استلم إيان ماكيوان الأحد الماضي جائزة القدس في افتتاح معرض الكتب فيها، وحاول التعويض عن قبول الجائزة المثيرة للجدل بالإرضاء المستحيل للطرفين. قال إن الفرح يغمره لاعتباره جديراً بها، وهاجم سياسة إسرائيل المتعلقة بمصادرة أراضي الفلسطينيين وشرائها، وطردهم من القدسالشرقية، ومنح حق العودة لليهود دون الفلسطينيين. قابل الحضور، الذين كان بينهم رئيس الدولة شمعون بيريز، خطابه بصمت مؤدّب ولكن متوتر، وفق صحيفة «هآرتز»، وكان عليهم سماع المزيد. أتى الكاتب البريطاني ليتعلم ويحاور، ولكن ثمة «خطأ جسيماً يرتكب حين تدخل السياسة أقصى جوانب الوجود». رافق ماكيوان الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان الى التظاهرة الأسبوعية في محلة الشيخ جرّاح، في القدسالشرقية، احتجاجاً على إجلاء الفلسطينيين منها. حاول الاقتراب من المنازل التي صادرتها إسرائيل فمنعه رجال الأمن. قال إنه سيزور القدسالشرقية والضفة الغربية مجدّداً خلال زيارته. رأى فائدة أكبر في زيارتها ومناقشة سياستها من عزلها ومقاطعتها بسبب احتلالها الأراضي الفلسطينية. «أعرف تماماً أننا لا نستطيع عزل (الأدب) لكن طغيان السياسة على كل زوايا الحياة إشارة سيئة. لا أشعر بأنني أؤيّد كل جوانب السياسة الإسرائيلية الداخلية والخارجية (...) ولكنني أعتقد أن تصحّ مناقشتها. مثل معظم الناس أريد لإسرائيل الازدهار، ويقلقني وصول الأحداث الى ورطة». عارض ماكيوان المستوطنات غير الشرعية، وأيّد الحوار والسعي الى طرق تمكّن الأدب من عبور الخلافات السياسية. من الخطأ الجسيم، قال، الخلط بين الشعوب وحكوماتهم، وعلى إسرائيل استخدام طاقة مبدعيها العلماء والموسيقيين والكتاب والفنانين في عملية السلام. ما لا يرى تلتقط كاميرا ماري القديمة في «الصندوق» المترجم الى الإنكليزية عن دار هارفل سيكير، بريطانيا، «ما هو غير موجود، وترى ما لم يكن (...) صندوقي كالرب يرى كل ما كان، ما يكون، وما سيكون». شاء غونتر غراس «الصندوق» سيرة روائية وتتمة ل «تقشير البصل» الذي اقتصر الاهتمام به على قول الكاتب الألماني إنه انضم الى ميليشيا الحزب النازي حين كان في السابعة عشرة. في مشهد من الكتاب يمرح أولاده الثمانية الصغار في الملجأ وهم يعتمرون خوذاً من فولاذ. قد تكون الصورة استرجاعاً للمقاتل المراهق وإن نفى غراس ذلك. تعلّم طفلاً البناء، وموّل دراسته الجامعية من حراسة المقاهي الليلية. نحت ورسم وكتب الشعر والمسرحية والخطب السياسية، وأنجب ثمانية أولاد من نساء عدة. يتخيلهم «الصندوق» متحلقين حول طاولة المطبخ، يحاولون جمع صورة الوالد من النتف التي يعرفونها. كان العجوز محباً، لكن كتبه جذبته أكثر مما فعل أولاده. لم يلعب معهم، وصعب التأكد مما إذا أصغى إليهم حقاً أو تظاهر بذلك. «كان يا ما كان، كان هناك أب تقدم في السن، ودعا أبناءه وبناته - أربعة، خمسة، ستة، ثمانية». يروي هؤلاء حكايتهم مع الوالد الذي يشعر بالذنب لإهمالهم، وتتشابه أصواتهم لأن مصدرها واحد. «كلهم نتاج نزوة الأب، يستخدمون كلمات وضعها في أفواههم، لكنهم عنيدون أيضاً، وعازمون على عدم مراعاة مشاعره على رغم حبهم له». الصندوق كاميرا «أغفا» من ثلاثينات القرن العشرين تملكها ماري، صديقة غراس المتوفاة، وتستحضر بها الماضي أو تتنبأ بالمستقبل. تشكو إحدى بنات غراس من كلبها الذي يختفي باستمرار، فتلاحقه الكاميرا. تكتشف أنه يركب القطارات ويطوف في المدينة، متجنباً جدار برلين، الى أن يجوع فيعود الى البيت طلباً لعشاء كبير. يبرز المرح في مواقف عدة منها جنازة زوج ماري. يشارك غراس في حمل التابوت، ويواجه المشيّعين ليرثي صديقه. لكنه يشعر بالعطش، ويتحدّث بتلقائية وتفصيل عن أنواع المشروبات التي أحبها الراحل. على بعد دقائق من الكنيسة كان البناؤون يرفعون جدار برلين الذي سيهدم مع انتقال الكاميرا الى جيل الأبناء. في الصيف الماضي أصدر غراس «كلمات غريم: إعلان الحب» عن الأخوين جاكوب وويلم غريم اللذين نشأ الكاتب وهو يقرأ كتبهما. بدأ الأخوان تأليف قاموس أوقفه الموت في الحرف السابع، واشتهرا أساساً بالخرافات التي سحرت الأطفال، صغاراً وكباراً. نقلت «سندريللا» و «الأمير الضفدع» و «الجميلة النائمة» و «بيضاء كالثلج» تكراراً الى