قدّم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أمس، أقوى مؤشر إلى تجميد عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، واتهمها ب «قطع الجسور» بين الجانبين. ودعا إلى توسّع الاتحاد إلى البلقان، وتسريع وتيرة تعميق الاندماج السياسي في التكتل، ما يمكّنه من التحوّل «لاعباً دولياً»، مدافعاً عن تأسيس «اتحاد دفاع أوروبي» عام 2025. تصريحات يونكر وردت في خطاب «حال الاتحاد» أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، والذي اعتُبر الأهم الذي يلقيه خلال ولايته التي تنتهي خريف العام 2019. وتفادى رئيس المفوضية طرح ملفات دولية وأزمات مشتعلة في مناطق الجوار، متجنباً احتساب خروج بريطانيا من الاتحاد ضمن عثرات التكتل، قائلاً: «سنتقدّم لأن بريكزيت ليس مستقبل أوروبا». وتعمّد يونكر استخدام أسلوب مباشر في حديثه عن تركيا، بقوله: «يجب أن يكون احترام دولة القانون والعدالة والقيم الأساسية في صدارة أولويات الدول المرشحة للعضوية». واستنتج أن هذا المعيار «يستبعد عضوية تركيا في الاتحاد في المستقبل المنظور»، بعدما «قطعت بسرعة كبيرة خطى عملاقة بعيداً من الاتحاد». وأضاف: «لديّ انطباع أحياناً بأن بعضهم في تركيا يريد قطع الجسور ليتهم الاتحاد لاحقاً بفشل مفاوضات العضوية». وناشد القادة الأتراك إطلاق الصحافيين وسجناء الرأي والنقابيين والقضاة، و «الكفّ عن إهانة دولنا ورؤسائنا وحكوماتنا، عبر وصفهم بالفاشيين والنازيين»، وزاد: «مكان الصحافيين هو في هيئات التحرير حيث تسود حرية تعبير، لا في السجون». في المقابل، تطرّق يونكر إلى حوار متجدد في البلقان، في إطار مساعي صربيا وألبانيا ومقدونيا ومونتينيغرو والبوسنة وكوسوفو إلى عضوية الاتحاد، قائلاً: «إذا أردنا مزيداً من الاستقرار في محيطنا، علينا أن نخصّص جزءاً كبيراً من التوسّع لغرب البلقان». وأبلغ سفير أوروبي عمِل في تركيا لسنوات «الحياة»، بأن «الجسور انقطعت بين تركيا والاتحاد»، لافتاً إلى تجميد مفاوضات العضوية «أقلّه خلال حكم» الرئيس رجب طيب أردوغان. وتحدث يونكر عن تقدّم حققته الدول الأوروبية في إدارة أزمة الهجرة، فيما أتاح الاتفاق مع تركيا خفض وتيرة تدفق المهاجرين بنسبة 97 في المئة. واستدرك أن «الاتحاد لن يقبل أبداً التخلي عن مهمة النجدة في البحر»، مثنياً على إيطاليا التي «أنقذت الشرف الأوروبي»، ومعرباً عن صدمته إزاء «ظروف احتجاز غير إنسانية يواجهها المهاجرون في ليبيا». وشمل خطاب «حال الاتحاد» أرقاماً إيجابية، إذ استعاد الاقتصاد الأوروبي نمواً بلغ 2 في المئة، ونجح في خلق 8 ملايين وظيفة منذ عام 2014، مخفضاً العجز من 6.6 إلى 1.6 في المئة. وأكد يونكر انفتاح الاتحاد على العالم وتمسكه بخيار إبرام اتفاقات للتبادل التجاري الحر، على رغم انتقادات لدى أوساط المحافظين والنقابات في أوروبا وفي الولاياتالمتحدة. لكن الاتحاد يعوّل خصوصاً على مستقبل الاقتصاد الرقمي واندماج منطقة عملة يورو، فيما يدعم يونكر اقتراحاً ألمانياً- فرنسياً بتعيين وزير أوروبي للمال، لتنسيق الموازنات والأنظمة الضريبية. وقال: «أوروبا انتعشت مجدداً. باتت لدينا نافذة على فرصة، لكنها لن تبقى مفتوحة إلى الأبد. علينا بذل أقصى جهد للاستفادة من هذه الديناميكية». ودعا إلى تجاوز الهوة المُهددة بالاتساع بين شرق أوروبا وغربها، مؤكداً أن «أوروبا يجب أن تتنفس برئتيها، وإلا ستضعف». كما اقترح دمج منصبه بمنصب رئيس المجلس الأوروبي الذي يضم قادة الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد، ل «تعزيز الفاعلية الأوروبية». وأضاف أن «قراءة المشهد الأوروبي وفهمه سيصبحان أكثر سهولة إذا قاد قبطان واحد السفينة الأوروبية». وحضّ يونكر على أداء الاتحاد دور «لاعب دولي»، ودافع عن إنشاء صندوق للدفاع الأوروبي، لتمويل برامج البحوث والتطوير في المجال العسكري. وأعرب عن أمله بامتلاك الأوروبيين آليات تتيح تأسيس «اتحاد الدفاع الأوروبي عام 2025».