تحدى مواطنو إقليم كاتالونيا في إسبانيا حظر الحكومة الاستفتاء على استقلال الإقليم، واحتشدوا بالآلاف أمام مراكز اقتراع وسط انتشار أمني كثيف للشرطة، التي أعلنت مصادرة صناديق وبطاقات اقتراع، واقتحمت بعض المراكز، وأحدها في مجمع رياضي كان سيقصده رئيس الإقليم كارليس بيغديمونت للتصويت، ما دفعه إلى الاقتراع في قرية كورنيا دي تيري بمنطقة جيرونا. ودعت حكومة الإقليم الذي يقطنه 7.5 مليون شخص وله لغته وثقافته الخاصة، ويعد مركزاً صناعياً يفوق حجم اقتصاده نظيره في البرتغال، الناخبين إلى الإدلاء بأصواتهم في أي مركز اقتراع يجدونه مفتوحاً إذا كانت مراكزهم الأصلية مغلقة إثر إغلاق الشرطة عدداً كبيراً من المدارس ال2300 التي استقبلت صناديق الاقتراع. وأعلنت الحكومة أيضاً صلاحية استخدام بطاقات الاقتراع المطبوعة منزلياً من أجل تسهيل التصويت، بعدما صادرت الشرطة أوراق الحملات الانتخابية. ولم يتردد المنظمون في مطالبة الناس بالمقاومة إذا تدخلت الشرطة. وأمام مدرسة إيسكويلا فيدرونا دي غارسيا في برشلونة، منع الحشد رجلي أمن من دخول مركز التصويت. وسأل العنصران: «من المسؤول هنا»؟، فردّ الحشد: «نحن جميعاً». ثم قال أحد العنصرين إنه سينتظر في الخارج المسؤول عن المركز، قبل أن يبتعد مع زميله وسط تصفيق الحشد وهتافه «سنصوّت». وصرح باول فالس (18 سنة)، الطالب الذي يدرس الفلسفة: «نعتقد في كاتالونيا بأنه من الضروري أن نقرر إذا كنا نريد البقاء في الدولة الإسبانية». وراقب أفراد من شرطة الإقليم مراكز الاقتراع، علماً أن القضاء كان أمر الجهاز الإقليمي بمساعدة الحرس المدني والشرطة الإسبانية اللذين انتشرا بكثافة في المنطقة، في تفريق المتظاهرين. لكن شرطة المنطقة أكدت انها لن تلجأ إلى ذلك إلا إذا حصلت اضطرابات. وأظهرت لقطات تلفزيونية تحطيم شرطيين بفؤوس نوافذ وفتحهم باباً بالقوة في المركز الرياضي حيث كان سيصوّت رئيس الإقليم بيغديمونت، في وقت رفع ناخبون قبضات أياديهم وأدوا النشيد الوطني لكاتالونيا الوطني. وأطلقت الشرطة الرصاص المطاطي في تقاطع بين شارعين في برشلونة خلال خلاف مع ناخبين. وحمل خون ماراوري، وهو من بلاد الباسك، رصاصة مطاطية قال إنه عثر عليها بعدما تصدت الشرطة للمتظاهرين. وكشف متظاهر آخر هو دافيد بوجول عن إصابته برصاصة مطاطية في ساقه. كما حصل تدافع بين رجال أمن يمسكون دروع مكافحة الشغب ومئات من الناخبين خارج مركز اقتراع في مدرسة ببرشلونة فيما هتفت الحشود «نحن سلميون». وتوقفت عربات مدرعة وسيارات إسعاف قرب من الموقع. وأفادت أجهزة الطوارئ في إقليم كاتالونيا بأنها عالجت 38 شخصاً أصيبوا في عمليات تدخل للشرطة، موضحة أن «35 منهم أصيبوا بجروح طفيفة وثلاثة بجروح أكثر خطورة، أوجبت نقل تسعة منهم إلى مركز طبي». في المقابل، أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية أن 11 عنصراً أمنياً أصيبوا في كاتالونيا «خلال تنفيذهم أوامر القضاء بمنع تنظيم الاستفتاء. كما تعرض آخرون لرشق بحجارة». ودان بيغديمونت الذي يرأس الإقليم منذ مطلع 2016: «العنف غير المبرر لعناصر الشرطة الوطنية باستخدام هراوات ورصاص مطاطي وتنفيذها اعتداءات بلا تمييز على أشخاص يتظاهرون سلمياً»، مؤكداً أن استخدام هذه الوسائل «لن يعطل إرادة الكاتالونيين». وكان بيغديمونت (54 عاماً)، صرح عشية الاستفتاء: «يجب أن نبدأ مفاوضات غير مشروطة بموجب اتفاق مع الحكومة الإسبانية. هذه أمنية جميع الكاتالونيين الذين يريدون التصويت». وأبدى بيغديمونت استعداده للتخلي عن الاستفتاء الذي منعته المحكمة الدستورية إذا وافقت حكومة المحافظ ماريانو راخوي على بدء مفاوضات تسمح في النهاية بإجراء استفتاء قانوني. وقال: «إذا دعت الدولة إلى الاتفاق على استفتاء سنوقف هذا الاستفتاء». وطالب ممثل الحكومة الإسبانية السلطات الانفصالية في المنطقة وضع حد ل «مهزلة» الاستفتاء على الاستقلال، وقال ممثلها انريك ميلو في مؤتمر صحافي إن «رئيس كاتالونيا، بيغديمونت، وفريقه هم وحدهم مسؤولون عن كل ما حصل اليوم وكل ما يمكن أن يحصل إذا لم يوقفوا هذه المهزلة».