السينما والتلفزيون، وبنيت على صراع الخير والشر، لكنها حوت شخصيات معقدة، قاتمة. في الثالثة والثمانين يكتفي غراس بالنظر خلفه، ويقول إن كتابه عن الأخوين آخر مؤلفاته في السيرة الذاتية. زمن الهاتف النقال ينتقل دانييل كلمان من القرن التاسع عشر في «قياس العالم» الى آخر تطورات التكنولوجيا في القرن العشرين في مجموعته القصصية الأخيرة التي رآها «رواية في تسع حكايات» لأسباب تجارية ربما. «شهرة» الصادرة بالإنكليزية في بريطانيا عن «كويركوس» تدور في مناخ غرائبي يمزج الافتراض بالواقع ويغيّره. لا يفهم التقني إبلنغ الإقبال على الهاتف النقال، ولصق مصدر للإشعاع بالرأس أطول مدة ممكنة. عندما يخضع للعدوى بعد أعوام ويشتري واحداً، يرن الهاتف باستمرار ويطلب المتصلون التحدث الى رالف. يجد الأمر مخيفاً، فالهاتف يجعل كل شيء غير حقيقي حتى هو نفسه. رالف ممثّل سئم الشهرة، واقتنع بأن كل صورة تلتقط له تضيف الى عمره، وتتعب وجهه. في لعبة مألوفة ومبتكرة في آن عن ضياع الممثلين بين حقيقتهم وأدوارهم، يتنكّر ويشترك في مسابقة «شبيه رالف تانر» ويأتي في المركز الثاني! تقوم كاتبة ألمانية شهيرة بجولة أدبية في دولة شيوعية في آسيا الوسطى حيث تضيع وتجد نفسها شخصية كافكاوية. لا تعرف لغة أهل البلاد، ولا سفارة ألمانية فيها، والمفارقة أن كتبها المترجمة في المكتبات لا تحمل صورتها. ليو ريكتر كاتب مدع، يبحث عن مادة كتابية في كل ما يفعله، ويُسأل السؤال نفسه في الأمسيات الأدبية. من أين تأتيه الأفكار؟ يكتب عن معلمة متقاعدة تمرض وتشرف على الموت. تنوي الذهاب الى سويسرا لتموت بمساعدة طبيب قبل استفحال السرطان، لكن الطبيب يختفي وهي ترفض الموت. لماذا لا يشفيها المؤلف أو ينقلها إلى قصة أخرى؟ تعيش روزالي داخل الأدب وخارجه مثل شخصيات بيرانديللو التي تبحث عن دور، وتنتصر على الكاتب». عندما يتعلّق الأمر بالموت تصعب إثارة إعجاب روزالي». يفكر أنها كان يمكن أن تكون قصة جيدة، عاطفية قليلاً، يقابل مرحها الشجن، وتوازن قسوتها لمسة فلسفة. بما أن القصة تغيّرت، يقول لروزالي، لمَ لا تعودين شابة وتبدأين حياتك مجدّداً؟ يعيَّر كلمان (35 سنة) بألمانيته لدى مدح حس المرح البارز في أعماله لافتقار الألمان الى النكتة في مخيلة الآخرين. في مشهد من المجموعة تصعد شابة شبيهة بالأميرة ديانا الى المسرح وتغني: «عيد ميلاد سعيد، سيدي الرئيس» في إشارة الى مارلين مونرو وجون كينيدي. «واضح أن الأمور اختلطت» يقول الراوي. شبّه كلمان بنابوكوف وبروست، وكتب خمس روايات باعت آخرها «قياس العالم» مليوناً ونصف مليون نسخة، ونالت مع قصصه إعجاب النقاد والقراء معاً. وقت آخر درس جيمس فرانكو الكتابة الإبداعية في جامعة كولومبيا، ويعد رسالة الدكتوراه في جامعة يال. رسّام وكاتب أفلام قصيرة يخرجها، وممثل اشتهر بدور هاري أوزبورن في «سبايدرمان». يجد ابن الثانية والثلاثين وقتاً آخر في الساعات الأربع والعشرين ليكتب أيضاً. باكورته «بالو ألتو» الصادرة في بريطانيا عن دار فابر وفابر ترصد خواء مراهقين يخبرون الحياة طولاً وعرضاً ولا يحسون بشيء. أدى فرانكو دوراً مماثلاً في مسلسل «فريكس أند غيكس» في أول عشريناته، واستعاد أبشع ما في المراهقة الأميركية التي تزيد الهوة مع الآخرين، وتفشل في نيل ذرّة تعاطف واحدة. تدور القصص في بالو ألتو، كاليفورنيا، حيث نشأ فرانكو، وتزخر بالمخدرات والجنس والعنف وبلادة الضمير. يتذكّر ريان كيف قاد سيارته بعدما أفرط في الشرب ودهس أمينة مكتبة. يهرب وينجو بجريمته، وحين يمر في مكان الحادث بعد عام لا يجد ما يقوله غير: «أو يي، هنا كان الحادث». يصادق مراهق جذاب فتاة أميركية فييتنامية، وبعد أن ينام معها يعرّفها الى جلسات الجنس الجماعي. يعتقل بتهمة الاغتصاب ويطلق لانعدام الأدلة. «كنت شاباً لطيفاً» يقول «لم يجبر أحد بام على القيام بشيء». يقدّم فرانكو شهادة عن المراهقة الحائرة، المدمرة للذات، ويتجنب توجيه الرسائل الأخلاقية المباشرة. يهجم فتى بسيارته على الحائط لكي يشعر بشيء، ويقرأ آخر كيرواك وفوكنر، لكنه يرسم الأعضاء الجنسية على الكتب في المكتبة. رأت «واشنطن بوست» المجموعة هاوية، غير ناضجة، في حين وجدتها «ذي أوبزرفر» البريطانية بداية واعدة».