علمت «الحياة» أن تعديلات أجريت على برنامج الحزب الذي ينتظر أن تطلب جماعة «الإخوان المسلمين» تأسيسه خلال أيام، تحت مسمى «حزب الحرية والعدالة»، وتضمنت إعادة النظر في رؤية إدارة شؤون الدولة وعلاقاتها الخارجية. وأفيد أن هناك اتجاهاً قوياً لإلغاء «مجلس العلماء» الذي تضمنه البرنامج القديم وكان يتولى مهمة مراجعة القوانين التي تصدر من البرلمان لضمان عدم تعارضها مع الشريعة الإسلامية، وانتخاب شيخ الأزهر، لكن يد التعديل لن تطاول رفض «الإخوان» لترشيح الأقباط والنساء لرئاسة الجمهورية، وهو موقف كان أثار جدلاً واسعاً، حين أعلنته الجماعة للمرة الأولى في العام 2007. وسيكون الحزب بمثابة «الذراع السياسية» للجماعة التي ستستمر في نشاطها الاجتماعي والدعوي، كما أن الحزب لن يتزعمه بديع ولا نوابه الثلاثة (الدكتور رشاد البيومي ومحمود عزت وخيرت الشاطر) كما أن الهيئة العليا للحزب لن تضم تلك الأسماء. ومع رحيل النظام السابق، بدأت جماعة «الإخوان» تنظر إلى الانفتاح الحاصل في البلاد على أنه «نعمة» لا بد من استغلالها للحصول على حق المشاركة العلنية في المشهد السياسي بعد سنوات من النضال، لكن في الوقت ذاته قد تتحول تلك «النعمة» إلى «نقمة» مع اتجاه بعض أعضاء الجماعة الذين كانو يعبرون خلسة عن رفضهم لسياسات قادة «الإخوان» إلى الانشقاق عنها، كما سيكون على أكبر حركات المعارضة مواجهة منافسة شرسة من التيارات السياسية الناشئة التي يقودها الشباب، فالمواجهة لن تكون محصورة بين الحزب الوطني والجماعة مع مناوشات من الأحزاب، مثلما كان الحال خلال سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وبحسب قيادات إخوانية تحدثت إليها «الحياة»، فإن الجماعة تتعمد عدم الظهور في صدارة المشهد خلال الفترة الحالية لعدم إثارة الخوف في الداخل والخارج، ما يؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية، لكن على ما يبدو فإن فتح المجال السياسي أمام مشاركة الجميع، سيجلب المشاكل للجماعة التي ظلت تتحرك طوال العقود الماضية «كالبنيان الواحد»، وكان «التنظيم» والقدرة على الحشد أهم ما يميزها عن باقي التيارات. وبدأت حركات تمرد داخل القواعد الشابة ل «الإخوان» تظهر على السطح بسبب إصرار هؤلاء على لعب أدوار بارزة، كما ظهرت خلال الأيام الماضية حركات «انفصالية» يقودها شباب في الجماعة أبدوا رغبتهم في العمل بمعزل عن التنظيم. وكان المرشد العام أعلن أول من أمس تأسيس حزب للجماعة تحت اسم «الحرية والعدالة». وقال بديع أمس أن مكتب الإرشاد (أعلى هيئة في الجماعة) اتخذ الاثنين قراراً بالبدء في الإعداد لإنشاء الحزب، في خطوة تؤكد تخلص «الإخوان» من وصمة الحظر. وأكد أن هذه الخطوة «تأتي اتساقاً مع توجهات وسياسات الجماعة المتخذة التي تقضي بأن تُنشئ حزباً سياسياً يلبي رغبات وآمال وطموحات الشعب المصري في مستقبل أفضل وغد مشرق». وكشفت مصادر قيادية في الإخوان ل «الحياة» عن أن الشكل النهائي للحزب وبرنامجه الذي يشرف على إعداده المكتب السياسي للجماعة بزعامة عضو مكتب الإرشاد عصام العريان سيخرج للنور خلال أسابيع، لكن وفق ما أعلنته المصادر، فإن التعديلات تبقى «شكلية» إذ أنها لن تطاول النص الذي يحظر على الأقباط والمرأة الترشح للرئاسة، لكن المصادر أشارت إلى إمكانية توضيح هذا النص «باعتبار أن هذه هي وجهة نظر الجماعة، لكنها ستعترف برئيس قبطي أو امرأة في حال اختار المصريون ذلك في انتخابات حرة ونزيهة». وأوضحت أن «المكتب السياسي يعكف الآن على المراجعة النهائية للبرنامج في شكله الجديد قبل طرحه خلال أيام، أمام مجلس الشورى العام للإخوان للاستفتاء وأخذ الرأي، على أن يقره في النهاية مكتب الإرشاد». وأكدت المصادر أن «الحزب الجديد لن يكون بديلاً من الجماعة التي ستستمر في نشاطها الاجتماعي والدعوي». ولفتت إلى أن «باب الحزب سيكون مفتوحاً أمام المصريين بجميع طوائفهم سواء مسلمين أو أقباطاً، وهناك مساع سيجريها الإخوان لضم عدد من الأسماء القبطية في محاولة لطمأنة الجميع»، لكن المصادر نفت إجراء أي اتصالات مع نائب المرشد السابق الدكتور محمد حبيب ولا القيادي السابق في الجماعة الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح اللذين استبعدا من الانتخابات الداخلية التي أجريت مطلع العام الماضي وشهدت سيطرة «الجناح المتشدد» على مقاليد صناعة القرار.