بدأت أمس في باريس اجتماعات وزراء مال مجموعة العشرين، التي ترأسها فرنسا هذه السنة، وستركز المناقشات على مدى يومين، على إجراءات تساهم في إصلاح النظام المالي العالمي، واستقرار أسعار المواد الأولية والأساسية، وصيغة تنسيق بين الدول لتفادي أي أزمة في المستقبل. وأكد مصدر فرنسي رفيع المستوى ل «الحياة» أمس، أن المناقشات بين وزراء المال ومحافظي المصارف المركزية في الدول الأعضاء في مجموعة العشرين تتمحور حول ثلاثة مواضيع أساسية، أولها إصلاح النظام المالي العالمي الذي يشهد خللاً لعدم إدخال عملات الدول الناشئة مثل اليوان الصيني في النظام، علماً أن الدولار يبقى العملة المهيمنة. لكن المصدر رأى ضرورة تحوّل اليوان بداية الى عملة محررة مثل العملات الباقية، لذلك يجب التفكير في سلّة عملات وليس عملة واحدة، على رغم بقاء الدولار العملة المسيطرة. والموضوع الثاني على جدول أعمال المناقشات التي تبدأ اليوم رسمياً، يتمثل بحسب المصدر، في استقرار أسعار المواد الأولية الزراعية والطاقة، والنظر في كيفية إيجاد حلول لتفادي التقلبات وهشاشة الأسعار. وأشار إلى وجود دول ناشئة تنتج مواد زراعية، لا تريد حلاً لاستقرار أسعار هذه المواد، فيما يسيء ارتفاع أسعار الطاقة في شكل كبير، إلى المستهلكين والمنتجين. وأشار المصدر نفسه، إلى أن موضوع النمو هو محور مناقشات تحديد المستوى المقبول وغير المقبول، مشيراً إلى أن نمو الصين تراوح بين 9 و10 في المئة، على حساب باقي العالم، لأن العملة غير مرنة ومحددة. وأضاف: «هذا غير مقبول ويجب تغييره». وخلص إلى أن الموضوع الثالث على جدول أعمال اجتماعات باريس يركز على إيجاد تنسيق أفضل بين الدول في إدارة اقتصاد العالم لتوقع الأزمات والتمكن من تفاديها. ورأى أن المؤتمر «لن يؤدي الى نتائج ملموسة لهذه المواضيع»، موضحاً أن فرنسا ستضع على الطاولة المواضيع والتحديات للنقاش والأهداف التي تتمنى مجموعة العشرين التوصل إليها في نهاية هذه السنة مع البحث في المعوقات والأمور المسهّلة. وافترض وزير الاقتصاد الياباني يوشيهيكو نودا، بحسب ما نقلت عنه وكالة «رويترز»، «ألا تتفق المجموعة على كل المؤشرات لإصلاح الاختلال المالي العالمي»، لكن لم يستبعد «إمكان الاتفاق على بعضها». ولفت نودا في لقاء مع الصحافيين على هامش الاجتماع، إلى أن المناقشات بين وزراء المال «سترتكز على اقتراحات مجموعات العمل، لاستخدام مؤشرات مثل التوازن المالي والاحتياطات الأجنبية ومعدل المدخرات». وأشار إلى أن من خلال مناقشات مجموعات العمل «خرجت بانطباع بأن الدول منقسمة حالياً الى نصفين في وجهات نظرها». وتمسكت ألمانيا بموقفها قبيل محادثات المجموعة في شأن اختلال الاقتصاد، إذ أكد مصدر ألماني أن برلين «لن تقبل بأقل من اتفاق على قائمة كاملة من المؤشرات لاستخدامها في قياس هذا الاختلال، ومن بينها اختلال أسعار الصرف». وأعلن مصدر ألماني في تصريح إلى وكالة «رويترز»، «دعم العمل للوصول إلى إطار (للاختلال)، لكن نريد تبني مجموعة المؤشرات الخمسة بكاملها». ورأى أن من الصعب «تصوّر استبعاد بعضها مثل المؤشرات المتعلقة بالعملة والتمسك بتلك المتعلقة بالمعاملات الجارية». وعلى هامش اجتماعات مجموعة العشرين، التي تشارك فيها السعودية، وقع وزير المال في المملكة ابراهيم العساف مع نظيرته الفرنسية كريستين لاغارد اتفاقاً، يقضي بإعفاء الممتلكات السعودية العقارية من ضريبة 3 في المئة كانت فرنسا تفرضها عليها، واتفاقاً آخر لتبادل المعلومات المتعلقة بالتحرر الضريبي. وأعلن العساف في تصريح إلى «الحياة» أمس، أن «الاتفاق وُقع بين السعودية وفرنسا منذ 30 عاماً، يتعلق بتفادي الازدواج الضريبي». لكن لفت إلى «نقطتين لم تكن واردتين في الاتفاق الأول وتتعلقان بإعفاء الممتلكات العقارية السعودية في فرنسا من ضريبة العقار وبتبادل المعلومات في شأن التهرب الضريبي»، مؤكداً «الاستمرار في تبادل المعلومات حول هذا الموضوع». ووُقع الاتفاق على هامش مؤتمر مجموعة ال 20 ، التي تترأسها فرنسا وتشارك فيه السعودية. وأكدت لاغارد، في مستهل لقائها مع العساف، أن الدور السعودي «سيكون مهماً في المجموعة، لأن خطتها تقضي بالبحث عن مزيد في الاستقرار وتقليص الخلل في التوازن، على أن يرتكز ذلك على استقرار أسعار السلع والمواد الأولية، منها السلع الزراعية والنفط والغاز، وهنا تلعب السعودية دوراً مهماً».