تشهد ألمانيا منذ مطلع هذا العام، جولة جديدة من المفاوضات حول زيادة الأجور بين النقابات العمالية وأرباب العمل الألمان. ويطالب العمال هذه المرة بزيادات أعلى من السابق بعد الازدهار الذي سجله الاقتصاد الألماني العام الماضي، والذي نما بنسبة 3.6 في المئة مع توقع معدل نمو جيد خلال العام الجاري، يراوح بين 2.5 في المئة و3. وحصل عمال شركة السكك الحديد الألمانية وموظفوها ال 135 ألفاً، على زيادة في الأجور تعادل خمسة في المئة، وعمال وموظفو ثاني أكبر شركة لتوريد الطاقة في البلاد «إر في إي» (28 ألفاً) على 3.4 في المئة. ووافقت شركة سيارات «فولكسفاغن» التي تشغّل نحو 100 ألف شخص على دفع زيادة 4.2 في المئة. ولا تزال المفاوضات مستمرة حول نسبة الزيادة في أجور 100 ألف شخص يعملون في شركة «تيليكوم»، حيث تطالب النقابة العمالية ب 6.5 في المئة لأصحاب الأجور المرتفعة، وبرفع الأجور المنخفضة مقدار 170 يورو شهرياً. وفي مؤسسات الولايات الألمانية وإداراتها العامة، باستثناء ولايتي برلين وهسّن، حيث يعمل نحو 643 ألف موظف، تطالب نقابة «فردي» واتحاد الموظفين الاتحاديين بزيادة 3 في المئة، إضافة إلى 50 يورو زيادة على أساس المعاش، في ظلّ رفض الحكومات المحلية القاطع لذلك، بحجة العجز في موازناتها. وفي قطاع الصناعة الكيماوية، حيث يعمل نحو 550 ألف شخص، تطالب نقابة القطاع «إي سي بي سي إي» برفع الأجور من 6 إلى 7 في المئة وسط رفض تام من أرباب العمل. وفي قطاع البناء، الذي يضم نحو 566 ألف شخص، تطالب نقابة «إي غي باو» بزيادة 5.9 في المئة، مشيرة إلى أن المطالبة هي «للتعويض عن ضبط النفس الذي مارسه العمال في السنوات العجاف الماضية». وبدورها أعلنت نقابة الغذاء والمطاعم «إن غي غي» التي تشغّل حوالى 1.4 مليون شخص، أنها ستطالب بزيادة من 5 في المئة إلى ستة، «لأن العاملين في القطاع تخلوا عن أي زيادة فعلية خلال سنوات الأزمة». وأشارت مؤسسة «هانس بوكلر» القريبة من النقابات العمالية في دراسة حول توزيع الدخل والأرباح في ألمانيا، أن «بعد عشر سنوات من المراقبة، تبيّن أن تطوّر معدل نمو المعاشات والأجور بين الأعوام 2000 و2010، يقل بكثير عن تطور أرباح أرباب العمل ورؤوس الأموال. ونقلت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية (الغرفة)، عن واضع الدراسة الخبير راينهارد بيسبينك، أن متوسط الدخل الخام للفرد العامل في البلاد العام الماضي، كان أقل بنسبة 4 في المئة عن مستواه المسجل عام 2000. وتابع أن العاملين خسروا عام 2001 وبين الأعوام 2004 و2009 سبع مرات على التوالي من قيمة أجورهم بسبب ظروف الأزمة الاقتصادية الدولية، في مقابل ثلاث سنوات فقط من الزيادات الفعلية على أجورهم حصلت في أعوام 2002 و 2003 و 2010. لا شك في أن وضع العاملين بعقود عمل منظمّة كان أفضل من المتوسط العام في البلاد لأن أجورهم ارتفعت فعلياً بنسبة 7 في المئة خلال عقد من الزمن، إلا أن النمو الوسطي لأجور هؤلاء بقي متخلّفاً عن ارتفاع الإنتاجية والأسعار. وقال بيسبينك: «ما يطبع العقد الماضي هو تنامي اللامساواة في توزيع الدخل القومي». واعتبر أن «نمو دخل أرباب العمل ورأس مالهم وممتلكاتهم، بلغ خلال هذه الفترة نسبة 45 في المئة في مقابل 16 في المئة للعاملين، أي ما يوازي ثلاثة أضعاف».