تبادلت الحكومة الأردنية مع قوى المعارضة الاتهامات بالمسؤولية عن المواجهة بين قوات الأمن والمعتصمين وسط عمان اول من امس. وحمل رئيس الوزراء معروف البخيت «الإخوان المسلمين» المسؤولية عن الأحداث التي أوقعت قتيلاً و 120 إصابة الأمر الذي نفته حركة «شباب 24 آذار» متهمة الحكومة وأجهزتها الرسمية بالاعتداء عليهم مطالبين رئيس الوزراء بالاستقالة وتشكيل لجنة تحقيق محايدة. وتواصلت مسيرات في عمان تعبيراً عن الفرح بإنهاء الاعتصام. ووصف البخيت أمام مجلس الأعيان الأحداث «بالمؤسفة والمحزنة لأنها أضرت بسمعة الأردن الذي حاول بجميع أجهزته ومؤسساته أن يبنيها في الفترة الأخيرة». وتعهد بالحفاظ على حق المواطنين في التعبير الحر خلال المسيرات السلمية، لكنه أشار إلى دور الحكومة في «الحفاظ على امن المجتمع واستقراره وتسيير حياة الناس ومصالحهم بعيداً عن محاولات احتلال الشوارع والميادين وإملاء الشروط على الدولة». وقال البخيت إن الاعتصام على دوار الداخلية «تسبب باستفزاز وإثارة قطاعات واسعة من الفئات الاجتماعية والاقتصادية التي ارهقها استمرار التظاهرات والاعتصامات لما لها من تأثير سلبي على سير النشاط التجاري وحركة المواطنين الذين يقصدون المنطقة لمتابعة معاملاتهم في الدوائر الحكومية». وكشف أن الحكومة سعت إلى إجراء اتصالات مع عدد من قيادات الإخوان المسلمين مرات عدة الخميس الماضي من اجل إخلاء ميدان الداخلية «بعد توافر المعلومات الأكيدة بعلاقتها المباشرة مع المجموعة المعتصمة لطلب تدخلها لإنهاء الاعتصام الذي كان يسير باتجاه التأزم في ضوء ما كان يطلق من شعارات استفزازية تثير مشاعر الغضب عند الشعب الذي يعتز بالتفافه حول النظام الهاشمي ولا يقبل المساس بمقومات هذا البلد وهويته وانتماءاته الوطنية والقومية». وأضاف «على رغم كل المحاولات الحكومية لتجنب إثارة الفتن لم تتجاوب قيادات الإخوان مع دعوتنا وتأكيدنا أن المجال مفتوح للحوار على الطاولة بدلاً من التصعيد في الشارع، وقلنا لهم بأن يدنا ممدودة دائماً للحوار مع الحركة الإسلامية إذا ارتضت الانضمام لجميع ممثلي أطياف المجتمع المدني للحوار حول تحقيق الإصلاحات السياسية». وأضاف البخيت «مع تطور الأحداث، التي حذرنا الحركة من عواقبها خلال اتصالاتنا تلك، وصل في ساعات الظهر عدد كبير من المواطنين إلى الدوار، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بينهم وبين المعتصمين، واضطرت قوات الأمن والدرك إلى التدخل لفض الاعتصام بخراطيم المياه تجنباً لتعرض المواطنين للأذى، مع التزام أفراد الأمن ضبط النفس وتعرضهم للأذى من قبل المعتصمين، حيث كان عدد المصابين من قوات الأمن يساوي تقريباً عدد المصابين من كلا الطرفين». وقال «نحن لا نزال نحترم المعارضة وحزب جبهة العمل الإسلامي فهم جزء من نسيج هذا المجتمع ونحن جاهزون في أي لحظة يرغبون فيها للحوار مع الآخرين». وأضاف البخيت « ما حدث امس هو بالتأكيد بداية فتنة وغير مقبول». ووجه البخيت تحذيراً مباشراً إلى الحركة الإسلامية قائلاً «كفاكم لعباً بالنار، إلى اين تريدون أن تأخذوا الأردن، سيكشفكم الأردنيون الذين يرون فيكم الجانب الطيب وعندما يرون إصراركم على اللعب بالنار سيكشفونكم وسيعزلونكم». ورد حزب «جبهة العمل الإسلامي» على اتهامات البخيت وطلب من العاهل الأردني التدخل مباشرة وإقالة حكومة البخيت «لفتح المجال أمام حكومة