قال طلاب ينتمون لأقلية الأويغور المسلمة في الصين ومنظمة «هيومن رايتس ووتش» إن السلطات المصرية ألقت القبض على عشرات من زملائهم المقيمين في مصر هذا الأسبوع ما يثير مخاوف من احتمال ترحيلهم إلى الصين حيث يخشون أن يكون مصيرهم السجن. ووفقاً لطلاب من الأويغور والمنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان التي مقرها نيويورك، فإن الاعتقالات بدأت في الثاني من تموز (يوليو)، وإن السلطات اعتقلت طلاباً غالبيتهم من الذكور من محال تجارية ومطاعم ومساكن للطلاب في القاهرة. وقال طلاب ل «رويترز» إنه تم أيضاً احتجاز طلاب من الأويغور في مطاري القاهرة والإسكندرية أثناء محاولتهم الفرار بعد بدء الاعتقالات. ولم يصدر تعقيب حتى الآن من السلطات المصرية. ويتحدث الأويغور لغة مشتقة من التركية ويعيشون في منطقة شينغيانغ في أقصى غرب الصين. وتوفي المئات من الأويغور الذين يقدر عددهم بحوالى عشرة ملايين شخص في شينغيانغ في السنوات القليلة الماضية غالبيتهم في اضطرابات بينهم وبين غالبية الهان العرقية الصينية. واتهمت حكومة بكين متشددين بالمسؤولية عن الاضطرابات، بينما قالت جماعات حقوقية ومنفيون إن الغضب من قيود صينية مشددة على الممارسات الدينية وثقافة المسلمين هو السبب الرئيس. ودأبت السلطات الصينية على نفي أي قمع في شينغيانغ. وقالت الباحثة في شؤون آسيا في «هيومن رايتس» مايا وانغ إنه «في الأشهر الماضية أمرت السلطات الصينية الطلاب الأويغور الذين يدرسون بالخارج ومنها مصر بالعودة إلى البلاد. هناك تقارير بأن السلطات الصينية احتجزت أفراداً من أسر هؤلاء الطلاب لإجبارهم على العودة». وقالت «هيومن رايتس» إنه لم يتضح سبب إقدام السلطات المصرية على الاعتقالات الجماعية هذا الأسبوع. وقالت مايا وانغ: «أوضاع معاملتهم وأماكنهم وأحوالهم غير معروفة، لكننا نعتقد أن الكثير منهم سيواجهون الترحيل قريباً». وتواجه مصر تمرداً متزايداً يتركز في منطقة سيناء. وفر عبدالله، الذي طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي خوفاً على أهله في الصين، إلى تركيا بالطائرة الأربعاء الماضي مع حوالى 20 آخرين منهم نساء وأطفال بمجرد سماعهم عن الاعتقالات. وقال إن آخرين لم يحالفهم الحظ. وأبلغ «رويترز» عبر تطبيق «واتساب» للرسائل الفورية: «احتجزت الشرطة المصرية حوالى 30 شخصاً جميعهم شبان في المطار (الخميس) وأعلنت أنهم سيعادون إلى الصين». وأظهرت تسجيلات فيديو نشرها طلاب ونشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي رجالاً قيل إنهم من الأويغور يجلسون على ظهر شاحنة وأيديهم مكبلة وراء ظهورهم. وظهر في تسجيلات فيديو أخرى ما بدا أنهم أناس بعضهم راكعون والبعض الآخر واقفون في مجموعات بعد احتجازهم. وقال فخر الدين الرازي وهو طالب من الأويغور في «جامعة الأزهر» في القاهرة: «الصينيون نقلوا إلى مركز شرطة ويتم الآن الإعداد لترحيلهم إلى الصين. سوف يعيدوهم إلى الصين حيث سيواجهون تهم الإرهاب وسوف يسجنون أو يعدمون». وما زال الرازي في القاهرة وقال عبر «واتساب»، إن الأويغور في مصر خائفون لأنهم يعرفون المصير الذي ينتظرهم في الصين. * دراسات إسلامية في مصر جاء عبدالله إلى مصر عام 2011 لتعلم اللغة العربية وتلقي دراسات إسلامية في «جامعة الأزهر» نظراً إلى عدم السماح بمثل هذه الدراسات في الصين. وقصته مطابقة للطلاب الذين تم اعتقالهم هذا الأسبوع. وقال إن لديه كل التصاريح الضرورية من مصر والصين للإقامة والدراسة في القاهرة لكن الصين بدأت العام الماضي حملة على الطلاب الأويغور في الخارج وعلى أسرهم في الداخل. وقال عبدالله إنه لم يتحدث مع أسرته في الصين منذ حوالى عام لهذا السبب. وأضاف أن السلطات الصينية بدأت بالقبض على أناس يرسلون أموالاً إلى طلاب يدرسون في الخارج. وأضاف: «طُلب من بعضنا، تحت ضغوط، العودة إلى الصين... وتحت إكراه تعرضت له أسرهم عاد بعض زملائي وظل بعضهم في مصر، وفر بعضهم الآخر إلى دول مجاورة مثل تركيا». وقال إن السلطات الصينية ألقت القبض على بعض العائدين وحكمت عليهم بالسجن غالبيتهم بسبب دراساتهم الإسلامية. وأضاف أن الحملة التي شنتها السلطات المصرية كانت مفاجئة له، موضحاً أن الذين لم يتمكنوا من الفرار من مصر تركوا منازلهم خشية اعتقالهم. وقال طالب أزهري آخر فر من البلاد، لكنه رفض ذكر اسمه، إنه يريد مواصلة دراساته، لكنه يرى أن من المستحيل العودة إلى مصر في الوقت الحالي. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ حينما سأله الصحافيون أول من أمس عما إذا كان صحيحاً أن مصر احتجزت طلاباً من الأويغور: «وفقاً لما أعرفه في الوقت الحالي فإن السفارة الصينية في مصر أرسلت بالفعل مسؤولين قنصليين للقيام بزيارة قنصلية». ولم يقدم تفاصيل. وذكرت وسائل إعلام رسمية مصرية أن وزارة الداخلية المصرية وقعت في أيلول (سبتمبر) على اتفاق تعاون فني مع وزارة الأمن العام الصينية يشمل دعماً صينياً للجهود المصرية لمكافحة الإرهاب وتوثيق التعاون الأمني. وسافر مئات وربما آلاف من الأويغور الساعين إلى الفرار من الاضطرابات في شينغيانغ في الخفاء عبر جنوب شرقي آسيا إلى تركيا التي يوجد فيها عدد كبير من المغتربين الأويغور. وعام 2015 أعادت تايلاند حوالى مئة من الأويغور إلى الصين في خطوة أثارت الغضب في تركيا وزادت القلق بين منظمات حقوقية وفي الولاياتالمتحدة في شأن احتمال تعرضهم لانتهاكات. وقالت الصين في وقت لاحق إن بعضهم مشتبه بهم في جرائم «إرهابية». وقالت مايا وانغ إن «للصين سجل في التعذيب والإخفاء والاعتقال التعسفي للأويغور، فضلاً عن الطبيعة المسيسة للإجراءات القضائية في قضايا سابقة شملت ترحيلاً قسرياً، ما يثير قلقاً شديداً من احتمال أن يتعرض هؤلاء الأفراد لتعذيب أو معاملة سيئة إذا تم ترحيلهم».