على رغم تأكيده متانة العلاقات المصرية – الروسية، خصوصاً بعد إسقاط طائرة روسية فوق الأجواء المصرية، الا ان الاتفاق النووي الذي وقعه البلدان الاسبوع الماضي لم يكن الاول بينهما في هذا المجال، كما انه لم يكن أول اتفاق توقعه مصر لإقامة مفاعل نووي للأغراض السلمية. وعمل الرؤساء المصريون على مدى أكثر من نصف قرن على تأسيس مفاعل نووي سلمي لتنويع مصادر الطاقة، اذ بدأت المحاولات مع تشكيل "هيئة الطاقة الذرية" في العام 1954، التي أعقبها "اتفاق الذرة من أجل السلام" الذي وقعه الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في العام 1955 مع الاتحاد السوفياتي لإقامة مفاعل نووي للأغراض السلمية في منطقة برج العرب في الإسكندرية، لكنه تعطل بسبب الصراعات الاقليمية التي دخلت فيها البلاد. وفي السبعينات، اتفقت مصر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات مع الولاياتالمتحدة على إقامة محطة نووية في سيدي كرير، لكن المشروع لم ير النور بسبب خلافات بين الجانبين. وفي العام 1980 عاود السادات المحاولة، فأجريت دراسة شاملة للمشروع اختير خلالها 23 موقعاً يمكن تنفيذه فيها، ثم تم الاتفاق مع فرنسا على إنشاء محطة في منطقة الضبعة قدرتها 900 ألف كيلووات، لكن حادث تشيرنوبل أحبط الخطة، وتكبدت مصر خسائر كبيرة بسبب التأخر في تنفيذ المشروع. وفي 2008، أعلن الرئيس المصري السابق حسني مبارك إحياء المشروع وإعادة تجديد الدراسات التي كلفت 800 مليون دولار، إلا أنه ظل معلقًا لأسباب غير معلومة حتى قيام "ثورة يناير" العام 2011. وفي الاسبوع الماضي، وقعت وزارة الكهرباء المصرية اتفاقاً مع "هيئة الطاقة الذرية" الروسية لإنشاء أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية تضم أربع مفاعلات في منطقة الضبعة في الساحل الشمالي الغربي من مصر، على بعد حوالى 260 كيلومتراً غرب الإسكندرية. ووقع البلدان أيضاً مذكرة تفاهم بين "هيئة الرقابة النووية والإشعاعية" في مصر و"الجهاز الفدرالي للرقابة البيئية والتقنية والنووية" في روسيا. وتوصل الطرفان إلى اتفاق تحصل بموجبه مصر على قرض روسي لتمويل إنشاء هذه المحطة، على أن يتم تسديده خلال فترة 35 عاماً. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن "الهدف من التوقيع اليوم رسالة أمل وعمل وسلام لنا في مصر وللعالم كله"، مشيراً إلى أن "بناء محطة نووية سلمية كان حلماً منذ زمن طويل في مصر"، ومؤكداً أن "بناء هذا المفاعل يندرج في إطار برنامج نووي سلمي، ونحن ملتزمون التزاماً قاطعاً وكاملاً بتوقيعنا على اتفاق حظر انتشار الأسلحة النووية". وشهدت العلاقات بين القاهرةوموسكو تطوراً منذ تولي السيسي السلطة في العام 2014 ، إذ أجرى منذ ذلك الحين ثلاث زيارات إلى موسكو، بينما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القاهرة في شباط (فبراير) الماضي بزيارة هي الأولى لرئيس روسي الى مصر منذ 10 أعوام.