قبل 18 سنة اغتيل أربعة قضاة لبنانيين على قوس المحكمة داخل قاعة محكمة الجنايات في صيدا، وعلى رغم تكثيف الجهود لكشف الجناة إلا أن التحقيق آنذاك لم يتوصل إلى معرفة كامل هوياتهم إلى أن تم توقيف الفلسطيني عماد ياسين في أيلول (سبتمبر) العام الماضي، وهو أمير «داعش» في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، ليكشف أن رئيس «عصبة الأنصار» الفلسطيني أحمد عبدالكريم السعدي الملقب ب «ابو محجن» هو «من أعطى الأمر بتنفيذ العملية وكلف الفلسطيني حسان الشهابي وفلسطينياً سورياً وثالثاً أردنياً ملقباً ب «أبو همام» لتنفيذها، وكان «ابو محجن» يريد من ذلك ضرب هيبة الدولة». وصدر أمس، عن المحقق العدلي في الجريمة القاضي بيار فرنسيس القرار الاتهامي الذي اتهم فيه السعدي إلى جانب كل من محمود حسين مصطفى وابراهيم جمال لطفي ووسام حسين طحيبش وحسين محمد شاهين وجهاد عويدات السواركة الملقب ب «ابو همام» بالتحريض على الجريمة وتنفيذها، طالباً لهم عقوبة الإعدام. كما اتهم كلاً من محمد قاسم طاهر وفريد سطام حجو بجناية المادة 408 من قانون العقوبات التي تنص على أن من شهد أمام سلطة قضائية أو قضاء عسكري أو إداري فجزم بالباطل أو أنكر الحق أو كتم بعض أو كل ما يعرفه من وقائع القضية التي يسأل عنها، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وإذا أُديت شهادة الزور في أثناء تحقيق جنائي أو محاكمة جنائية قضي بالأشغال الشاقة عشر سنوات على الأكثر وإذا نجم عن الشهادة الكاذبة حكم بالإعدام بعقوبة مؤبدة فلا تنقص الأشغال الشاقة عن عشر سنوات ويمكن إبلاغها إلى 15 سنة. كما طلب القاضي فرنسيس إصدار مذكرة تحرّ دائم لمعرفة كامل هوية كل من «أبو الوليد» (جزائري الجنسية) وشخص تونسي كان يقود السيارة التي استعملت في الجريمة وهي من نوع «ب أم دبليو» وأشخاص آخرين يحتمل تورطهم فيها، واحالة الملف الى المجلس العدلي للمحاكمة. ويتضمن القرار الاتهامي في وقائعه كيفية حصول الجريمة صباح 8 حزيران (يونيو) العام 1999 وفقاً للتحقيقات الأولية التي أجريت حينها، إذ تعرضت قاعة المحكمة لإطلاق النار بكثافة من رشاشات حربية، فيما كانت الجلسات منعقدة ما أدى إلى إصابة كل من رئيس المحكمة القاضي حسن عثمان ومستشاريه القاضيين عماد شهاب ووليد هرموش والمحامي العام الاستئنافي القاضي عاصم بو ضاهر الذين قتلوا على الفور. كما أصيب نتيجة ذلك محام وأشخاص آخرون كانوا داخل القاعة. وإثر ذلك دخل الجناة إلى مخيم عين الحلوة المحاذي لمدينة صيدا. المقدح ل «الحياة»: ابو محجن متوار وسألت «الحياة» قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في مخيمات لبنان منير المقدح عن إمكان تسليم المطلوبين في هذه الجريمة في ضوء القرار الظني إلى الدولة اللبنانية، خصوصاً أن لجنة متابعة لقضية المطلوبين في مخيم عين الحلوة تعمل في هذا الاتجاه. وقال: «اللجنة تتواصل مع الدولة وتبذل جهدها مع القوى السياسية لتسليم المطلوبين الموجودين في المخيم، والقانون يسري على الجميع». ورأى أن الأجواء في المخيم تشبه الأجواء في كل لبنان، لكن في نهاية المطاف فإن الحكم على مجموعة أو حالة يفترض ألا يؤدي إلى مشكلة في البلد». ورأى «أننا في حاجة إلى عفو عام لتسير الأمور في المخيمات كما في البلد». وعن إحالة هذه الجريمة على المجلس العدلي حيث لا يجدي العفو العام، قال المقدح: «هناك جرائم لا يمكن تجاوزها وهناك جرائم لا يلحقها العفو، لكن لا بد من حل الأمور بطريقة ما، ف «ابو محجن» متوار منذ منتصف تسعينات القرن الماضي والتحقيق في الجريمة يحتاج إلى وقت طويل وهناك من قد يبرأ وهناك من يدان».