤيتها لإنتاج عرض لمشروع التخرج.