خلُصت قمة جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والمصري عبدالفتاح السيسي، على هامش أعمال قمة تجمع «بريكس»، التي تستضيفها مدينة شيامين الصينية، إلى اتفاق على تعزيز التعاون بين البلدين لا سيما في الملف الاقتصادي، وتكثيف التنسيق للتوصل إلى حلول سياسية في قضايا المنطقة تساهم في استعادة الأمن والاستقرار. وبدا أن اللقاء بين الرئيسين توج حسم الخلافات بين القاهرة وموسكو في شأن بعض بنود اتفاق تنفيذ روسيا أول محطة نووية مصرية لتوليد الطاقة الكهربائية على ساحل البحر المتوسط، إذ دعا السيسي بوتين الى حضور احتفال وضع حجر الأساس للمحطة التي ستقام في مدينة الضبعة (شمال غربي القاهرة). كما بحث الجانبان عودة السياحة الروسية التي توقفت في أعقاب سقوط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء في تشرين الأول (أكتوبر) العام 2015. وكان الرئيس الروسي استقبل نظيره المصري، الذي أعلن قبل التئام القمة أمام الصحافيين أن مصر أكملت اتفاق بناء محطة الطاقة النووية في «الضبعة»، وأصبح جاهزاً للتوقيع، داعياً الرئيس بوتين إلى حضور احتفال التوقيع على الوثيقة رسمياً ووضع حجر الأساس. وتطرق السيسي إلى التطورات الإقليمية وأكد الحرص على «لعب دور إيجابي في أزمات المنطقة لاسيما في سورية وليبيا. ونعمل على مواجهة الإرهاب والمحافظة على وحدة أراضي تلك الدول». وأوضح الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف، أن الرئيس الروسي أكد خلال اللقاء «الأهمية التي توليها بلاده لتطوير العلاقات الوثيقة مع مصر في جميع المجالات، وبصفة خاصة العلاقات الاقتصادية والتجارية»، مشيداً ب «زيادة التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 14 في المئة، والتواصل المستمر بين الجانبين لدفع وتطوير العلاقات». كما ثمن الرئيس الروسي التنسيق القائم بين مصر وروسيا على صعيد عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مشيداً بدور مصر الإيجابي في النزاعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وحرصها على التوصل إلى حلول سياسية لتلك النزاعات. وأكد السيسي من جانبه، حرص مصر على «تعزيز العلاقات المهمة التي تجمعها بروسيا وتطوير أوجه التعاون المشترك على مختلف الأصعدة»، مشيداً بالتعاون الثنائي القائم في العديد من المجالات، والمشروعات المشتركة التي سيتم البدء في تنفيذها، خصوصاً مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد، ومشروع إنشاء محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية. وأشار الناطق الرئاسي إلى أن السيسي وجه الدعوة إلى الرئيس بوتين لحضور الاحتفال الذي سيقام بمناسبة وضع حجر الأساس لمحطة الضبعة، وهو ما رحب به الرئيس الروسي، على أن يتم الاتفاق على موعد الزيارة بين الجانبين. وأضاف أن «الرئيسين استعرضا عدداً من القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما النزاعات القائمة في منطقة الشرق الأوسط، حيث اتفقا على أهمية التوصل إلى حلول سياسية لمختلف تلك النزاعات بما يساهم في استعادة الأمن والاستقرار لدول المنطقة ويحافظ على وحدة وسيادة أراضيها». وتابع أن «الرئيسين تطرقا خلال اللقاء إلى عدد من المواضيع المتعلقة بالعلاقات الثنائية، ومنها استئناف الرحلات الجوية الروسية إلى مصر، حيث أشاد الرئيس الروسي بالجهود التي قامت بها السلطات المصرية في تأمين المطارات»، معرباً عن أمله «باستئناف رحلات الطيران الروسي قريباً عقب انتهاء المشاورات الجارية بين الجانبين على المستوى الفني». وحول هذا الملف، أعلن وزير النقل الروسي مكسيم سوكولوف، أمس، أن الخبراء الروس يقيمون إيجابياً الإجراءات والتجهيزات الأمنية في أحد مباني مطار القاهرة، وأن مصر أنجزت عملاً كبيراً في هذا الاتجاه. وقال الوزير الروسي: «سأقدم تقريراً إلى رؤساء الدول بأن الجانب المصري أنجز عملاً كبيراً لتعزيز أمن الطيران والنقل والمطارات، وبالدرجة الأولى مطار القاهرة، حيث درس خبراؤنا مرات عدة الأوضاع الأمنية في المبنى ركاب 2 في القاهرة ويقدمون تحليلاً إيجابياً». وكان السيسي ألقى كلمة خلال حضوره أمس جلسة خاصة نظمها منتدى أعمال تجمع «بريكس»، هيمن عليها الملف الاقتصادي، لافتاً إلى أنه «برغم تكلفة حربنا ضد الإرهاب بكل صوره، والعمل على استئصاله ونجاحنا في محاصرته، فإن استعادة الاستقرار والأمن في بلد بحجم مصر يزيد عدد سكانه على 93 مليون نسمة، لم يثننا يوماً عن التعامل الجاد وغير المسبوق مع الأزمة المزمنة في الاقتصاد. ولذلك قمنا خلال الفترة الماضية باعتماد مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الجذرية، وفق تشخيص ورؤية مصرية خالصة للأوضاع والمشكلات والحلول، مع اتباع خطة وطنية تمثل استراتيجية مصر حتى العام 2030». وأضاف السيسي أنه «نتج من اتباع هذه الاستراتيجية تحسن في مجمل أداء الاقتصاد المصري، لتبلغ نسبة نموه في تموز (يوليو) الماضي نحو 4.3 في المئة، فيما يصل حجم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى 36 بليون دولار». ولفت الى انه «رغم ذلك، لا زلنا نحاول السيطرة على معدلات التضخم وخفضها، مع العمل على خفض عجز الموازنة لأقل من 10 في المئة من إجمالي الناتج القومي». وبينما أقر السيسي بأن برنامج الإصلاح «له تكلفة اجتماعية عالية»، لكنه نبه إلى آثار شديدة السلبية حال تأخر اتخاذه، مشيراً إلى أن تحرير سعر الجنيه المصري أدى إلى زيادة تنافسية الصادرات المصرية وساهم كذلك في جذب الاستثمار الأجنبي بفضل خفض التكلفة.