كشفت وثائق مسربة من مقرات جهاز مباحث أمن الدولة التي اقتحمها متظاهرون في مصر كماً كبيراً من التجاوزات والفضائح، بينها مراقبة هواتف مسؤولين ومعارضين وتدوين أسرار عائلية تخصهم وترتيب عمليات تزوير الانتخابات واختلاق أحزاب معارضة صورية وعقد اتفاقات مع قوى معارضة أخرى لتحقيق أهداف محددة، و «التعاون» مع شخصيات وكتاب حسبوا دوماً على المعارضة للإساءة إلى معارضين، إضافة إلى تنظيم استغلال كشوف بأسماء الموتي والمهاجرين لتزوير الانتخابات البرلمانية. وكان متظاهرون اقتحموا مقرات عدة لمباحث أمن الدولة في القاهرة والمحافظات لضمان عدم إتلاف وثائق أمن الدولة والتحفظ عليها لتسليمها للجيش، لكن بعض الشباب نشروا وثائق على مواقع الإنترنت، خصوصاً «فايسبوك». وعزت وثيقة بعنوان «الرؤية التحليلية لحالة الفوضى التي شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة»، حملت عبارة «سرى للغاية» ويعود تاريخها إلى 10 شباط (فبراير) الماضي، التظاهرات التي انتهت بإطاحة الرئيس السابق حسني مبارك، إلى أن «الولاياتالمتحدة اضطلعت بالاشتراك مع دول الاتحاد الأوروبي بمشاركة النظام الصهيوني في وضع مخطط يستهدف اختراق المنطقة العربية والإسلامية لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي على نحو يتناسب مع توجهات الكيان الصهيوني، وإفقاد العالم العربي هويته القومية والإسلامية وإجبار شعوبه على التطبيع مع إسرائيل». واتهمت الوثيقة إيران و «حزب الله» اللبناني وحركة «حماس» الفلسطينية «باستغلال روابطهم بعناصر جماعة الإخوان المسلمين في الداخل والعناصر البدوية المرتبطة بهم لمهاجمة المقرات الأمنية، وعلى رأسها السجون، لتحرير العناصر المعتقلة من المرتبطين بهم وسرقة الأرشيف ودفاتر التليفونات التي تحتوى على الهيكلة الكاملة لضباط الجهاز وأرقام هواتفهم المنزلية». وزعمت أن مؤسس صفحة «كلنا خالد سعيد» على موقع «فايسبوك» وائل غنيم «اعترف باضطلاع أحد قيادات شركة غوغل الأميركية من أصل يهودي ويدعى جيرارد كوهين بأمر إنشائه للصفحة، وأن كوهين تردد على مصر والتقى غنيم عشية تظاهرة جمعة الغضب في 28 كانون الثاني (يناير) الماضي». ورجحت أن تكون الشركة «غطاء لأعمال استخباراتية، خصوصاً عقب توسطها لدى وزارة الخارجية الأميركية لإخلاء سبيل غنيم رغم أنه لا يحمل الجنسية الأميركية». وأشارت وثيقة إلى أن جهاز مباحث أمن الدولة كان يتنصت على المكالمات الهاتفية لأعضاء وقيادات «الجمعية الوطنية للتغيير» ورئيسها الدكتور محمد البرادعي وذويه ورئيس الوزراء السابق كمال الجنزوري. وجاء في إحدى الوثائق أن الجنزوري طلب من الإعلامي المعارض حمدي قنديل ضرورة عودة البرادعي إلى مصر وتحذيره من الآثار السلبية جراء تواجده في الخارج لفترات طويلة. ووضعت إحدى الوثائق «مخططاً للتشهير بقيادات الجمعية الوطنية للتغيير من خلال الاعتماد على الاتهامات التي تتناول العلاقات الشخصية». وكشفت وثيقة أخرى تعاوناً بين «الإخوان المسلمين» وجهاز مباحث أمن الدولة في ترتيبات انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) التي أجريت في العام 2005، إذ ذكرت الوثيقة أن اجتماعاً عقد في أحد مقرات أمن الدولة في 31 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 بين ضابط كبير فيه ونائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر ومسؤول ملف الانتخابات في الجماعة محمد مرسي من أجل «التنسيق بين الجماعة والجهاز في شأن انتخابات مجلس الشعب». وأشارت الوثيقة إلى أن المجتمعين عرضوا أسماء مرشحي «الإخوان» في الانتخابات ودوائرهم وأن «جهود الشاطر ومرسي أسفرت عن تقليص عدد المرشحين المزمع خوضهم الانتخابات في المرحلة الأولى من 62 إلى 51 مرشحاً». وقالت الوثيقة إن «الجماعة تسعى إلى اكتساب ثقة جهاز مباحث أمن الدولة بإصدار تكليفات لعناصرها بعدم مساندة العناصر الإثارية». ولفتت إلى «الاتفاق على إخلاء بعض الدوائر من أي مرشحين للإخوان». واتهمت وثيقة أخرى مفتي البلاد الدكتور علي جمعة بتعدد زيجاته بصورة سرية. وفي وثيقة أخرى، طلب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق اللواء حسن عبدالرحمن من فروع الجهاز فرم الملفات والمستندات «نظراً إلى ما تشهده البلاد في الوقت الراهن من حراك سياسي وتصاعد الوقفات الاحتجاجية، واستغلال بعض العناصر المناهضة تلك الوقفات، واحتمال محاولة مهاجمة بعض المقارات الشرطية، ومنها بعض الفروع والمكاتب». وانتشرت صور وأشرطة على الإنترنت لأطنان من الورق المفروم داخل مقرات أمن الدولة التي تم اقتحامها من قبل الغاضبين. وناشدت رئاسة مجلس الوزراء المواطنين عدم التصرف في أي مستندات تقع في يد أحدهم أو نشرها على الإنترنت. وطلبت في رسالة عبر صفحتها على «فايسبوك» تسليم هذه المستندات إلى الجيش في أسرع وقت، «للحفاظ على أهمية هذه المستندات وسريتها». وتحفظت قوات الجيش على كثير من الملفات والأوراق التي كانت موجودة في مقرات مباحث أمن الدولة تحت إشراف النيابة العامة.