إصلاح وطني وحل قوات الدرك». وأكد الحزب، في مؤتمر صحافي عقده الأمين العام حمزه منصور، على «ضرورة محاسبة المسؤولين عن العدوان الذي حدث على معتصمي شباب 24 آذار على دوار الداخلية»، مطالباً بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين على خلفية الاعتصام عقب مطاردة قوات الدرك لهم أو اقتيادهم من المستشفيات. وطالب الحزب بوقف «حملات تعبئة المواطنين وتحشيدهم باسم الولاء والانتماء لما يترتب عليها من شروخ في نسيج وحدتنا الوطنية وإساءة لأمن الوطن وقيادته بإعطاء إيحاءات بانقسام الشعب حول القيادة». وأعرب الحزب عن اسفه لما جاء على لسان رئيس الوزراء الذي شكك في نوايا وقرارات الحزب، مؤكداً أن هذه التهم التي تلقى جزافاً لن تجد آذاناً صاغية لها لمعرفة الشعب الأردني باستقلالية قرارات الحركة الإسلامية. وحمّل شباب الرابع والعشرين من آذار الحكومة وأجهزتها الرسمية مسؤولية الاعتداء عليهم خلال اعتصامهم المفتوح في ميدان جمال عبدالناصر»الداخلية» يوم الجمعة ، وطالب الشباب في مؤتمر صحافي عقدوه في مجمع النقابات المهنية امس بتنحي رئيس الوزراء وتحمل مسؤوليته الكاملة في حماية الحراك الشعبي . وطالب (الحراك الشبابي) الجهات المسؤولة بالإطلاق الفوري للمعتقلين، نافين الزعم بانتمائهم لأي جهة سياسية أو حزبية. ورفض (شباب حركة 24 آذار) دعوة وزير الدخلية بتشكيل لجنة حكومية للتحقيق في الحادث الذي وقع في ميدان جمال عبد الناصر. وطالبوا «بتشكيل لجنة وطنية ليست تابعة للحكومة». وأكدت عائلة القتيل خيري جميل سعد (57 سنة) استمرارهم بالاعتصام إلى حين حصولهم على «اعتراف» الأمن العام بالمسؤولية عن قتل ابنهم ورفضوا استلام الجثة امس، بعد صدور تقرير التشريح الرسمي الذي ارجع سبب الوفاة إلى «وجود تضخم في القلب وأكياس على الكلى واستسقاء رئوي وارتفاع ضغط الدم». وذكر التقرير وجود «إصابات سطحية بسيطة مع خدش على مقدمة الرجل اليسرى وخلع السن الأمامي العلوي ولا علاقة لتلك الإصابات في سبب الوفاة». وكان مجلس شورى حزب «جبهة العمل الإسلامي» عقد اجتماعاً طارئاً مساء امس طالب فيه العاهل الأردني بحل مجلس النواب وإقالة الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. ودعا المجلس الوزراء والنواب والأعيان وأعضاء لجنة الحوار الوطني إلى الاستقالة الفورية «إعلاناً عن استنكارهم لما حدث». وفي السياق ذاته، أعلن نقابيون انضمامهم لحركة شباب 24 آذار خلال اجتماع عقدوه صباح أمس في مجمع النقابات المهنية، مشيرين إلى «انهم سيشاركون في جميع التحركات التي ستنفذها الحركة». ودعت نقابة المحامين الحكومة إلى الاستقالة لعدم قدرتها على اتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقوع الاعتداءات في ميدان جمال عبدالناصر «الداخلية»، وحضت المحامين على الاعتصام في غرف المحامين وقاعات المحاكم اليوم. وحمل «المركز الوطني لحقوق الإنسان» الحكومة مسؤولية الاعتداء على المعتصمين كونها « لم تتخذ التدابير الفعالة لمنع مختلف أشكال الاعتداء على المتظاهرين ومنع تعرض طرف متظاهر لآخر وقيامها بفض الاعتصام بالقوة». وقال المركز في بيان صدر امس «كان الأجدر فصل التظاهرتين في ميادين أو شوارع منفصلة منعاً للتماس وأعمال العنف بينهما». وأكد على حق المتظاهرين في التجمع السلمي والتعبير عن أرائهم بحرية تامة باعتبارها حقوقاً مكفولة بموجب الدستور.