كثيراً ما يرتبط الناس ببعضهم على أساس ما يجمعهم من الاهتمامات ويتشاركونه من العادات، وهو الأمر الذي تحقق لعشرات الفنانين في «أرباب الحرف»، وهو مشروع لأنسنة الحياة وملتقى للحرفيين والفنانين في جدة، ويهدف لخلق بيئة رائعة للطاقات الواعدة. هذا هو الوصف الرسمي للمجموعة التي تجتمع في مقهى يحمل الاسم نفسه، أسسه الشاب السعودي عبدالله الحضيف بداية العام 2017 بعد أن قدم من بعثته في استراليا. الحضيف مهندس معماري يحب الفن ويتتبعه في مصر والخليج وبلاد أوروبا البعيدة، في مدينته جدة يشعر بالغربة، لا أماكن يؤوي إليها وهو المتعطش للفن والفنانين. أحياناً يزور جدة القديمة، يجد فيها شيئاً من الفن في الرواشين والنوافذ وزوايا البنايات التي لم تبن بجمود وعبث كما يحدث في أحياء جدة الجديدة. لم يمكث طويلاً قبل أن يتصرف بدافع شغفه وتعلقه بالفن، وأسس مجموعته الخاصة «أرباب الحرف» وكان المشروع تحدياً بالنسبة له، إنه يبني فردوسه بيديه. تقول يارا وهي من مرتادي المقهى الفني في حديثها ل«الحياة»، إن أرباب الحرف يعتبر مكاناً فنياً أكثر من كونه مقهى، يتميز كافيه أرباب الحرف بتوفير الإمكانات والتجهيزات اللازمة لإقامة كل الدورات التدريبية والفنية في مختلف المجالات، إضافة لكونه مقهى يقدم أنواع القهوة الفاخرة والمختارة بعناية، يقدم لمرتاديه في مساحة غنية بأعمال يدوية وفنية لفنانين موهوبين تُعرض للبيع، كما أنه يوفر الأجواء المناسبة للقراءة. وأضافت: «شاركنا في اقامة معارض فنية في العديد من الفعاليات الموسمية مثل معرض ارباب الحرف الذي اقيم في فعالية رقي التسامح في اعمار سكوير، والمشاركة في مهرجان حكايا مسك في جدة التاريخة لمدة اسبوع، والمشاركة في مهرجان حوافز الذي اقيم في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لمدة خمسة أيام، وفعالية حياة الشعوب في فلامنغو مول لمدة اسبوع، بمشاركة عدد من الفنانين برسم لايف». وتتميز الورش والدورات التدريبية التي يقدمها المقهى بأنها متنوعة ومثيرة للاهتمام، إذ تكاد تأتي على كل الفنون التي تتعاطاها المواهب الشابة في جدة، إذ يجد كل موهوب محلاً من روزنامة هذا المشروع الفتيّ، الذي ينمو بسرعة كما أنه يلبي كل الأذواق ويراعي كل الفئات العمرية، عبر دورات الصغار التي تقدم محتوى مناسباً وتدرجياً يتوافق وموهبتهم الغضّة الآخذة في النمو على عين الاهتمام والتدريب الواعي. وأنت تجلس في هذا المقهى، تحيط بك المشغولات واللوحات من كل جانب، تداعبك أغنيات هادئة في جرسها الموسيقي ولكنها تؤجج كل طاقاتك الكامنة لتظهر على سطح لوحة أو قطعة قماش تتعطش لجريان حبرك وأصباغك. كثيراً ما يلقى هذا المشروع كل تقدير وتكريم من عشاق الفن ورعاة المواهب، وأخيراً تم تكريم عبدالله الحضيف نيابة عن فريق أرباب الحرف من الامير فيصل بن سلطان وفوزية سندي لمشاركتهم في إحدى الفعاليات، وكثيراً ما توجه لهم الدعوات في المولات والمنتجعات والمناسبات العامة ليضفون طابعاً رقيقاً يكسر رتابة التجمعات التقليدية. يؤمن الحضيف وفريق عمله بدور الجمعيات والمبادرات الشخصية وعملها في خدمة المجتمع من خلال إقامة الدورات المجانية والمحاضرات التي تبني أخلاق الشباب وتنمي مهاراتهم وذلك وفقاً لتطلعات رؤية المملكة 2030. يقول الحضيف ل«الحياة»: «مشروعنا منصة لإعادة الجمال للأشياء، وخلق ملتقى دافئ لأرباب الحرف، كما نتطلع للتعامل مع كل من لديه الخبرة والمعرفة في صناعة الحرف اليدوية؛ لنبدأ معاً في إعادة تعريف جمال الأشياء اليدوية ونحِد من موجة انتشار السلع الاستهلاكية نحو منتجات ذات قيمة تشبع العاطفة وتخلق دخلاً كريماً للصنّاع. نبحث عن الأعمال الفنية الفريدة، سواء كانت لوحات تشكيلية أم أعمالاً نحتية، أو حرفاً تعليمية، أو أعمال النسيج، والحياكة، والخط العربي، ونقش الزجاج والمجوهرات والفخار والصدف، وكل ما يدخل في إطار الجمال وصناعته.